يستميت الأمين العام لحزب النهضة والفضيلة الاسلامي المغربي محمد خاليدي، في الدفاع عن معتقلي السلفية في بلاده. ويؤكد انه يرحّب بهم في حزبه لممارسة السياسة، ويؤكد أنّ نجاح المصالحة الوطنية مع اليسار، يمكن أن تنجح كذلك مع السلفيين.


يحيى بن الطاهر من الرباط: قبل أكثر من عقد من الزمن دخل الأمين العام لحزب النهضة والفضيلة (إسلامي) المغربي محمد خاليدي على خط الدفاع عن معتقلي السلفية الجهادية في المغرب المحكومين على إثر الأحداث الإرهابية التي شهدتها مدينة الدار البيضاء في 16 ماي/آيار من العام 2003 والمطالبة بإطلاق سراحهم.

في حوار خص به quot;إيلافquot; يتحدث خاليدي عن ملف معتقلي السلفية الجهادية في المغرب وعن علاقة تحركه بالدولة، كما أنه لا يخفي ترحيب حزبه بالسلفيين إن هم رغبوا في الانضمام إليه لممارسة العمل السياسي الشرعي.

وفي ما يلي نصّ الحوار كاملاً:

كيف جاء دخولكم على خط حل ملف معتقلي السلفية الجهادية؟

أولا، تكلفت بملف السلفية منذ سنة 2001 وذلك على إثر اعتقال الشيخ حسن الكتاني، إذ تكونت حينها لجنة من عدة فاعلين إسلاميين وحقوقيين وسياسيين كنت منسقا لها، ودفاعي عن هذا الملف أكسبني تجربة، فهو ليس وليد اليوم بل قبل زمن نظرا لبعض الخروقات التي وقعت فيما يتعلق بإلقاء القبض على بعض السلفيين آنذاك.

منذ هذا التاريخ، كانت المواقف التي يتخذها حزب النهضة والفضيلة تدعو إلى المصالحة الوطنية وإطلاق سراح المعتقلين الإسلاميين لا أقول السلفيين ولكن الإسلاميين ككل. وكنموذج، كانت قد وقعت مصالحة وطنية مع اليسار، فلماذا لا تكون هذه المصالحة مع الإسلاميين، هذه الفكرة الأساسية هي التي انطلقنا منها.

أصبح الكل يعلم بأنه كانت هناك خروقات شابت المحاكمات التي تعرض لها المعتقلون السلفيون، وهو ما أشار إليه أيضا تصريح سابق لجلالة الملك محمد السادس لجريدة quot;إيل باييسquot; الإسبانية أشار فيه إلى أنه كانت هناك مبالغة خلال المتابعات، ما يعني أنه تجب إعادة المحاكمات ومراجعة الاحكام، ومن هذا المنطلق كذلك ضرورة المصالحة الوطنية، فنحن نطالب بإطلاق سراح جميع المعتقلين الإسلاميين وعودة المنفيين منهم إن كنا نريد فعلا بناءا جديدا وفق سياسة جديدة.

كمسؤول سياسي، كانت لدي دائما فكرة إطلاق سراح المعتقلين الإسلاميين وإدماجهم في المجتمع مثلما وقع مع اليسار.

كيف يتم العمل على الملف الآن؟

كان هناك تأثير في الوقت الذي يوجد فيه الإسلاميون في السجن إلا أنهم ظلوا دائما على اطلاع لما يجري خارج السجون، كان اطلاعهم على مواقف حزب النهضة والفضيلة، وبعد أن فقدوا الثقة في بعض المؤسسات القانونية والأحزاب السياسية لجؤوا إلى حزب النهضة والفضيلة.

كيف؟

توصلت شخصيا بعدة رسائل من عائلات المعتقلين الإسلاميين منهم بلعيرج والخطابي ومجموعة أخرى، كان لنا الاختيار نحن كحزب سياسي وليس كجمعية حقوقية حول كيفية التعامل مع الملف، إما الابتعاد عن الملف أو المساهمة في طرح هاته الإشكالية وأن على المغرب طي الملف.

هذه الرسائل بعثتها بدوري إلى من يعنيهم الأمر (في إشارة إلى السلطات العليا للمملكة المغربية)، وكانت الاستجابة وبشكل فوري وهو ما نعتبره أسلوبا حضاريا، كل ما هناك أننا رأينا ضرورة الاشتغال على هذا الملف، وقرأنا في الاستجابة كون الدولة انتقلت إلى انتهاج أسلوب آخر، هو النقاش والحوار.

وفعلا كانت الموافقة على زيارة المعتقلين في عدة سجون وكان الحوار.

لم أطلب من معتقلي السلفية مراجعة أفكارهم. كان لدي حوارا مفتوحا مع مجموعة من المعتقلين يصل عددهم المائة مسجونا، شعرنا بان هناك تطورا على مستوى رؤية الأشياء، وتكون للمدة الزمنية التي قضوها داخل السجن مفعولها.

