وجّهت اللجنة البرلمانية التي تجري تحقيقًا حول قضية التنصت الثلاثاء اتهامًا غير قابل للاستئناف ضد روبرت وجيمس مردوك، معتبرة أن قطب وسائل الإعلام quot;ليس جديرًاquot; بتحمّل تبعات مجموعة كبيرة، وشككت في مؤهلات نجله.
روبرت وجيمس مردوك |
لندن:قالت لجنة وسائل الإعلام في ختام تسعة أشهر ونصف شهر من التحقيقات حول فضيحة التنصت على الاتصالات الهاتفية في إطار صحيفة نيوز أوف ذا وورلد، إن quot;روبرت مردوك تغاضى وتعامى عن سابق تصور وتصميم عمّا كان يحصل في وسائله الإعلامية ومنشوراتهquot;.
وخلصت إلى أن مردوك البالغ الحادية والثمانين quot;لا يصلح كي يمارس مهام الإشراف على شركة عالمية كبرىquot; على غرار شركته، الا أن بعض أعضاء اللجنة رفضوا تحمّل مسؤولية هذا الاتهام.
وكشفت اللجنة في تقريرها النهائي المؤلف من 121 صفحة أن نيوز أوف ذا وورلد ونيوز انترناشونال (الفرع الذي يضم الصحف البريطانية من مجموعة مردوك) quot;ضللتا اللجنة حول الطبيعة الحقيقية وحجم التحقيقات التي أكدت أنهما أجرتاها حول عمليات التنصت على المكالمات الهاتفيةquot;.
وأضافت أنه يعود إلى النواب الآن أن يقرروا quot;العقوبات التي يتعيّن فرضها على الذين تعاملوا مع اللجنة باحتقارquot;. إلا أن هذه العقوبات يفترض ألا تشمل روبرت وجيمس مردوك، اللذين لم يتم التعرّض إلى مسؤوليتهما الفردية، بل ستشمل مسؤولين آخرين في نيوز انترناشونال.
ونيوز أوف ذا وورلد التي أقفلت بسرعة هذا الصيف بسبب الفضيحة، متهمة بالتنصت على حوالى 800 شخص في سنوات الـ 2000 للحصول على سبق صحافي. لكن روبرت وجيمس مردوك دائمًا ما أكدا أنهما لم يكونا على علم بحجم هذه الممارسات التي كانا يعتقدان أنها تقتصر على صحافي واحد.
وجيمس، نجل روبرت مردوك، الذي اعتبر فترة طويلة خليفته، والذي اضطر إلى الاستقالة من منصبه على رأس نيوز انترناشونال وبي.سكاي.بي بسبب الفضيحة، لم توفره اللجنة، التي قالت إنه quot;تجاهل عمدًاquot; ما كان يحصل، ما يطرح quot;صراحة مشكلة أهليتهquot;.
وكان روبرت مردوك مثل أمام هذه الهيئة في تموز/يوليو 2011 مع نجله الذي استدعي مرة ثانية في تشرين الثاني/نوفمبر. إلا أن صياغة هذا التقرير الاتهامي ضد روبرت وجيمس مردوك أثارت تجاذبات في إطار اللجنة المؤلفة من نواب عمّاليين ومحافظين وليبراليين ديمقراطيين (وسط). والخلاصات النهائية لم تقرّ إلا بستة أصوات مقابل أربعة، هي أصوات النواب المحافظين.
وأشارت النائبة المحافظة لويز منش إلى أن quot;هذا التقرير سيعتبر بالتأكيد منحازًا. لقد فقد جزءًا كبيرًا من مصداقيتهquot;. وأعرب العمالي توم واتسون عن أسفه لعدم توافر الإجماع. وقال quot;هؤلاء الأشخاص أفسدوا بلادنا... لقد كذبوا وخدعوا وهددوا، ويجب أن نشعر بالخجل من التفكير بأننا انسحقنا أمامهم فترة طويلةquot;.
يأتي هذا الاتهام لروبرت وجيمس مردوك في وقت بالغ الحساسية لمجموعتهما نيوز كورب، التي تواجه منذ أشهر فضيحة التنصت. وتجري لجنة أوفكوم للرقابة على وسائل الإعلام في الوقت الراهن تحقيقًا يمكن أن يحملها على سحب رخصة البثّ من باقة شبكات بي.سكاي.بي عبر القمر الصناعي، والتي يعتبر مردوك أبرز مساهميها، إذا لم تعد تعتبر مشغلاً quot;جديرًا ومناسبًاquot;.
