رغم فرض الثوار السوريين هيمنتهم بالكامل على المنطقة الواقعة بين مدينة حلب والحدود التركية، إلا أن السكان هناك لا يشعرون مطلقاً بالأمان، نتيجة تهديدهم بصورة دائمة من جانب الجيش النظامي بالهجمات التي يتم شنها بواسطة الطائرات.
وهو ما علقت عليه اليوم صحيفة quot;كريستيان ساينس مونيتورquot; الأميركية بتأكيدها أن مسألة عبور الحدود إلى داخل سوريا من دون الحصول على موافقة الحكومة باتت من الأمور الخطرة للغاية، وأن ذلك بات الأمر الشائع في معظم الأماكن.
لكنها مضت تنوه بأن الأمور مختلفة تماماً عند أحد المعابر على الحدود الشمالية مع تركيا، بالقرب من بلدة كيليس، حيث توجد هنا لافتة عند المدخل المؤدي إلى الجانب السوري ترحّب بزوار quot;سوريا الحرةquot;. وأضافت الصحيفة أن العمال هناك يقومون بتسجيل أسماء الوافدين وختم جوازات سفرهم بالختم الخاص بهم.
ومنذ اندلاع أعمال القتل في مدينة حلب الشمالية أواخر تموز (يوليو) الماضي، نجحت قوات الجيش السوري الحر في إخراج القوات الحكومية من المنطقة الفاصلة بين حلب والحدود التركية، ما مكنها من فرض سيطرتها على ممر يقترب حجمه من ثلاثة أرباع حجم ولاية رود آيلاند. وبدأت تشكل المعارضة حكومات محلية ناشئة تقوم بكل شيء بدءًا من دعم الخبز وانتهاءً بتشغيل المحاكم الجنائية والسجون.
ثم لفتت الصحيفة إلى أن الحياة تبدو عادية تقريباً في مناطق كثيرة في سوريا الحرة. فعلى بعد أقل من 10 دقائق بالسيارة من بعض المناطق التي تشهد قتالاً محتدماً في حلب، هناك أسواق مفتوحة ورجال يجلسون على كراسي من البلاستيك في الشوارع الجانبية يتناولون الشاي ويشاهدون أطفالهم وهم يلعبون ويلهون أمام أعينهم.
غير أن كريستيان ساينس مونيتور عاودت لتقول إن تلك الإشارات الدالة على الاستقرار ربما تكون قناعاً أكثر من كونها الوجه الجديد لسوريا. فرغم طرد الجيش السوري الحر للقوات الحكومية من المنطقة، إلا أن المدفعية تشن هجماتها بصورة يومية، ما يشعر سوريا الحرة بأن شيئاً لم يتم تحريره أو بات في أمان.
ورغم توسلات قوات المعارضة، إلا أن المجتمع الدولي لم يظهر أي رغبة من جانبه في فرض منطقة حظر طيران أو تزويد الجيش السوري الحر بأسلحة مضادة للطائرات تسمح لهم بمقاتلة الطائرات الحكومية بأنفسهم، ولاسيما أن سلاح الجو التابع للرئيس الأسد يفرض سيطرته على الأجواء، ويبقى على مشاعر الخوف لدى السكان.
ففي إحدى القرى الصغيرة بالقرب من الباب، وهي واحدة من المدن الرئيسة في ما يطلق عليها سوريا الحرة، قال محمد مصطفى عويس إن عمليات القصف الثقيلة وغير المسبوقة دفعت شقيقه للهرب من المنزل خوفاً من استهدافهم بواسطة هجوم جوي، وأنهم لم يروه منذ ذلك الوقت، وأنه فعل ذلك دون علمهم، خشية أن نعترضه ونمنعه.
وأضافت الصحيفة أن عويس أو أيًّا من أقربائه لم يروا شقيقه منذ أسبوعين، وأن أحداً لا يعلم مكانه حالياً، وما إن كان قد توفي أو ما زال على قيد الحياة. ونظراً لعدم امتلاك شقيقه هاتفا محمولا وعدم وجود خدمة إنترنت في منطقتهم، لم يكن هناك خيار أمام أفراد العائلة سوى القيام بتمشيط القرى المحيطة على أمل العثور عليه في الأخير. وبعدما لم تسفر جهودهم عن شيء، فقد قرر عويس أن يرسل صورة شقيقه إلى مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا على أمل أن يتعرف إليه أحد ويخبرهم بمكانه.
وأوضح الناس كذلك أنهم لا يشعرون بالأمان حتى في مخيمات اللاجئين الموقتة المنتشرة على بعد مئات الياردات من المعبر الحدودي المؤدي لتركيا ويخضع لهيمنة الجيش الحر. ومع هذا، قال البعض إنهم سيبقون هناك، حتى إن قدم الأسد وحاول قتلهم مجدداً.
التعليقات