أحمد داوود أوغلو في كركوك

حمّل وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري وزارته سبب الخلل الذي منح بسببه وزير الخارجية التركي سمة الدخول للعراق دون التنسيق مع الحكومة المركزية حيث أثارت الزيارة في الشهر الماضي غضباً في بغداد زاد من توتر العلاقات التركية العراقية.


أمستردام: كشف وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري ملابسات زيارة وزير الخارجية التركي لإقليم كردستان العراق ولمدينة كركوك الشهر الماضي.
وأوضح زيباري خلال جلسة جمعته مع لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب العراقي أن ثمة خللا تتحمله وزارته، من خلال السفارة العراقية في تركيا، في منحها سمة الدخول لزيارة وزير الخارجية التركي احمد داوود أوغلو مطلع الشهر الماضي.

واعتبرت لجنة العلاقات البرلمانية في بيان لها وزعته أمس الاثنين، بعد استضافتها لوزير الخارجية العراقية هوشيار زيباري وطاقم وزارته، أن زيارة أوغلو للاقليم ولكركوك quot;تجاوز لكل الاعراف الدبلوماسيةquot;، مؤكدة أن وزير الخارجية هوشيار زيباري اعترف بوجود خلل في وزارته لمنحها سمة الدخول للوزير.
وكان وزير الخارجية التركي زار في الاول من شهر آب (أغسطس) الماضي محافظة أربيل في إقليم كردستان العراق دون التنسيق مع الحكومة المركزية في بغداد، ورافقه حرس الإقليم لزيارة كركوك التي تشهد نزاعا سياسيا عليها بين الاقليم والمركز حول عائديتها الادارية حيث يقطنها خليط من القوميات العراقية من عرب و كرد وتركمان واشوريين.

وأضافت اللجنة في بيانها أن quot;زيباري سلم القائم بالاعمال التركي في بغداد مذكرة احتجاج بتاريخ 3 آب (أغسطس) الماضي نصت على اعتراض وزارة الخارجية على زيارة الوزير اوغلو الى كركوك من دون التنسيق معهاquot;، مؤكدة أن quot;زيباري اعترف بوجود خلل في الوزارة من جهة منح سمة الدخول للوزيرquot;.
الوزير زيباري قال إن وزارته كانت قد رفضت طلباً لأوغلو بزيارة كركوك، وتأجيل طلب زيارته إلى النجف وكربلاء التي كان يروم إدراجها ضمن جدول زيارته إلى العراق، بسبب انشغال رئيس الحكومة بمهمة خارج البلاد وفق مانشرته جريدة العالم البغدادية اليوم.

وكشف عن رفضه وساطات قام بها رئيس الجمهورية جلال طالباني ورئيس الاقليم مسعود بارزاني بتكليف من رئيس الوزراء التركي رجب إردوغان بشأن السماح لوزير الخارجية التركي بالزيارة، مبرراً ذلك بأنه لا يريد تحمل وزر quot;سنة سيئةquot;، معتبراً الطريقة التي تمت بها الزيارة خرقا واضحاً لكل الاعراف الدبلوماسية.
وأضاف أن الوزير التركي أبلغ الوسطاء أنه يريد زيارة أقارب له في كركوك. مبينا أنه رفض فكرة زيارة كركوك لحساسية الموقف فيهاquot;.

ولفت وزير الخارجية إلى أن quot;اعضاء مجلس محافظة كركوك أبلغوا في وقت متأخر من مساء الليلة التي زار فيها اوغلو المدينة، عبر رسالة نصية قصيرة بعثها كل من المحافظ ورئيس مجلس المحافظة، تنبئهم بأن ضيفاً مهماً سوف يزور المدينة وعليكم استقباله، إلا أن الجميع فوجئ بأن الزائر كان أوغلو القادم تحت حماية حرس الاقليم وبرفقته السفير التركي في بغدادquot;.

