المقاتلون السوريون لا يحبذون فكرة انضمام الجهاديين إليهم

ثارت حالة من الاستياء بين قيادات الثورة السورية وذلك بعد عبور عشرات الجهاديين الأجانب إلى سوريا للمشاركة في معركة حلب ضد قوات نظام الرئيس بشار الأسد وفقًا لما ذكرته صحيفة الغارديان البريطانية، وتعم حالة الاستياء بسبب اعتناق هؤلاء المقاتلين النظرة الجهادية.



عبر عشرات الجهاديين الأجانب الى الأراضي السورية عن طريق تركيا خلال الأسبوعين الماضيين، وأعلن بعضهم أمام سوريين في المناطق التي مروا بها أنهم يعتزمون التوجه الى حلب للمشاركة في معركة حاسمة ضد قوات النظام.

وقال سوريون من سكان هذه المناطق، ومهرب تركي تحدثوا لصحيفة الغارديان إن العديد من هؤلاء المقاتلين دخلوا قادمين من منطقة القوقاز فيما وصل آخرون من باكستان وبنغلاديش ودول أخرى.

وبحسب سوريين من السكان المحليين تعاملوا مع الوافدين الجديد، فإن المقاتلين الأجانب يعتنقون نظرة جهادية الى العالم تميّزهم عن غالبية القادة الآخرين في المعارضة السورية المسلحة وأن ذلك يثير استياء بالغًا بين قيادات الثورة.

ويقول قادة ميدانيون داخل سوريا إن نحو 15 الى 20 مقاتلاً اجنبيًا يعبرون الى سوريا كل يوم منذ منتصف تموز (يوليو) محاولين الانضمام الى نحو 200 ـ 300 مقاتل أجنبي في سوريا.

وقال المهرب التركي لصحيفة الغارديان إن بين المقاتلين الأجانب quot;تونسيين ، ورجالاً من اوزبكستان ايضًا ومن باكستان ، وهم يقولون إن السوريين اشقاء وسيمدون لهم يد العونquot;.

وأكد بعض الوافدين الجدد للسكان المحليين أنهم سيحاولون الانضمام الى جماعات سورية تشاركهم على الأقل جوانب من عقيدتهم الجهادية وقاتل افرادها ضد القوات الاميركية في العراق.

واسفر تسلل المقاتلين السوريين الى العراق خلال العمل المسلح الذي شهدته المناطق السنية في الفترة الواقعة بين 2004 و2007 عن دروس في العنف تعلمها هؤلاء في محافظة الانبار المتاخمة للحدود السورية غرب العراق.وكانت الأجهزة الأمنية للنظام السوري تسهل عبورهم الحدود وتقوم بدور القناة للمقاتلين الأجانب الوافدين.

وقال مستشار سابق في الحكومة العراقية إنه كان هناك جانبان للتحركات السورية في العراق، الجانب الأول هو دعم النظام السوري البديهي للبعثيين العراقيين ثم هناك أدلة الأشخاص الذين يُلقى القبض عليهم لدى تسللهم عبر الحدود. واضاف المستشار السابق quot;أن المعلومات الاستخباراتية كانت تبين بقوة أنهم ما كانوا ليتمكنوا من التسلل لولا مساعدة النظام السوريquot;.

وقال مقاتل قديم في حرب العراق quot;إن الاشقاء الذين جاؤوا للانضمام الينا (في العراق) ، وخاصة من بلاد المغرب ، جميعهم وصلوا الى مطار دمشق وقامت الاستخبارات السورية بتوجيههم الى الحدودquot;.

مجموعات عدةغير سوريّة باتت تقاتل قوات الأسد

ونقلت صحيفة الغارديان عن المقاتل إن هؤلاء الأجانب quot;كانوا يعبرون الحدود مثلما كنا نحن نعبرها وكان ضباط الاستخبارات السورية مسؤولين عن عمليات العبورquot;.

