قادة العراقية والأكراد والتيار الصدري خلال اجتماع في أربيل لمناقشة سحب الثقة من الحكومة

يجهل العراقيون المآل الذي ستفضي إليه الأزمة الحالية، وسط تخوف من انتقالها الى الشارع لتأجيجه ومن ثم إلى الاحتراب الذي سيؤدي الى كوارث في المجتمع العراقي، فالأحزاب والقوائم والكتل ما زالت تتصارع في ما بينها بقوة، حتى أن المواطن أصبح يشعر أن لا أحد سيتخلى عن أهدافه الا بكسر عظم الطرف الآخر. ولا تلوح في الأفق تنازلات أو توافقات سياسية او إنسانية على ما يبدو.


بغداد: يرى العراقيون أن قضية التجاذبات باتت تشكل خطرا واضحا، ومن الصعب أن تحل بسهولة، وبرأيهم، الخاسر الوحيد من هذه النزاعات هو المواطن، الذي ما زال يتوجس خيفة ولاسيما ان التهديدات وصلت الى حالة من المواجهات بالسلاح، كما أشارت بعض وسائل الاعلام، إضافة الى التخوف من ان تتحول المناطق في بغداد او المحافظات الى مساحات تتمترس فيها الأحزاب.

ويجهل المواطن النتيجة التي ستصل اليها الامور، هل سيتم سحب الثقة ام الاستجواب وكشف الملفات ام سيتم عقد مؤتمر وطني، او ستستمر الصراعات الاعلامية حتى نهاية الولاية الحالية لرئيس الوزراء، ويرى الكثيرون أن كل هذه الحلول ربما ستحمل خلفها أضرارا كبيرة للمواطن .

وفي محاولة لاستطلاع آراء المواطنين، ظهر خوف لدى الأغلبية من المجهول، كل يفسر حسب ما يشعر به وما يفهمه من وسائل الاعلام، لكن من الواضح أن الخوف هو الحالة الطاغية على التكهنات والتصورات ولاسيما ان التهديدات باتت مقلقة جدا، وباتت أخبار السلاح تتصدر وكالات الأنباء والصحف، حيث يعدّ كل طرف العدة للنزول الى الشارع في حال انتهت الأمور الى صالحه، ويرى الكثير من المواطنين انهم سيصابون بأمراض السكري وضغط الدم والجلطات القلبية والدماغية بسبب السياسيين الذين لا يريدون للأمور ان تنتهي على خير .

فقد قال وزير التخطيط السابق رئيس المركز العراقي للتنمية والحوار الدولي مهدي الحافظ، في تصريح خاص لـ quot;إيلافquot; إن الإجابة عن سؤال: إلى ماذا ستفضي الأزمة السياسية الحالية؟ ذات صعوبة شديدة، لكنني اتوقع توالي المشاكل، ونأمل أن يكون هنالك نوع من الاحساس بالمسؤولية لوضع حد لهذه الأزمات، فالكلام حول هذا الموضوع مستمر ولكننا نحتاج الى جو مختلف كليا من الناحية الموضوعية حتى نتمكن من بحث الأمور كما هي، العراق في وضع صعب ويجب أن توضع أسس صحيحة لمعالجة أزماته، فلا الطائفية ولا التعصب يمكن ان تخدم البلد في هذه المرحلة.

وأضاف: بصراحة، لا يمكن التكهن بالشكل الذي سيتم به حل ما يجري، فالسؤال من الصعب الاجابة عنه، ولكن اعتقد ان هناك حاجة الى مزيد من الوقت، لكي تتضح الرؤية ونعرف الى ان اين ستمضي الأمور .

وقالت الكاتبة حذام يوسف: أعتقد أن الوضع سيفضي الى نتيجة واضحة، حيث سيبقى على ما هو عليه على الأقل بالنسبة إلى الشعب والمواطن العراقي: فوضى وتهديدات وملفات ساخنة وملفات فساد اداري ومالي، وكتل تهدد بعضها، والكارثة هي أن الطلبات تكثر من قبل الناس العاديين والمثقفين، كي يكشف المتصارعون الملفات لتكون الصورة واضحة امام الناس وامام اعضاء البرلمان والساسة، من اجل حسم الموضوع، ولكن يبدو أن الكتل والأحزاب تريد استمرار الوضع الحالي، ربما لأنه يخدمها ولا يخدم الشعب العراقي، فالمماحكات السياسية والحوارات العقيمة لا تفضي الى نتيجة، حتى يبقوا في السلطة.
وأضافت، لا أرى أن الأزمة الحالية ستفضي الى شيء ما، لأن الامور ما زالت ضبابية حتى بالنسبة إلى رئيس الوزراء نفسه، فلا شيء من المواضيع المتصارع عليها واضح، لكننا كمواطنين نأمل ان يكون هنالك حسم للموضوع كله وان تكشف الملفات لتتوضح الصورة ومن بعدها نستطيع ان نرى ما يحدث بسهولة.

