تتمسك الولايات المتحدة برفضها ضخ السلاح في نزاع معقد، على الرغم منزيادة دعمها لمقاتلي المعارضة السورية وفشل مهمة مبعوث الامم المتحدة والجامعة العربية كوفي انان.


الامين العام السابق للامم المتحدة الذي عيّن مبعوثًا مشتركًا للمنظمة الدولية وجامعة الدول العربية، قدم استقالته الخميس، تاركًا المسار الدبلوماسي مجهول المصير، ومفسحًا في المجال امام دعوات الى التحرك.

لكن الولايات المتحدة تؤكد أنها لا تفكر في تدخل عسكري. واعلن المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني من على متن الطائرة الرئاسية الجمعة أن الموقف الاميركي quot;لم يتغيّر: نقدم مساعدة غير قاتلة الى المعارضةquot;.

عناصر من الجيش السوري الحر في حلب

اضاف: quot;لا نعتقد أن زيادة عدد الاسلحة في سوريا هو الامرالمطلوب للمساعدة في الوصول الى انتقال سلميquot;.

وكلفت حركة الاحتجاج المستمرة ضد نظام الرئيس بشار الاسد منذ 17 شهرًا، اكثر من عشرين الف قتيل غالبيتهم من المدنيين، وزادت المخاوف من لجوئه الى ترسانته من الاسلحة الكيميائية.

وبدأ بعض الخبراء والنواب الاميركيين يتساءلون علنًا عن عدم استخدام بلادهم قوتها العسكرية المتفوقة وقدراتها الاستخبارية لقلب الموازين في صالح المعارضة والتسريع في سقوط النظام.

لكن الادارة الاميركية مترددة في التورط بحرب جديدة في الشرق الاوسط، ولا سيما أن الانتخابات الرئاسية المقررة في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل تلوح في الافق.

وخوفًا من حمام دم في سوريا يلي سقوط الاسد، شددت ادارة الرئيس باراك اوباما على أن رمي المزيد من الاسلحة وسط هذا المزيج المكون من ترسانة النظام والاسلحة المهربة الى المعارضين، سيكون بمثابة وقود للمزيد من العنف.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية باتريك فنتريل: quot;تحليلنا أن قدرة النظام تضعف، ومعنويات الجنود السوريين تتراجع والمعارضة تكسب المزيد من الارضquot;.

اضاف: quot;لذا فاستراتيجيتنا هي التأثير. سنستمر في اللجوء الى كل رافعة نملكها في خطتنا لتسريع (قدوم) اليوم الذي يتنحى فيه الاسدquot;.

واشارت تقارير امس اول الاربعاء الى أن اوباما وقع وثيقة سرية تسمح بتقديم المساعدة للمقاتلين المعارضين السوريين، مما يجيز لوكالة الاستخبارات المركزية quot;سي اي ايهquot; القيام بنشاطات سرية لمساعدتهم.

وستسمح هذه المذكرة لواشنطن بتقديم كل اشكال الدعم، ومنها التواصل مع مختلف المجموعات المتمردة، وتوفير وسائل اتصال ومعلومات وتحليلات استخبارية.

وواشنطن لا تزود المعارضين بالسلاح مباشرة، الا أن بعض حلفائها الاقليميين يقومون بذلك في اطار استراتيجية اقليمية تهدف الى تعزيز التدخل المباشر لجيران سوريا بدعم من واشنطن، مما سيؤدي في نهاية الامر الى اضعاف ايران، خصم الولايات المتحدة في المنطقة.

واشارت ريفا بالا من وكالة ستراتفور الاميركية الخاصة للاستخبارات والتحليل الاستراتيجي الى أن خلاصة الامر quot;تظهر أن المتمردين يحصلون على الدعم، وثمة استراتيجية موضوعة لاسقاط النظام (عبر) صدع من الداخلquot;.

وقالت بالا لوكالة فرانس برس إن الولايات المتحدة quot;لا تخفي أنها متورطة جدًا هناك وتستخدم هذه القنوات الخفية التي تلجأ اليها ايضًا تركيا والسعوديةquot;. ولفتت الى أن المقاتلين المسلحين يستخدمون حاليًا اسلحة ثقيلة.

اضافت: quot;لنكن واقعيين، تلك الاسلحة تصل الى المتمردين. وإن لم تأتِ من الولايات المتحدة مباشرة، يبدو أن المتمردين يحصلون على هذا النوع من الدعمquot;.

ورصدت الولايات المتحدة 25 مليون دولار من الدعم غير القاتل المتمثل بأجهزة اتصال مخصصة للمعارضة السورية.

كما وافق اوباما الخميس على تقديم 12 مليون دولار اضافية في المساعدة الانسانية للسوريين للتخفيف من quot;الفظاعات المروعةquot; التي يرتكبها الاسد.

الجيش الحر يقول إنه يحتاج إلى المال والعتاد

وارتفع الى 76 مليون دولار مجموع المساعدات الاميركية من غذاء وماء ومواد طبية وغيرها، التي تصل الى 5ر1 مليون سوري من خلال منظمات عدة كبرنامج الغذاء العالمي والمفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة.

وقامت الاستراتيجية الاميركية وفق فنتريل على quot;تسريع عقوباتنا، والضغط على هذا النظام الذي ينفد من المال، ومساعدة المعارضة على التواصل في شكل افضل والتنظيم ووضع خطة انتقال سياسيquot;.

