ترفض حركة 6 أبريل المصرية على لسان المتحدث الرسمي باسمها محمود عفيفي تهم الخيانة والعمالة وتلقي تمويلات خارجية، ويشير عفيفي إلى أن الحركة تقدمت ببلاغات للنائب العام، تطلب فيها التحقيق مع أعضائها في تلك الإتهامات، لكن أحداً لم يلتفت إليها، مشدّدًا على رفض فكرة الرئيس التوافقي في مصر.

محمود عفيفي أحد مؤسّسي حركة 6 أبريل المصريّة والناطق الرسمي باسمها

القاهرة: في العام 2008، شهدت مصر ظهور حركة 6 أبريل في أعقاب الإضراب الذي وقع في يوم 6 أبريل/نيسان من العام نفسه، والذي إعتبره الكثير من المراقبين بمثابة بروفة أولى لثورة 25 يناير، التي اندلعت بعد هذا التاريخ بنحو عامين.

ومنذ ذلك الحين شغلت الحركة الرأي العام في مصر، بل وفي الخارج أيضاً، لاسيما بعد قيامها بدور ملحوظ في الدعوة إلى الثورة التي أطاحت بنظام حكم الرئيس السابق حسني مبارك.

بعد تسلم المجلس الأعلى للقوات المسلحة السلطة في البلاد، على أثر تنحّي مبارك في 11 فبراير/شباط الماضي، ومع وقوع العديد من أحداث العنف، تعرّضت الحركة لإتهامات بالعمالة للخارج، والقيام بأعمال تخريبية، وجاءت هذه الإتهامات من وسائل إعلام وسياسين، بل ومن أعضاء من المجلس العسكري نفسه، ومنهم اللواء حسن الرويني قائد المنطقة المركزية، فيما تمضي الحركة في التأكيد على مطالب الثورة، وإطلاق مبادرات مختلفة للضغط على العسكر لتسليم السلطة إلى المدنيين.

وفي مقابلة مع quot;إيلافquot; يؤكد محمود عفيفي، أحد مؤسسي الحركة، والمتحدث الرسمي باسمها أن الحركة ترفض الإتهامات بالخيانة والعمالة وتلقي تمويلات خارجية، مشيراً إلى أن الحركة تقدمت ببلاغات للنائب العام المصري، تطلب فيها التحقيق مع أعضائها في تلك الإتهامات، لكن أحداً لم يلتفت إليها، ويشدد على رفض فكرة الرئيس التوافقي.

وفي ما يلي نصّ الحوار كاملاً:

تتعرّض الحركة لإتهامات بتلقي تمويلات خارجية، والعمالة للخارج، لماذا 6 أبريلتحديدًا دون باقي الحركات الثورية والتيارات السياسية؟

حركة 6 أبريل لها طابع خاص، لأنها حركة شبابية، ليست طامعة في السلطة ولا تسعى إليها، وبالتالي من الصعب ترويضها أو يمكن القول إنها غير قابلة للترويض، أو الضغط عليها من أجل عقد صفقات سياسية، مقابل تقليل ضغوطها على السلطة الحالية أو النظام السابق. لذلك تتعرّض لحملات تشوية متعمدة منذ عهد الرئيس السابق حسني مبارك، وحتى الآن.

ما يحدث لا يعدو كونه حربًا إعلامية وشائعات فقط، إذ لم تصل تلك الإتهامات إلى القضاء، ولم يتم إستدعاء أي من أعضاء الحركة للتحقيق، بل إننا تقدمنا ببلاغات إلى النائب العام، نطلب فيها التحقيق معنا في تلك الشائعات، ولم يرد علينا.

وهذه الاتهامات تؤشر إلى أحد الإحتماليين الآتيين: إما أن الأجهزة الأمنية في عهد النظام السابق والحالي أجهزة هشّة، ولا تستطيع القيام بعملها على أكمل وجه، وبالتالي فهي لا تستطيع حماية الأمن القومي، مادامت عاجزة عن تقديم أية أدلة ضد الحركة،أو إنها لا تجيد سوى إطلاق الشائعات ضد خصوم النظام، وأرى أن الإحتمال الأخير هو الأقرب إلى الصحة، وفي كلا الحالتين فهذه الأجهزة تحتاج عملية تطهير واسعة، وإعادة وضع لإستراتيجية جديدة للعمل بها.

