لم يقتنع العديد من الجنوبيين بتوحيد اليمن رسمياً في العام 1990، وقتذاك لم يكن باليد حيلة. أما اليوم، فينظرون إلى حال عدم اليقين السياسي باعتباره فرصة للضغط من أجل الحصول على الاستقلال من جديد.


في عدن، عاصمة اليمن الجنوبي السابق، بدأ العديد من قادة الانفصاليين الذين تعرضوا سابقاً للسجن بسبب أنشطتهم السياسية، تنظيم وقيادة التظاهرات العلنية، في حين أنّ علم ما قبل التوحيد، الممنوع رفعه، ينتشر تقريباً في شوارع المدينة.

في هذا السياق، اعتبرت صحيفة الـ quot;كريستيان ساينس مونيتورquot; أن الحركة في جنوب اليمن أخذت طابع التحدي، وذلك نتيجة فراغ السلطة الناجم عن الثورة التي اندلعت العام الماضي ضد الرئيس السابق علي عبد الله صالح.

وعلى الرغم من أن الحكومة اليمنية والجزء الأكبر من المجتمع الدولي لا يزال يرى أن وحدة اليمن المستمرة، أمر غير قابل للتفاوض، يبدو أن الانفصاليين أكثر جرأة على نحو يشير إلى أنهم على وشك استعادة استقلالهم.

تظاهرةنسويةضد الانفصال

يؤكد قادة هذه الحركة المنقسمة أنهم ملتزمون بالنضال السلمي، إلا أن البعض يرفع سقف التحرك، معتبرين أن الجراح التي لم تندمل والتي يرجع تاريخها الى توحيد اليمن يمكن أن توصل البلاد نحو الهلاك في فترة ما بعد صالح.

على الرغم من أن كلا الجانبين رحّبوا بتوحيد اليمن الذي اعتُبر انتصاراً في البداية، إلا أن التفاؤل الذي أعقب الوحدة اليمنية عام 1990 بين جمهورية اليمن الشعبية الديمقراطية الاشتراكية والجمهورية العربية اليمنية الشمالية لم يدم طويلاً.

وتفجر التوتر بعد أربع سنوات من إعلان الوحدة الوطنية، وتحوّل إلى حرب أهلية بين الشمال والجنوب، ما هدد لفترة وجيزة بتمزيق البلد من جديد.

وقد انتهى القتال بنصر حاسم لقوات الشمال الموالية للوحدة، وتم نفي الجانب الأكبر من القيادة في الجنوب. ومع ذلك، فشلت الهزيمة العسكرية في القضاء على مظالم الجنوبيين، وأدّى تعزيز قبضة النخب الشمالية على الجنوب إلى مشاعر الإقصاء والغضب المستعر من الحكومة المركزية.

ظهرت الحركة الجنوبية في عام 2007 كحركة مطالبة بالحقوق. لكن في مواجهة رد فعل قمعي من الحكومة غير المتعاطفة، تحولت الحركة إلى تجمع انفصالي يحمل طابعاً متطرفاً.

ونقلت الصحيفة عن محسن عبد سعيد، وهو ناشط اشتراكي في عدن، قوله: quot;منذ توحيد اليمن، سرقت منا حقوقنا وامتيازاتنا، وبتنا تحت رحمة النظام القبليquot;، مشيراً إلى أن رغبة معظم الجنوبيين في استعادة دولتهم المستقلة quot;ليس بالأمر المفاجئquot;.

في حين أن الحراك الجنوبي استغل الاستياء السائد من الحكومة المركزية، إلا أن هذا الائتلاف يبقى منقسماً. ويقول نشطاء إن تحويل نشاز الفصائل الانفصالية إلى مجموعة تنظيم متماسك يمثل أولوية قصوى.

وعُقد مؤتمر مؤخراً من جانب عدد من كبار شخصيات الحراك الجنوبي الذين وقعوا على بيان وضع خطط لإنشاء مجلس مركزي ممثل للمجموعة. لكن أي جهود لإضافة الهيكلية إلى المجموعة يمثل تحدياً كبيراً في هذا الإطار.

واعتبرت الـ الساينس مونيتورquot; أنه حتى لو تم توحيد صفوف الحركة الجنوبية في مواجهة الوضع الحالي، إلا أن أفرادها وقادتها ينقسمون تحت مظلة الحركة الجنوبية بسبب الخلافات السياسية والايديولوجية، والإقليمية. هناك المثير من الذكريات التي لم تمح منذ الصراعات في الماضي القريب، وأبرزها حرب 1986 الأهلية، والصراع على السلطة النخبة التي آلت إلى صراع وحشي دام 12 يوماً، وأدى إلى سقوط آلاف القتلى.

مهام صعبة تنتظر الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي

على أرض الواقع، غالباً ما يكون تأثير فصائل محدوداً في دوائر إقليمية محددة، وعلى الرغم من بعض رؤساء الحركة الظاهرية، مثل الرئيسين السابقين محمد ناصر علي وعلي سالم البيض، إلا أن هذه الشخصيات لا تزال مثيرة للجدل بشدة.

ويعاني قادة الحركة الجنوبية تداعيات الاضطرابات في العام الماضي، فالحكومة تنظر إلى الانفصاليين كوكلاء للفوضى.

في عدن، يشكو السكان من غياب النظام في ظل ارتفاع معدلات الجريمة والعنف. وقتل خمسة اشخاص على الاقل في تظاهرات انفصالية في الشهر الماضي، بعد أن تحولت الاحتجاجات إلى اشتباكات بين قوات الامن والانفصاليين المسلحين وأدى إلى الاستنتاج بأن بعض قادة الحركة يفقدون القدرة على كبح جماح المتطرفين في صفوفهم.

على الرغم من أن السياسيين اليمنيين والدبلوماسيين الدوليين يركزون على عملية الحوار الوطني المقبلة، تمهيداً لصياغة الدستور الجديد الذي من المتوقع أن يشمل مشاركة القادة الجنوبيين، إلا أن المواجهات في عدن أثارت مخاوف من أن الوضع يمكن أن يخرج عن نطاق السيطرة.

وعلى الرغم من تأكيد التزامها باللاعنف، يعترف بعض الناشطين أنه في حال عدم إحراز تقدم، فإن التحول إلى التمرد المسلح لدى بعض الفصائل أمر quot;ممكن جداًquot;.