يحاول النظام السوري، بكل ما أوتي من دهاء، أن يلعب ورقة الطائفية لإعطاب الثورة القائمة ضده. وبحسب ناشطة مسيحية سورية، عرض النظامأسلحة على المسيحيين رفضت الكنائس تسلمها. فالمسيحيون فئة بين فئات المجتمع السوري تتطلع إلى الحرية والكرامة والعدالة.
باريس: المسيحيون مشاركون فعليًا في الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد. هكذا قالت سمر ذياب، الناشطة المسيحية في المعارضة السورية، موضحة أنها ثورة quot;لا تعرف صراعات طائفية، ثورة كل فئات الشعب السوري وليست ملك فئة معينةquot;.
وبحسب ذياب، ظل النظام يدّعي حماية الأقليات، quot;لكنه في واقع الأمر لم يحمِ المسيحيين ولا الدروز ولا السنة ولا حتى العلويين، بل حاول اللعب بورقة الطائفية، ولم ينجح في ذلكquot;.
وتشير ذياب إلى أن رئيس الوزراء في سوريا كان مسيحيًا قبل وصول حزب البعث إلى السلطة، وهو الأمر الذي لم يحصل منذ وصول البعث إلى الحكم.
ثورة غير طائفية
تستحضر ذياب نماذج من الدور الذي يلعبه المسيحيون اليوم في الثورة السورية. ففي درعا مثلًا، كانت الكنائس تستقبل الجرحى والمصابين بعدما تحولت ردهاتها مستشفيات ميدانية، وفي دمشق قدم المسيحيون الطعام، quot;واستشهدوا أيضًا لأن ثمة مسيحيين كثر في الجيش السوري الحرquot;.
وتؤكد سمر ذياب في هذا السياق أن هذه الثورة quot;لا تعترف بالطائفية، والجميع انصهر في بوتقة واحدة من أجل هدف واحد، إسقاط النظامquot;، لافتة إلى أن النظام السوري يحاول تخويف المسيحيين باستحضار النموذج العراقي، quot;كأنه يقول لهم لاحظوا ما وقع للمسيحيين في العراقquot;.
ثقة بالديمقراطية
ذهبت المناورات الجهنمية للنظام السوري أخطر من ذلك، إذ تفيد ذياب أنه حاول أخيرًا أن يوزع أسلحة على الكنائس، إلا أنها رفضت تسلمها، كما أن سعى أن يقوم بالأمر نفسه مع عائلات مسيحية منفردةquot;.
ولا تنفي الناشطة السورية المسيحية quot;وجود بعض الشخصيات الدينية المسيحية التي استفادت من النظام، وهي تدافع عنه خوفًا على مصالحها، إلا أن هؤلاء لا يمثلون كافة المسيحيين السوريينquot;. فهؤلاء ينظرون إلى مستقبل بلدهم بتفاؤل، لأن هذه الثورة قامت على مبادئ وحقوق، ونحن نسعى جميعًا إلى إحقاق الديمقراطية. وهذا لا يمنع ذياب من القول إن المسيحيين quot;متخوفون من مخاطر انتقال الحكم إلى الإسلاميين، إلا أن ذلك لا يبرر الوقوف إلى جانب نظام الأسد الاستبدادي وعدم إسقاطهquot;.
ثقة المسيحيين بالمستقبل في سوريا نابعة من قناعتهم بأن الديمقراطية إذا توافرت quot;ستمكن جميع السوريين من اختيار من يمثلهم، ومن لم يؤمن باللعبة الديمقراطية، أكانوا إسلاميين أو غيرهم، سيخضع لحق الشعب في انتخاب من يراه صالحًا للحكمquot;، بحسب ذياب.
ويتطلع المسيحيون السوريون إلى قيام دولة مدنية على مبادئ الحرية والكرامة والعدالة، تعترف بجميع مكونات الشعب السوري. وتشير ذياب إلى أن quot;نسبة المسيحيين في سوريا بلغت 15 في المئة قبل وصول البعث الى السلطة، فيما بلغت 8 في المئة قبل اندلاع الثورةquot;.
لا خوف على الأقليات
من جانب آخر، عبر عبد الرؤوف درويش، رئيس تجمع 15 آذار، عن أسفه لمحدودية الانخراط الفعلي للمسيحيين السوريين في الثورة، رادًا ذلك إلى مجموعة من عوامل أبرزها أن quot;قسمًا من المسيحيين يستفيد من النظام الحالي، وليس في مصلحته انهياره، كما هو شأن السنة، وقسمًا ثانيًا يتخوف من المستقبل المجهول وهو عامل تتقاسمه معه طوائف أخرى، وقسمًا ثالثًا أقنعه النظام بأكاذيب من قبيل أن ذهاب الأسد سيؤدي إلى وصول الإسلاميين أو السلفيين إلى السلطةquot;.
ويلفت درويش، الذي ينشط في باريس، إلى أن quot;المسيحيين استقبلوا عددًا كبيرًا من اللاجئين السوريين، الذين نزحوا نحو مناطقهمquot;، مؤكدًا أن المعارضة السورية قدمت كل الضمانات لهذه الشريحة من المجتمع السوري، quot;باعتبار أن الهدف هو بناء نظام تعددي تحترم فيه حقوق الأقليات سواء كانت مسيحية أو كردية أو شيعية أو غيرهاquot;.
ويتهم درويش الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، والد الرئيس الحالي، بأنه هو quot;الذي خلق إشكالية الأقليات وحول سوريا إلى مجتمع طائفيquot;، مؤكدًا أن لا خوف على الأقليات في سوريا ما بعد الأسد.
العنصر المسيحي مهم
يؤكد براء ميكائيل، الباحث المختص في شؤون الشرق الأوسط أهمية العنصر المسيحي في المجتمع السوري، quot;فالمسيحيون يمثّلون نحو 10 في المئة من مجموع السوريين، وهم بذلك أقلية لا يستهان بها عدديًاquot;.
وأشار ميكائيل إلى أن المسيحيين في سوريا quot;لم يوحّدوا موقفهم تجاه النظام، فهناك من يؤيّده، وهناك من يقف ضدّه، وبالتالي اضعف عدم توافق المسيحيين قوتهم كقوّة فاعلة في الظروف الحاليّة، على الرغم من بروزهم التاريخي في سوريا روادًا لفكرة القوميّة العربيّةquot;.
ويرى ميكائيل أن quot;أغلب المسيحيين مؤيّدون للنظام السّوري، إذ يتخوّفون من المجهول إن وصلت إلى السلطة مجموعات لا تضمن حقوق المسيحيين كأقليةquot;.
التعليقات