لكن هذه الشائعات أو الحرب الإعلامية أتت ثمارها بالفعل، وبات بعض المصريين يحملون مشاعر سلبية ضد أعضاء الحركة، كيف تحاولون علاج تلك الأزمة في الثقة مع الرأي العام؟

نحن مشغولون في المرحلة الحالية بتحقيق أهداف الثورة، ونعلم جيداً أنه إذا كانت هناك للبعض مشاعر سلبية ضدنا، فإن الأكثرية من المصريين تثق في أننا مخلصون لهذا الوطن، ولكن بعد أن تنجح الثورة ويتم تحقيق أهدافها وإقرار الديمقراطية والعدالة الإجتماعية وتطهير مؤسسات الدولة، ولاسيما الإعلام والأمن، سوف نعمل على تدارك تأثيرات حملات التشوية، كما إننا نؤمن بأن العمل المخلص يصل إلى الناس.

ما يزيد من تأثير تلك الشائعات هو أن الحركة تصرّ على أن تظل في دائرة عدم القانونية، لمّا رفضت إعلان نفسها حزباً سياسياً أو جميعة أهلية؟

منذ ظهور الحركة في 2008، ونحن نعمل في مناخ غير مهيأ للممارسة السياسية السليمة وبناء الديمراطية، ومازالت تلك الأجواء مسيطرة على مصر حتى الآن، برغم مرور نحو عام وشهرين على الثورة، كما إننا لا نسعى إلى السلطة، حتى ننشئ حزباً سياسياً، نحن نفضّل أن نستمر في العمل من خلال الشارع كجماعة ضغط سياسي.

صورة من الأرشيف: شعار مناهض لمبارك خطّه شباب ينتمون إلى حركة 6 أبريل المصرية في محافظة دمياط في العام 2010

ورغم ذلك فقد تقدمنا بمشروع قانون لتقنين أوضاع الحركات السياسية ككل، وليس تقنينحركة 6 أبريل فقط، وأرسلناه إلى الحكومة والمجلس العسكري، ولكن لم نتلق أي رد. وقد نفكر في التحول إلى حزب سياسي، بعد تحقيق أهداف الثورة، ورحيل المجلس العسكري عن السلطة.

لماذا لم يترشح أعضاء الحركة ذوو الشعبية في الإنتخابات البرلمانية، ليكون العمل المؤسسي سائرًا بالتوازي مع العمل الميداني؟

هذا الأمر يعتبر شأنًا خاصًا بكل عضو في الحركة، والجميع يؤمن بأن المناخ مازال غير سليم من أجل ممارسة ديمقراطية صحية، وبالتالي فنحن نفضّل أن نظل جماعة ضغط سياسي، وقد يحدث ذلك في الإنتخابات المقبلة.

رغم إنعقاد جلسات البرلمان منذ شهر، إلا أن سؤال quot;أيهما صاحب الشرعية... البرلمان أم الميدان؟quot; مازال يتردد، كيف ترى تلك الإشكالية؟

كلاهما صاحب شرعية، البرلمان والميدان شرعيتان لا تتعارضان، كلاهما مكمل للآخر، وكلاهما يسعى إلى تحقيق الثورة، البرلمان جاء عبر إنتخابات نزيهة، وإن كانت قد شابتها بعض التجاوزات الإجتماعية، والميدان هو صاحب الفضل في إسقاط النظام السابق، وإجراء تلك الإنتخابات النزيهة، وهو صاحب الشرعية الثورية، بينما البرلمان هو صاحب الشرعية الدستورية، وهو القائم على تحقيق أهداف الثورة، والمطلوب من البرلمان أن يسير مع الميدان في الإتجاه عينه، وهذا ما يحدث حتى الآن.

لكن المراقبين يرون أن أداء البرلمان ليس على مستوى الثورة، ولا على مستوى تطلعات المصريين، مما أصاب البعض بخيبة أمل قوية؟

المصريون يعلقون آمالاً عريضة على هذا البرلمان، بإعتباره برلمان الثورة، ومن المفترض أن يسعى جاهداً إلى تقديم حلول عاجلة لمشاكل البلاد، وأن يعمل على إعادة النظر في ترسانة القوانين التي تؤصل للإستبداد والفساد، ويحقق الديمقراطية بشكلها الأروع، لكن هناك البعض من النواب يصرّون على جرّ الباقين إلى معارك جانبية، لا طائل من ورائها سوى إهدار الوقت، وتقديم صورة سلبية عن البرلمان، كما إن هناك نوابًا quot;حنجوريينquot;، يطلقون صياحات عالية فقط، ولا يطرحون حلولاً للمشكلات التي تعانيها الدولة.

