تتعرض حلب إحدى أقدم المدن في العالم إلى خسائر كبيرة في معالمها الأثرية النفيسة، وذلك بسبب المعارك الشرسة الدائرة بين الجيش الحر والقوات النظامية، وفي بداية الشهر الحالي أصيبت قلعتها وتعرض مدخلها الذي يعود الى عهد المماليك لأضرار.


حلب: تخشى حلب وسط المعارك الضارية بين القوات النظامية السورية والمقاتلين المتمردين، على تراثها التاريخي الفريد الذي يصاب بأضرار جسيمة جراء الرصاص وقذائف الهاون.

حلب دمار كبير في المنازل والمعالم الاثرية

ويقول مقاتل معارض إن quot;جنود بشار الأسد لا يحترمون شيئا، لا تاريخنا ولا ديانتناquot;.

ويدخل المقاتل إصبعه في ثقب كبير خلفته رصاصة عند قاعدة مئذنة جامع المهمندار، التحفة التراثية التي عمرها سبعة قرون والواقعة في حي باب النصر. ويسمع صوت تهشم الزجاج تحت قدميه فيما يدخل المسجد.

وما دام مقاتلو الجيش السوري الحر متمركزين قرب المسجد فإن قذائف قوات النظام ستظل تنهمر عليهم.

من جهتهم، تمركز عدد غير محدود من الجنود النظاميين في القلعة المجاورة.

وقلعة حلب المترامية تشرف على المدينة برمتها. وتمكن المقاتلون المعارضون من محاصرتها في شكل شبه كامل مؤكدين ان الجنود الموجودين فيها لم يعد امامهم الا معبر واحد يدخلون منه الذخيرة.

ويقول ابو محمد احد قادة المقاتلين quot;من وجهة نظر عسكرية، فإن قيمة القلعة اليوم تفوق ما كانت عليه قبل 500 عام. ولكن، حتى لو نجحنا في محاصرتها تماما، اعتقد اننا لن نتمكن من السيطرة عليهاquot;.

يوما بعد يوم، ومنزلا بعد منزل، تمكن المقاتلون المعارضون من الاقتراب من المدينة القديمة. لكن قوات النظام لا توفر شيئا وتقصف بدباباتها ومقاتلاتها أحياء بكاملها مخلفة خسائر جسيمة في المباني التراثية.

عناصر من الجيش الحر يتحصنون داخل إحدى البنايات في حلب

وتقول منظمة اليونيسكو ان خمسة من ستة مواقع سورية مدرجة على قائمة التراث العالمي شهدت معارك منذ عام ونصف عام في سوريا. فإضافة الى حلب، دفعت كل من دمشق وتدمر وقلعة الحصن والمدن التراثية في شمال البلاد ثمنا باهظا.

ولكن لا شك في أن حلب، إحدى أقدم المدن في العالم، تعرضت لأكبر الخسائر. ففي بداية الشهر، أصيبت قلعتها وتعرض مدخلها الذي يعود الى عهد المماليك لأضرار.

من جانبها، وجّهت المديرة العامة لليونيسكو ايرينا بوكوفا نداء الى الاطراف المتحاربين مطالبة إيّاهم بتحييد تراث المدينة.

وقالت المنظمة في بيان انها تتعاون مع وكالات أخرى دولية بينها الانتربول والدول المجاورة لسوريا quot;لتجنب الاتجار غير المشروع بقطع أثرية قد تنتج من سرقة المواقع او المتاحفquot;. وسبق لمتحف تدمر أن تعرض للنهب، علما ان متحف حلب على مرمى حجر من خط المواجهات.

في وقت سابق هذا الاسبوع، شهد حي الجديدة معارك عنيفة. وانهمر على منازله القديمة التي تعود الى الحقبة العثمانية رصاص البنادق الرشاشة وقذائف الهاون.

وعلق تييري بواسيير المتخصص في تاريخ حلب quot;قد يكون الاتي اعظم. ما يبدو لي اكيدا ان خطر التدمير كبير وان النظام قادر تماما على محو قسم من المدينةquot;.

واضاف quot;من جهة اخرى، اذا كان الجيش السوري الحر يهمه الحفاظ على التراث، فان هذا الامر ليس أولوية في الوقت الراهن لان الاهم هو اسقاط النظامquot;.

وفي الانتظار، فقد تبددت منذ اسابيع رائحة صابون حلب الشهير وبهاراتها من الاسواق القديمة لتخيم على المتاجر المهجورة والمدمرة روائح البارود.

ويقول المقاتل الشاب ابو عبدالله quot;كانت هذه المنطقة تعجّ بالسياح. في اوروبا، تبرز الحكومات تراثها الثقافي لكن بشار الاسد لا يأبه لكل ذلكquot;.