واكتفت أوفكوم بالقول الثلاثاء إنها ستتابع تحقيقاتها quot;بحثًا عن عناصر جديدةquot;. أما نيوز كورب، فاكتفت بإصدار بيان مقتضب، أشارت فيه إلى أنها quot;تدرس بعنايةquot; ما توصلت إليه اللجنة من خلاصات للرد quot;سريعًاquot; عليها.
وهذا التقرير ليس سوى مرحلة في هذه القضية السياسية-الإعلامية المتشعبة. فالشرطة تجري تحقيقًا، ومن المقرر أن تقدم لجنة مستقلة ما تتوصل إليه قبل نهاية السنة.
جيمس مردوخ يستقيل كي لا يتحول إلى quot;مانع صواعقquot;
وكان جيمس مردوخ، وريث قطب الإعلام روبرت مردوخ، قال الثلاثاء الماضي (24 نيسان/إبريل) إنه استقال من مناصب بارزة في بريطانيا لأنه لا يريد أن يتحول إلى quot;مانع صواعقquot; لفضيحة التنصت، التي أحاطت بنشاط فروع مؤسسة والده الإعلامية في بريطانيا.
جاء ذلك في مستهل شهادة مردوخ quot;39 عامًاquot; أمام هيئة التحقيق البريطانية المعنية بآداب مهنة العمل الإعلامي، والتي تقوم بالتحقيق في فضيحة التنصت ومزاعم الفساد في العلاقات بين الصحافة ومسؤولي الحكومة.
وتم الكشف عن عشرات القضايا المرفوعة على الصحف المملوكة لمجموعة نيوز غروب، التي يمتلكها قطب الإعلام روبرت مردوخ إثر مزاعم بالتنصت على هواتف شخصيات معروفة، تشمل وين روني لاعب مانشستر يونايتد وإيما نوبل الزوجة السابقة لابن رئيس الوزراء البريطاني السابق جون ميجور.
وقال محامون إن مزاعم التنصت تشمل أيضًا شيري بلير زوجة رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير والسياسي نايجل فريغ. وتنظر المحكمة العليا المجموعة الثانية من القضايا الخاصة بالتنصت على الهواتف.
وأوضح القاضي هيو توملينسون أن العدد الإجمالي المحتمل لضحايا التنصت على الهواتف يصل إلى 4791 شخصًا، اتصلت الشرطة بـ 1892 منهم. وقال مردوخ الابن، الذي استقال في شباط/فبراير الماضي من منصب الرئيس التنفيذي لمؤسسة quot;نيوز انترناشيونالquot; - الذراع البريطانية لمؤسسة quot;نيوز كوربوريشنquot; التي تتخذ من نيويورك مقرًا لها: quot;أردت أن أتفادى التحول إلى مانع الصواعقquot;.
وكان جيمس مردوخ قد انسحب بعد ذلك بقليل أيضًا من منصبه كرئيس لشركة quot;بي.سكاي.بيquot;. ومثل جيمس وروبرت مردوخ أمام لجنة برلمانية في لندن في العام الماضي على خلفية فضيحة التنصت. ونفى بإصرار أي معرفة له بأي تنصت قامت به صحف تمتلكها quot;نيوز انترناشيونالquot;. وتمتلك نيوز انترناشيونال كلاً من صحيفة quot;تايمزquot; وquot;صنداي تايمزquot; وquot;ذا صنquot; في بريطانيا.
وأصدر مكتب اتكينز تومسون للمحاماة قائمة تضم أسماء الذين طالبوا بتعويضات في الجولة الثانية من قضايا التنصت. وتضم القائمة لاعب الكرة ريان غيغز والمغني جيمس بلنت والخادم الملكي السابق بول بارل ولاعب الكرة بيتر كراوتش وتيد بيكام والد لاعب الكرة ديفيد بيكهام.
وفي فبراير/شباط الماضي حصلت المغنية تشارلوت تشيرش على تعويضات قدرها 600 ألف جنيه إسترليني من صحف نيوز غروب. وكانت مؤسسة نيوز انترناشيونال التي يملكها مردوخ قد أعلنت إغلاق صحيفة quot;نيوز أوف ذا وورلدquot; إثر تورطها في فضيحة التنصت ورشوة رجال شرطة للحصول على معلومات. يذكر أن صحيفة نيوز أوف ذا ورلد مملوكة لشركة نيوز انترناشيونال، التي هي بدورها جزء من مؤسسة نيوز كورب الإعلامية العملاقة.
مطالبات باستقالة وزير الثقافة البريطاني
هذا واضطر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أن يعلن الثلاثاء الماضي ثقته والوقوف بجانب جيرمي هانت وزير الثقافة في حكومته، الذي كان مسؤولاً عن ملف صفقة الاستحواذ على تلفزيون laquo;بي سكاي بيraquo; بعدما طالبت المعارضة أمس باستقالته بعدما تبين أنه التقى جيمس مردوخ، الذي قدم إليه بعض المعلومات السرية بخصوص صفقة الاستحواذ.