يجب على جميع أعضاء البرلمان أن يعلموا أن المصريين يعلّقون عليهم آمالاً كبيرة، وفي حالة ما إذا ثبت أنهم ليسوا على قدر المسؤولية فسوف ينقلب الشعب عليهم، ونحن لا نتمنى أن يصل الأمر إلى هذا الحد.

على ذكر المعارك الجانبية، كيف ترى quot;أزمة الحمارquot; مع النائب زياد العليمي، بعد إحالته إلى التحقيق بسبب تشبيهه المشير حسين طنطاوي quot;بالمجرم والحمارquot;؟

أعتقد أن الموضوع تم تضخيمه من جانب الإعلام، لأن زياد لم يكن يقصد الإساءة إلى المشير طنطاوي، بل إستخدم مثلاً شعبياً متعارفًا عليه بين المصريين، في الحديث عن المسؤول الحقيقي عن أحداث العنف التي وقعت في مصر منذ الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك في 11 فبراير/شباط الماضي، وقال quot;إحنا بنسيب الحمار ونمسك في البردعةquot;، كما إنه قال هذا الكلام في مؤتمر جماهيري في بورسعيد، وليس في البرلمان، حتى يحال إلى لجنة تحقيق، وفي المقابل فإن النائب مصطفى بكري أهان الدكتور محمد البرادعي تحت قبة البرلمان، واتهمه بالعمالة للخارج، ولم يُحَل إلى التحقيق، بل صفقوا له. إن ما يحدث في البرلمان هو الكيل بمكيالين.

لكن قد يرجع ذلك إلى أن الكثير من العسكريين والبرلمانيين والمصريين العاديين تقدموا ببلاغات إلى النيابة ضد العليمي، ولم يفعلوا الأمر نفسه مع بكري؟

البرلمان تحرّك في قضية زياد العليمي من تلقاء نفسه، وتعامل بإزدواجية مع نائبين، وهذا الأمر لا يصحّ من برلمان الثورة.

على ذكر الدكتور محمد البرادعي، كيف ترى قراره بالإنسحاب من الترشح للرئاسة؟ هل تعرّض لضغوط سياسية أم ماذا؟

الدكتور محمد البرادعي عانى كثيراً محاولات التشويه عبر أساليب غير محترمة في عهد النظام السابق، وحتى بعد الثورة، رغم أنه كان من أكثر الداعين إليها، ورغم أنه ليس في حاجة إلى السلطة في مصر، فقد تبوأ أعلى المناصب دولياً، وشغل منصب مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإنه كان يتعرّض لحرب قذرة، لمجرد أنه طالب بالسير في طريق صحيح من أجل تحقيق الثورة، وجاء إنسحابه من الترشح للرئاسة، بعدما تأكد أن الطريقة التي تدار بها البلاد غير سليمة، وأدخلتنا في نفق مظلم، وكنا نتمنى ألا ينسحب من المعركة مبكراً، وأن يظل يقاتل، ومازالنا نتمنى عودته إلى المنصة مرة أخرى، وأن يخوض الانتخابات الرئاسية.

وكيف ترى الإنتخابات الرئاسية بعد إنسحاب البرادعي، لاسيما أن المنافسة صارت محصورة ما بين الإسلاميين ومَن ينتمون إلى النظام السابق أو تقلدوا مناصب رفيعة في عهده؟

سوف نبذل أٌقصى جهدنا، ونحارب بكل قوتنا حتى لا يكون الرئيس المقبل من فلول النظام السابق، لأنه في حالة تولي أحد رموز النظام السابق الرئاسة، فهذا يعني أن الثورة رجعت إلى الخلف.

بالتالي نحن نعدّ حالياً لحملات ضخمة من أجل عزل الفلول شعبياً، كما حدث في الإنتخابات البرلمانية، ونعمل على إطلاق حملات توعية شعبية ضد المرشحين من الفلول، ونعرّف الناس بتاريخهم مع النظام السابق، وكيف أنهم كانوا من أعداء الثورة، ونتمنى أن يكون الرئيس ثورياً بالدرجة الأولى، ولم نقرر حتى الآن هل سندعم مرشحاً في الإنتخابات الرئاسية أم لا.

وما رأيك في ما يخصّ الدعوة إلى رئيس توافقي؟

الرئيس التوافقي فكرة عبثية جداً، ولا يمكن القبول بها، ومن شأنها فرض وصاية على الشعب المصري، نحن نؤيّد إجراء إنتخابات نزيهة وشفافة، وأن يختار الشعب من يراه الأصلح.