وحملت الولايات المتحدة تصلب روسيا والصين مسؤولية استقالة انان بعدما حالت الدولتان ثلاث مرات دون اقرار عقوبات على نظام الاسد في مجلس الامن.

وقال انان وهو يعلن انتهاء مهمته: quot;لم اتلقَ اطلاقًا كل الدعم الذي استحقته القضيةquot;.

واعتبر فنتريل أن استقالة انان quot;ليست مفاجئةquot; نظرًا الى الوضع الراهن وquot;الهجوم المستمرquot; في سوريا وغياب الاجماع في مجلس الامن.

لكن الامم المتحدة شددت على أن خطة النقاط الست التي اقترحها انان quot;اطار نستمر في دعمه للتقدم في سياق استراتيجيتنا الاوسعquot;.

وقالت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون في بيان الجمعةإن انان quot;عمل بلا كلل لمحاولة بناء توافق في الاسرة الدولية ووقف حمام الدم وتشكيل حكومة تحقق التطلعات المشروعة للشعب السوريquot;.

واضافت quot;للأسف، منع مجلس الامن الدولي من منحه الادوات الاساسية للدفع بجهوده قدمًاquot;، معبرة عن شكرها لأنان لتوليه quot;المهمة الصعبةquot; التي تتمثل في تحقيق انتقال سلمي.

من جهته، رأى الناطق باسم البيت الابيض جاي كارني الذي يرافق كلينتون في جولة في أفريقيا أن استقالة انان مرتبطة برفض نظام الاسد وقف الهجمات القاتلة على شعبه.

وقال إن quot;استقالة انان تبرز اخفاق روسيا والصين في مجلس الامن الدولي في دعم قرارات جدية ضد الاسد التي كان من الممكن أن تحاسب الاسد على اخفاقه في الالتزام بخطة انانquot;.

واضاف أن استخدامهما حق النقض ثلاث مرات quot;مؤسف للغاية وقد وضع روسيا والصين في الجانب السيىء من التاريخ وفي الجانب السيىء للشعب السوريquot;.

وتابع كارني أن الرئيس باراك اوباما ينظر بتقدير الى رغبة انان في القيام بدور المبعوث لسوريا، وجهوده للقيام بعملية انتقال سلمي وسط القتال المرير بين القوات السورية والمتمردين.

واعربت الصين الجمعة عن quot;اسفهاquot; لاستقالة انان واكدت أنها ستواصل quot;العمل من أجل حل سلميquot; في النزاع، بينما وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاستقالة بأنها quot;خسارة كبرىquot; يجب أن لا تعيق جهود التوصل الى حل دبلوماسي.

وقالت كلينتون إن الولايات المتحدة ستبقى الى جانب الشعب السوري وquot;نبقى ملتزمين العمل من اجل انتقال سياسي فعلي وسريع في اطار خطة انانquot;.

وفي الكونغرس، قال السناتور الجمهوري جون ماكين في خطاب في مجلس الشيوخ حول الازمة السورية استمر 14 دقيقة إن مهمة انان كانت quot;محكومة بالفشل منذ بدايتهاquot;، مؤكدًا أنه على واشنطن والامم المتحدة تحمل مسؤولية ذلك.

ورأى ماكين أن quot;المهمة حددت على اساس ارسال مراقبين ليفصلوا بين قوتين متحاربتين وتجاهلت بشكل كامل اسس هذا النزاعquot;.

وتابع المرشح للرئاسة في انتخابات 2008 وأحد صقور الامن القومي الاميركي أنه من quot;المثير للسخريةquot; أن يعتمد الرئيس اوباما على روسيا المصدر الرئيسي للاسلحة لسوريا، لاقناع الاسد بمغادرة السلطة.

وتساءل ماكين quot;أليس ضربًا من الجنون أن تقوم سياستنا ومبدأ عدم التدخل على الاعتقاد بأن مهمة الامين العام السابق للامم المتحدة ستنجح عندما كان من الواضح أن الشعب السوري لن يرضى ببقاء نظام بشار الاسد الوحشي؟quot;.

ودعا ماكين مرارًا الى تسليح المعارضة السورية ورحب بتوقيع اوباما الاربعاء قرارًا يسمح بدعم المتمردين.

الا أن كارني اكد الخميس مجددًا أن واشنطن لا تزال على قرارها بعدم ارسال اسلحة لمساعدة المقاتلين المعارضين في سوريا على الرغم من الدعوات الى تحقيق ذلك.

وقال إن quot;موقفنا لم يتغيّر. نقدم مساعدة غير عسكرية الى المعارضةquot;. واضاف quot;لا نعتقد أن زيادة عدد الاسلحة في سوريا هو الامر المطلوب للتوصل الى انتقال (سياسي) سلميquot; في هذا البلد.

ورأى ماكين أن واشنطن يجب ان تبذل المزيد من الجهود بما في ذلك اقامة quot;ملاذquot; يمكن للمتمردين التدرب فيه وبناء معارضة للحكومة.

وقال quot;لماذا لا يدافع رئيس الولايات المتحدة عنهم؟ لم افهم يوماً ذلكquot;.

وتابع quot;اذا واصلنا السير على هذا الطريق من الجمود، سيستمر وقوع فظائع جماعية في حلب واماكن أخرى في سوريا. نملك القوة لمنع حدوث هذا الموت العبثي والدفع قدماً بمصالحنا الاستراتيجية في الشرق الاوسط في الوقت نفسهquot;.