إلا أن جيمس مردوخ الذي مثل الثلاثاء 24 إبريل/نيسان أمام اللجنة ليفيسون التي أمر بتشكيلها رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون مع اندلاع فضيحة التنصت في يوليو (تموز) الماضي، نفى أن تكون المعلومات التي وصلته من الوزير هانت كانت ذات قيمة لصفقة الاستحواذ.
واعترف جيمس مردوخ في جلسة الأسبوع الماضي بأنه التقى رئيس الوزراء ديفيد كاميرون على عشاء خاص، وناقش معه صفقة الاستحواذ. إلا أنه قال: إنه دائمًا يترك الأمور السياسية لوالده ورؤساء التحرير في الصحف التي تملكها مؤسسة laquo;نيوز إنترناشيونالraquo;.
وكان قد واجه كاميرون هجمة سياسية ومطالبات بالاعتذار بعدما عيّن آندي كولسون مديرًا لمكتبه الإعلامي، رغم ماضيه في مؤسسات مردوخ. وقد تم اعتقاله هو الآخر من قبل الشرطة على خلفية الفضيحة ونشاطات التنصت.
وقالت قناة laquo;سكاي نيوزraquo; إنها طلبت في إحدى المناسبات من أحد الصحافيين التنصت من خلال القرصنة التليفونية على أحد المشبوهين في الأعمال الإجرامية، الذي أصبح في ما بعد معروفًا باسم laquo;رجل القاربraquo;، الذي قيل إنه اختفى مع قاربه في البحر، وكان يريد من ذلك أن تحصل زوجته على مئات الآلاف من الدولارات، وهي ثمن بوليصة التأمين على الحياة.
ويوم 23 إبريل الماضي قالت الهيئة البريطانية laquo;أوف كومraquo; التي تنظر في انتهاكات الصحافة إنها قررت النظر رسميًا في الموضوع والتحقيق في هذه الانتهاكات. ورغم أن تلفزيون laquo;بي سكاي بيraquo; ظل بعيدًا عن فضيحة التنصت، فإن برنامجًا بثته هيئة laquo;بي بي سيraquo; قبل أسابيع أشار بأصابع الاتهام إلى أن القناة قامت بتجسس صناعي ضد منافسيها.
وطالب عدد من المشرعين البريطانيين بأن تقوم الجهات البريطانية المختصة بتقصي حقيقة الاتهامات التي وجّهها برنامج laquo;بانوراماraquo; (المختص بالتحريات الصحافية التلفزيونية) بأن مؤسسة روبرت مردوخ laquo;نيوز كوربوريشنraquo; تجسست على منافسيها في السوق من خلال عمليات القرصنة التليفونية. وادعى برنامج هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) الذي بث قبل أسابيع عدة، أن مؤسسة laquo;إن دي سيraquo; المتخصصة بالبطاقات التلفزيونية الذكية، التي كانت تملكها laquo;نيوز كوربوريشنraquo; وباعتها أخيرًا، استأجرت خبيرًا مختصًا في عمليات التشفير، قام بنشر شيفرات على موقعه تخص شركة laquo;إي تي في ديجيتالraquo;، التي كان يملكها تلفزيون laquo;آي تي فيraquo;، وكانت تنافس laquo;بي سكاي بيraquo;، التي تملك مؤسسة laquo;نيوز كوربوريشنraquo; فيها أكبر حصة بين المستثمرين.
نشر الشيفرات الخاصة بالمؤسسة التلفزيونية المشفرة، أدى، كما جاء الاتهام من قبل معدي البرنامج الذين اطلعوا على مراسلات إلكترونية، إلى انهيار شركة laquo;إي تي في ديجيتالraquo; عام 2002. وكانت مؤسسة laquo;إي تي فيraquo; البريطانية قد أنشأت laquo;إي تي في ديجيتالraquo; عام 1998، بوصفها مؤسسة تجارية للبث التلفزيوني المجاني.
laquo;إي دي إسraquo;، التي تملكها laquo;نيوز كوربوريشنraquo;، تمكنت من كسر شيفرة laquo;أو إن ديجيتالraquo; المنافسة التي تملكها شركات laquo;إي تي فيraquo;، وهي تلفزيون laquo;كارلتونraquo; وlaquo;غرناداraquo;. وانهيار الشركة التابعة لـlaquo;إي تي فيraquo; فسح المجال لتلفزيون laquo;بي سكاي بيraquo; للسيطرة على السوق.
التعليقات