وقال الكاتب والأديب ابراهيم الخياط: الأزمة ليست سياسية انما هي ازمة حكم، والخلل يكمن في نظام المحاصصة، القادر على إنتاج الأزمات، ما يعني أن هذه الازمة لا تنتهي الا بظهور أخرى، ولا حل إلا الحل الآني في المؤتمر الوطني للقوى السياسية جميعها، المشاركة في الحكم او غير المشاركة، أكانت فائزة بمقاعد في البرلمان او لا، كل هذه القوى يجب أن تجتمع في مؤتمر وطني وأن تأتي بتنازلات لا بشروط، حيث إن أي شروط مسبقة تعتبر كدحض ودحر للمشروع السياسي، مشروع الدولة العراقية الجديدة.

وفي حال لم يعقد هذا المؤتمر، او فشل بعد انعقاده - كما هو ظاهر- فهذا لأنه لا يوجد بين هذه الكتل السياسية واحدة أفضل من الأخرى، كلها كتل متنفذة تضع مصالحها الشخصية والحزبية والفئوية والطائفية فوق المصلحة الوطنية العليا، التي هي مصلحة المواطن، ولم تطالب أي جهة وكتلة بخدمات للمواطنين ضمن شروطها، ولم تطلب فرص عمل، ولا تحسين البطاقة التموينية وزيادتها، لم تطالب بفتح ملفات الفساد والنزاهة، لم تطالب بفتح ملفات الحريات، بل بمقاعد وبجاه وبمال أكثر ونفوذ أكبر، وهذا ما يجعل الأفق مسدوداً من دون حل دستوري.

ومن الممكن ان يؤدي تبادل التهم الى تجييش جماهيري، والذي قد يفضي بدوره الى المناطقية وبالتالي الى حالة من السواد، أما الحل الدستوري والسلمي فيكمن في انتخابات مبكرة، انها امانة ويجب ان ترجع الى الشعب كي يحدد مصيره مرة اخرى.

اما قاسم ماضي، الصحافي المغترب في الولايات المتحدة الأميركية فقال: اعتقد أن العملية السياسية تزداد تعقيدا يوما بعد يوم وذلك لأسباب عديدة، منها ان هذه الكتل المتواجدة على الساحة العراقية لم تهتم بشؤون المواطن، والا لما تم تفعيل هذه السلبيات، والدليل هو الانفجارات الاخيرة التي حصلت اثناء مناسبة زيارة الإمام موسى الكاظم، لذلك على الشعب العراقي ان يستوعب هذه المهمة، باعتبار ان الشارع معبأ من قبل السياسيين وليس من قبل الشعب، الذي يخوض الان تجربة صعبة أمام هذه الازمات، وعلى المسؤول العراقي ان يهتم ويضع نصب عينيه مسؤولية المواطن لأن المواطن يعاني الكثير من النواقص في حياته.

وأضاف: أنا اعتقد ان تهديدات الكتل لبعضها جدية، ولها تأثير كبير على الحكومة التي يقودها المالكي، لأنه استخدم اساليب عديدة تجاه بعض الكتل، نحن نتمنى من السياسيين ان يبتعدوا عن المشادات وخلق الأزمات، باعتبار ان الاحتلال ذهب بلا رجعة، وينبغي ان يكون للسياسي دور اساسي في تقديم ومعاينة الواقع، وتقديم أفضل الخدمات للمواطن العراقي، في ظل هذه الكتل التي سببت الأزمات، أنا اعتقد أن المشهد السياسي سيبقى متأزما وقد يمتد الى نهاية ولاية المالكي الثانية، وهذا ما تريده كل الكتل من اجل تعطيل أي عمل لصالح المواطن.

ومن جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي علي رستم: الأزمة السياسية شائكة جدا كما اعتقد، وترحيلها الى البرلمان هو الحل الذي يكفل حسم القضية، لأن الأزمة الآن، هي بين كل الأطراف، التي يظن كل منها نفسه صاحب القرار، والبرلمان هو الهوية الوحيدة التي تحل الاشكال الحاصل، وإن كان خلافا دستوريا فالبرلمان سيعطي رأيه، لأن قضية سحب الثقة مرهونة بالبرلمان حصرا، على الرغم من ايماني بأن الاستجواب سيؤدي الى خلق صراعات جديدة قديمة، ولكنها ستكون اكثر خطورة، ولا نستبعد ان يتم حل البرلمان ومن ثم الاعتماد على حكومة تصريف أعمال، وإعادة الانتخابات خلال 60 يوما، وبهذا تعود العملية السياسية الى الدخول في أزمات جديدة ربما لا تخرج منها إلا بتوافقات سياسية، وبهذا لا يكون هناك خاسر سوى المواطن الذي يتحسر على الخدمات.