السيناتور ماركو روبيو معروف في الولايات المتحدة، لكنّ قلة تعرف أن اسمه كان مطروحًا بقوة ليكون نائب الرئيس إلى جانب المرشح الجمهوري ميت رومني. يتحدّث إلى إيلاف عن الشرق الأوسط، وعن إيران فإيران فإيران.


راين تشوت من تامبا (فلوريدا): ليس اسم السيناتور الأميركي الجمهوري ماركو روبيو اسمًا عاديًا في الولايات المتحدة، خصوصًا مع اشتداد المنافسة على كرسي الرئاسة في البيت الأبيض. فقد كان مقدّرًا لهذا السيناتور أن يكون شريكًا في السباق الرئاسي إذ طرح اسمه بين قلة كمرشّح لنيابة الرئيس، إلى جانب ميت رومني. وثمة من يتنبّأ بأن يكون روبيو نفسه مرشّحًا رئاسيًا في المستقبل القريب.

روبيو موجود بقوة على الساحة الانتخابية الحالية، حتى اختاره رومني ليقدّمه في المهرجان الانتخابي الجمهوري الأخير في تامبا، حين أعلن رومني قبوله رسميًا ترشيح الحزب الجمهوري له منافسًا للرئيس باراك أوباما في الانتخابات القادمة.

السيناتور ماركو روبير ومندوب إيلاف إلى تامبا (فلوريدا)
ومن موقعه القريب من دائرة القرار الأميركي، يستطيع روبيو الإيحاء، إن لم نقل التلميح، بما يدور في خلد الجمهوري رومني حول ما سيبقى ثابتًا في السياسة الخارجية الأميركية وما سيتحوّل، على الرغم من أن الجمهوريين يصبّون تركيزهم أكثر على رتق الاقتصاد الأميركي واستحداث الوظائف لخفض نسبة البطالة، وغير ذلك من المسائل الوطنية. لذا التقته quot;إيلافquot; في محادثة تكاد تكون جولة عامة على أفكار جمهورية مخبأة إلى ما بعد الفوز بالرئاسة.

في انغلاقنا موتنا

يلوم روبيو من يظنّ أنّ على الولايات المتحدة تقليص اهتمامها بما يحصل في العالم، وقصر جهودها على جبهتها الاقتصادية والاجتماعية الداخلية.

يقول لـquot;إيلافquot;: quot;لنتذكر دائمًا أن ما يحدث في كل أنحاء العالم يعنينا، لأن حياتنا تتأثر بالأحداث العالمية. فأمن مدننا متعّلقٌ جدًا بأمن المدن الأفغانية والباكستانية واليمنية مثلًا، وهذا ما يجعل انغلاقنا داخل حدودنا أمرًا مستحيلًاquot;.

وحين يذكر روبيو هذه المدن، ففي باله طبعًا صورة عامة للشرق الأوسط المتأجج ثورات شعبية، والمنقلِب على أنظمة قدُم عهدها. وهو لا يُبدي تفاؤلا حيال الوضع في دول تبدّل الحكم فيها، ودول تكافح لذلك. فهذا الوضع غير مستقر، ويرى روبيو أنه يستدعي تعاونًا دوليًا وثيقًا وسريعًا quot;لوقف الطغيان الدموي للرئيس السوري بشار الأسد، ولمدّ يد العون الاقتصادي لمصر كي تنجح فعليًا في إقامة نظام ديمقراطي حقيقي، ولوضع حد نهائي للطموح الإيراني بامتلاك السلاح النوويquot;.

نريد إسقاط النظام... السوري

يشدّد روبيو على هذا التعاون لأن الولايات المتحدة ليست ملزمة وحدها بحل كل هذه المشكلات، تمامًا كما يستحيل حلّ أيّ منها إلا بقيادة أميركية، خصوصًا في الموضوع الإيراني الذي يجب أن يبقى ماثلًا في الأذهان عند صياغة السياسة الأميركية الخارجية في الشرق الأوسط، كما يقول. يضيف: quot;التعامل مع المسألة السورية أبرز مثال على المقاربة المقصودة، فانهيار الأسد ضربةٌ قوية لطموحات إيران، ومن هذا المنطلق علينا دعم ثورة الشعب السوري ليسقط النظامquot;.

