مسيحيو حلب يواجهون المعارضة السورية

خشية أن يواجهوا المصير نفسه كما في العراق، حمل مسيحيو حلب الأسلحة موحدين الصفوف مع الجماعات الأرمنية لمواجهة قوات المعارضة التي تقاتل لاسقاط نظام الرئيس بشار الأسد.


بيروت: للمرة الأولى منذ اندلاع الأزمة في سوريا في منتصف آذار من العام الماضي، حملت الطوائف المسيحية في مدينة حلب السلاح وشكّلت ميليشيات خاصة بها، ليس لإسقاط الأسد وإنما لمواجهة مقاتلي المعارضة.
كشفت صحيفة الـ quot;تليغرافquot; أن المسيحيين في حلب جندوا حراساً من حركة الكشافة لحماية الكنائس، ومع انتقال الحرب إلى المدينة وضواحيها، حصلوا على الأسلحة من الجيش السوري النظامي ووحدوا صفوفهم مع الجماعات الأرمنية لصد مقاتلي المعارضة.
شارك ما يصل إلى 150 مقاتلاً من المسيحيين والأرمن في القتال في الأسابيع الستة الماضية لمنع مقاتلي quot;الجيش السوري الحرquot; من دخول المناطق المسيحية في حلب.

وأشارت الصحيفة إلى أن quot;القوات الحكومية كانت قد أعلنت الشهر الماضي دحر مقاتلي quot;الجيش السوري الحرquot; في حي الجديدة المسيحي التاريخي، لكن مقاتلين في إحدى الميليشيات المسيحية ابلغوهم بأنهم هم الذين هاجموا المقاتلين أولاً في الحي.
ونقلت الصحيفة عن مقاتل أرمني يدعى جورج قوله quot;إن مقاتلي الجيش السوري الحر كانوا يختبئون في ساحة فرحات بحي الجديدة، وقامت الميليشيات المسيحية باقتحامها وتطهيرها لأنهم كانوا يهددون الكنائس، من ثم انضمت إليهم القوات الحكومية وأعلنت لاحقاً دحرهم على شاشة التلفزيون الحكوميquot;.

وأضاف: quot;الجميع يقاتلون بعضهم البعض ومن ضمنهم الأرمن، لاعتقادهم بأن مضطهديهم الأتراك أرسلوا الجيش السوري الحر لمهاجمتهم، كما أن المسيحيين يريدون الدفاع عن أحيائهم، وشبيحة النظام موجودة أيضاً للقتل والإغتصاب، إضافة إلى أن القوات الحكومية تحارب الجيش السوري الحر، وأصبح لحزب العمال الكردستاني ميليشيا خاصة به أيضاquot;.
وأشارت الصحيفة إلى أن معركة حلب أصبحت مريرة بعدما صار دور الجماعات الجهادية المسلحة أكثر وضوحاً من أي مدينة سورية أخرى، مما جعل الأقليات في حلب تخشى من مواجهة المصير نفسه الذي عانى منه المسيحيون في العراق جراء العنف الطائفي الذي اجتاح البلاد بعد الغزو عام 2003.

من جهته، قال رجل دين مسيحي سابق عرّف عن نفسه باسم quot;جونquot; ويعيش في بيروت الآن بعدما غادر حلب، إن quot;الأثرياء والأقليات في حلب، وخلافاً للتقارير، ليسوا كلهم مؤيدين للنظام، لكنهم شعروا بأنهم اضطروا لحماية أنفسهم من مهاجرين فلاحين يستخدمون الحرب لتدمير قلب المدينة المتطورةquot;.
وأضاف جون quot;أنا لا أدعم الحكومة، غير أن الجيش السوري الحر هو حفنة من البلطجية واللصوص، وقد شاهدت مقاتليه وهم يسرقون مصانع النسيج ويأخذون كل محتوياتها مثل الغاز والمواد وحتى آلات الخرزquot;.

وقت الرحيل؟

الجماعات المسيحية في سوريا والتي تمتد جذورها إلى أكثر من 2000 سنة إلى الوراء، تشعر بالقلق من أن نتيجة الحرب الأهلية في سوريا لا يمكن أن تكون سعيدة، وذلك بعد التجارب التي عانى منها المسيحيون في أماكن أخرى في الشرق الأوسط.
في هذا السياق، أشار موقع quot;هافينغتون بوستquot; الإخباري إلى ان المسيحيين في سوريا يخشون أن يكون مصيرهم كمصير مسيحيي العراق، مشيرة إلى أن الجماعات المسيحية تتجمع في الكنائس في سوريا خوفاً من القصف.
الزيارة المتوقعة للبابا بنديكتوس السادس عشر إلى لبنان لم تساهم في رفع معنويات المسيحيين الذين يملؤهم الخوف واليأس.

شغلت شخصيات مسيحية مناصب بارزة تحت حكم الأسد بما في ذلك وزير الدفاع داوود راجحة، الذي قتل في 18 تموز الماضي في تفجير أسفر أيضاً عن مقتل ثلاثة مسؤولين أمنيين كبار.
لكن هذا لا يعني أن جميع المسيحيين مؤيدين للأسد، فقد مارس بعضهم أدواراً قيادية في المعارضة السياسية لحكم الأسد، بما في ذلك الكاتب ميشيل كيلو الذي سجن في العام 2007 لأنه طالب بإصلاحات وكذلك جورج صبرا الذي ترشح لرئاسة المجلس الوطني السوري المعارض.
في رسالة مفتوحة إلى المسيحيين الأسبوع الماضي، قال صبرا انه لم يفت الأوان بعد ليعلنوا دعمهم وراء الثورة.

quot;مكانكم في المعركة الجارية من أجل الحرية في جميع أنحاء البلاد ما زال محفزظاً ومشاركتكم مطلوبة. ماذا يبقى من مسيحية المسيحي إذا لم يكن مع قضية الحرية وبناء بلده؟quot;
وتعمد السلطات السورية إلى نشر الخوف في صفوف المسيحيين من المسلمين في البلاد، بنشر أخبار ملفقة عن تنظيم القاعدة والسلفيين المتطرفين.
لكن هذه النداءات لم تلق الكثير من التجاوب، إذ نقل موقع الـ quot;هافينغتون بوستquot; عن يوسف، شاب مسيحي من دمشق، قوله: quot;انهم يريدون إجبارنا على الهجرة كما هو الحال في العراق لإفراغ المنطقة من المسيحيين. في البداية لم ندعم أي جانب، أما الآن، نريد أن نتسلح للدفاع عن أنفسنا بعد أن قتل العديد من أقاربناquot;.