وبعد نحو 18 شهرًا على اندلاع الانتفاضة السورية عاد شبح المقاتلين السوريين الذين تمرسوا في العراق يلقي بظلاله على الانتفاضة في سلسلة من الاشتباكات التي شهدتها مناطق في شمال سوريا وخاصة خلال الاسبوعين الماضيين في وقت تخوض قوات النظام والمعارضة المسلحة مواجهة حاسمة للسيطرة على حلب.
ويخشى قادة المعارضة المسلحة أن يضيف الوافدون الجدد بعدًا لا يريدونه على الانتفاضة السورية التي استوحت الثورات الشعبية في بلدان عربية أخرى اسقطت حكّامها الاستبداديين ولكنها في سوريا تطورت الى نزاع مسلح.

ومنذ بوادر الثورة الأولى في مدينة درعا جنوب سوريا ، صورها النظام وماكنته الدعائية مؤامرة تنفذها جماعات جهادية بدعم غربي وخليجي. والآن إذ بدأت مؤسسات النظام وسلطته تتفكك فإن ما كان النظام يدعيه وقتذاك يتحقق في جانب منه الآن. ويثير هذا استياء العديد من قادة المعارضة المسلحة الذين يقولون إنهم سيقاتلون الوافدين الجدد إذا حاولوا أن يفرضوا أنفسهم.

وقال ابو مناف ، وهو قائد ميداني برتبة رائد من ادلب إن النظام كان دائمًا يربط الانتفاضة بالاسلاميين وهي لم ترتبط بهم وقتذاك ولا ترتبط بهم الآن. واوضح ابو مناف أن الانتفاضة quot;كانت انتفاضة شارع مثلها مثل الانتفاضات الأخرىquot;.

وأوضح مسؤولون في الجيش السوري الحر في جنوب تركيا إن هناك على الأقل اربع مجموعات لا تنتمي الى الجيش السوري الحر تقاتل قوات النظام ، بينها كتيبة من المقاتلين الليبيين ، رغم أن العدد قد يكون اكبر.
وتنشط هذه المجموعات بصفة خاصة في تفجير العبوات الناسفة ضد قوات النظام ، وهي مهارات اكتُسبت في العراق. ومن ابرز الجماعات في هذا المجال جبهة النصرة واحرار الشام اللتان اكدتا اتفاقهما مع جوانب من نظرة تنظيم القاعدة الى العالم.

وقال ضابط في الجيش السوري الحر عن هذه الجماعات quot;إنها معنا ولكن للأسباب الخطأ فهي ترى هذه الحرب شيئًا أكبر من سورياquot;. واضاف أنها جماعات quot;تكفيريةquot;.

ويرى محللون أن الجهاديين بدأوا يركزون اهتمامهم على سوريا لأسباب متعددة ، منها انتماء اقطاب النظام الى الطائفية العلوية التي تُعد بنظرهم فرعًا مارقًا من المذهب الشيعي.

يضاف الى ذلك أن لدى جماعة الاخوان المسلمين السورية حسابات تريد تسويتها مع النظام بعد اكثر من ثلاثين عامًا على مقتل نحو 20 الف شخص في حملة الرئيس السابق حافظ الأسد لسحق الانتفاضة التي اندلعت في مدينة حماة وقتذاك.

ويأتي نشاط الجهاديين في سوريا ، رغم أنه ما زال محدودًا ، في وقت توعدت جماعة دولة العراق الاسلامية ، فرع تنظيم القاعدة في العراق ، بحملة تفجيرات صيفية اوقعت الاسبوع الماضي اكثر من 100 قتيل في يوم واحد من الهجمات التي شهدتها مناطق متفرقة من العراق. وقال وكيل وزارة الداخلية العراقي حسين علي كمال إن الجهاديين في العراق يستمدون القوة من انعدام الاستقرار في سوريا.

ونقلت صحيفة الغارديان عن كمال إن الجهاديين كانوا يأتون الى العراق من سوريا وهم الآن يتحركون في الاتجاه المعاكس. واضاف quot;أن السوريين اوجدوا هذه الطرق وهي الآن تُستخدم ضدهم. فإن لدى النظام السوري تاريخًا طويلاً مع القاعدة ولدينا أدلة على تواطؤهم المباشر معهمquot;.

وحذر المسؤول العراقي من أن الوضع خطير اقليميًا ولا بد من مواجهته. واشار الى ان النظام السوري يتحمل قسطًا من المسؤولية عن quot;الوضع الذي يعاني منه الآنquot;.