فوائد إسقاط الأسد

إلا أن روبيو لاحظ قلقًا متزايدًا في لجنة الشؤون الخارجية الأميركية إزاء التحديات التي ستطرحها مرحلة ما بعد الأسد، حتى طغى هذا القلق على استشعار الفوائد التي سيجنيها العالم أجمع من انهيار الأسد. ويُجمل روبيو هذه الفوائد في quot;خسارة إيران حليفًا قويًا ما سيقلّص قدرتها على نشر الفوضى السياسية في الشرق الأوسط، وخسارة حزب الله سندًا قويًا ومزوّدًا رئيسا بالسلاح ما سيعيد الاستقرار إلى لبنان، وتوطيد أمن إسرائيل حليفنا الأساسي والقوي، وارتفاع نسب نجاح مساعينا لإقامة سلام دائم بين إسرائيل وجوارها العربيquot;.

لن نقف مكتوفي الأيدي

إلى هذه الفوائد المتعدّدة، يشدّد روبيو على صون صورة الولايات المتحدة في الخارج. هذه الصورة التي ستهتزّ حتمًا quot;إن وقفنا مكتوفي الأيدي حيال ما يحصل في سوريا، إذ سيؤثر ذلك في قيادتنا العالم، ويُظهرنا بمظهر الشريك الذي لا يعتمد عليه، ما يدفع بشركائنا إلى التصرّف من تلقاء أنفسهم لحل المشاكل العالقةquot;. وهذا يعني، في نظر روبيو، سباقًا محمومًا للتسلّح، وتهديدًا دائمًا للسلام الإقليمي في الشرق الأوسط، وحالة من عدم الاستقرار في منابع النفط ترفع أسعاره في الأسواق الأميركية، ما يُرهق الاقتصاد الوطني الأميركي. يقول: quot;هذا ما قصدته حين قلت إن انغلاقنا داخل حدودنا أمرٌ مستحيلquot;.

وقف إيران سلمًا أم حربًا!

روبيو: سنتحرك لوقف إيران من امتلاك القدرات النووية، بمشاركة روسيا والصينأو من دونها

وتبقى إيران محور أفكار روبيو، وكأن السياسة الخارجية quot;الرومنيةquot; ستضع العالم في كفّة، وإيران وطموحها النووي في كفّة. فإيران لا تطمح فقط إلى امتلاك السلاح النووي، بل إلى أن تكون اللاعب الرئيس والقوة الأعظم في الشرق الأوسط. وهنا مكمن الخوف الأميركي، يعبّر عنه روبيو باستعادة تاريخ طويل من الخرق الإيراني لحقوق الانسان، وتأجيج الصراعات المذهبية بين الشيعة والسنة، واعتماد إرهاب الدولة بتصدير الثورة إلى دول المنطقة. وما استعادة هذا التاريخ إلا لحشد الحلفاء خلف الولايات المتحدة في سعيها إلى إحباط خطط إيران الرامية إلى تزعّم المنطقة.

يقول: quot;لحسن الحظ، هذا السعي قاسمٌ مشتركٌ بيننا وبين كل الدول في الشرق الأوسط، كما نرحّب أيضًا بمساهمة روسيا والصين، لكننا سنتحرك لوقف إيران من امتلاك القدرات النووية، بمشاركتهما أو من دونهاquot;.

ووقف إيران ممكن عسكريًا، وهذا خيار لا يُلغيه روبيو، لكنّه يركنه جانبًا، مفسحًا في المجال أمام المفاوضات الدبلوماسية التي تقودها الأمم المتحدة ووكالة الطاقة الدولية. إلا أنه يشدّد على منع إيران quot;من المضي قدمًا في برنامجها النووي والنجاح فيه بموازاة هذه المفاوضات، لذا ينبغي التمسّك بالطوق شديدًا على العنق الإيراني كي لا يتقدّم الحلّ العسكريquot;.