ثانيا شعرنا انهم دائما يكررون مسألة المحاكمات غير العادلة التي يثيرونها، وأن ليس لديهم إشكالا مع الثوابت المغربية وضاقوا ذرعا من حياة السجون وعليهم أن يلتحقوا بالعائلات التي تعاني أكثر منهم، استمعنا إليهم في هذا الإطار، إلا أن بعض وسائل الإعلام ضخمت المسألة، فهذه المبادرة لم تبعثها لا وزارة الداخلية ولا أجهزة امنية او غيرها بل كانت بطلب من الإخوة السجناء وهذا نعتبره مساهمة وطنية، وهذا الأمر يهمني أولا كإنسان وطني يجب حل مشاكلنا داخل هذا الوطن.

بعد العفو عن بعض معتقلي السلفية الجهادية، تم انتظار إطلاق سراح باقي المعتقلين، إلا أن شيئا من ذلك لم يحدث، ما الذي يعرقل سراحهم؟

هذا الملف كان فيه اتفاق مع السلفيين والدولة في العام 2005 لأجل تحريكه، لكن منذ ذلك التاريخ اعتبر ملفا مجمدا.

حين بدأنا الاشتغال عليه، بدا أنه تحرك من جديد، كانت مساهمة مهمة للإعلاميين في هذا الإطار وبدأ النقاش من جديد، وهو ما اعتبرناه مسألة إيجابية إذ خلقنا حدثا أدى إلى تحريك الملف من جديد.

ولكن، يجب أن نسجل بأننا لسنا أصحاب قرار، وما يمكننا القيام به هو فقط أن نوصل ما نسجله في تقريرنا إلى المسؤولين على أساس أن يفهموا أن ثمة تطورا وفكرة المصالحة وان هناك إمكانية العمل عليها من جديد من خلال نقاشاتنا مع المعتقلين الإسلاميين.

وأظن ان المسؤولين يسيرون في هذا الاتجاه وأنهم على استعداد للاستماع لمجموع الملاحظات التي يتوصلون بها، وأتمنى أن يتم الإفراج عن هؤلاء الإخوان.

من يشتغل معكم من الطيف السياسي والحقوقي؟

يشتغل معي عضو الامانة العامة للحزب، كما أن هناك مبادرات أخرى من بعض الاحزاب منها من نختلف معها سياسيا لكن تبقى مبادراتها جديرة بالتنويه، كمبادرة خديجة الرويسي (القيادية في حزب الأصالة والمعاصرة) التي قامت بزيارة للمعتقلين وكانت لديها حوارات معهم، وقبلنا هناك الجمعيات الحقوقية، إذ إن هناك اتفاقا عاما غير معلن بهذا الخصوص وأتمنى من كل العقلاء أن يسيروا في هذا التوجه.

على إثر ورود الأخبار المتعلقة بدخول السلفيين في المغرب المعترك السياسي، هل تحسون بأن هؤلاء أقرب إلى توجهات حزبكم؟

أنا مع اشتغال السلفيين في الحقل السياسي، وأقول دائما بأن الإسلام ليس العبادة فقط، ولنا في الرسول خير نموذج على ذلك، إذ كان رجل دولة وكان يعمل من أجل الدعوة ومن أجل التنظيم والاقتصاد... فالإسلام شمولي.

الآن، حدث تطور حينما بدأ السلفيون يفكرون في العمل السياسي وكنت أقول لهم إن تلك مسألة تهمكم ولكم أن تؤسسوا حزبا أو الانضمام إلى حزب آخر موجود في الساحة السياسية المغربية لتسهيل مأموريتكم، لكن لا بد من تنظيم لا سيما إذا استحضرنا ما وقع في مصر وتونس وفي ليبيا إذ ولج السلفيون العمل السياسي، وحتى زمن قريب جدا كان المنع يطال تأسيس أحزاب سلفية وإن لم أكن مبالغ كان هناك نوعا من تكفير العمل السياسي.

في حالة عدم تمكينهم من حزب سياسي؟

في مرحلة أولى أرى أن يحاولوا العمل عبر جمعيات دعوية في إطار قانوني واضح، لأن العمل السياسي يلزمه برنامج وتفكير، نرى التجربة في تونس والصراع القوي بين حزب النهضة والسلفيين رقم أنهما يشتركان معا في نفس المرجعية، تأسيس حزب للسلفيين في المغرب الآن فيه نوع من التسرع علينا تهيئ المناخ، والمغرب لا يتضايق من هذا فالمغرب سلفي وليس بمفهوم السلفية التي أقرنوها بالعديد من الأسماء.

بالنسبة لنا، إننا نؤمن بحق الاختيار، وإذا اختار السلفيون الانضمام إلى حزب النهضة سنرحب بهم، فنحن نقتسم معهم المرجعية الإسلامية، ولا يمكن اعتبار عملنا في ملف إطلاق سراح معتقلي السلفية الجهادية يرمي إلى احتواء هؤلاء في الحزب وإلا فإن كل ما نقوم به سيفسد، إننا نعمل لأجل المصلحة العامة ولأجل بناء دولتنا.

في الأخير أود أن أؤكد على ضرورة ترسيخ مبدأ حق الاختلاف، هناك الآن اتجاهات متعددة والاختلاف موجود في المغرب، مع وجود مرجعيات متعددة إلا ان المشترك الذي يجب أن يكون بين جميع المغربيين هو الثوابت الوطنية.