وكان رئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي وجه في العاشر من الشهر الماضي، بناء على طلب مقدم من عدد من النواب، بتضييف وزير الخارجية في لجنة العلاقات الخارجية بعد أن تمت مناقشة زيارة وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو الى محافظة كركوك للوقوف على تفاصيلها وتقديم تقرير بهذا الخصوص.
الوزير زيباري أطلع لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية كذلك على أن وزارته تفكر جديا بإعادة النظر بعلاقاتها مع تركيا، من حيث تقديم التسهيلات واحتمال تشديدها مستقبلاquot;، لافتا إلى أن quot;الوزارة منزعجة أيضاً من تصرفات القنصل العام التركي في الموصل، وهي بصدد التفكير بإجراءات طرده في حال استمرار تدخلاته في الشؤون الداخلية للمدينة، واقامة تكتلات قومية وسياسية، فضلا عن دعم أطراف دون أخرىquot;.

وكان وزير الخارجية التركي أحمد داوود اوغلو اجتمع خلال زيارته كركوك بالمسؤولين المحليين وسط اجراءات امنية مشددة من الشرطة وقوات كردية، قال: quot;كنت منذ مدة طويلة انوي زيارة كركوك لكنني اخترت شهر رمضان لانه شهر مباركquot;.
واضاف ان quot;هذه كركوك بتاريخها العريق ووضعها الحالي الخاص تشكل نموذجا للشرق الاوسط، قوتها تكمن في التعايش السلمي منذ عقود بين العرب والاكراد والتركمان، وكركوك تمثل العمود الفقري لوحدة العراق وتحقيق الامنquot;. وبين quot;نحن نرى ان كركوك غنية بثرواتها وتنوعها ولذا فانها ستكون من المدن الرائدة في الشرق الاوسط، ونحن كأتراك مستعدون لخدمة كركوك والعراق فصداقتنا أبدية ودائمةquot;.

كما أعلن الوزير التركي عن توأمة قريبة بين كركوك ومدينة كونيا التركية، مسقط رأسه، قائلا ان quot;اليوم تتحقق توأمة بين كركوك وكونيا التي انتمي اليها، هذه المدينة المشهورة بالتصوف، ولذا ادعو ادارة وجميع اعضاء مجلس المحافظة للاحتفال بالمناسبة في كونياquot;.
واثارت الزيارة استياء لدى بغداد التي اتهمت وزير الخارجية التركي بانتهاك الاعراف الدبلوماسية والتدخل في شؤونها والاستهانة بسيادتها، بحسب بيان رسمي لوزارة الخارجية العراقية، قالت فيه إن الزيارة جرت quot;من دون علم وموافقة وزارة الخارجية ومن دون اللجوء الى القنوات الرسمية والدبلوماسيةquot;.
واضافت الوزارة quot;هذه الزيارة نعتبرها نوعا من الانتهاك الذي لا يليق بتصرف وزير خارجية دولة جارة ومهمة مثل تركيا، وهي تشكل فضلا عن ذلك تدخلا سافرا بالشأن الداخلي العراقيquot;.

واعتبرت الخارجية العراقية انه quot;ليس من مصلحة تركيا او اي جهة اخرى الاستهانة بالسيادة الوطنية وانتهاك قواعد التعامل الدولي وعدم الالتزام بأبسط الضوابط في علاقات الدول والمسؤولينquot;.
كما انتقدت quot;موقف حكومة اقليم كردستان التي سهلت هذه الزيارة دون علم الحكومة الاتحاديةquot;، معتبرة انها quot;تخالف بذلك مسؤولياتها الدستوريةquot;.

ورأى متابعون عراقيون أن رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني كان وراء تسهيل زيارة أوغلو لأربيل من أجل إحراج الحكومة المركزية في بغداد، التي تشهد خلافات مع رئاسة الاقليم، لكن أوغلو اغتنم تلك الخلافات وسجل نقطة أحرجت بغداد وأربيل بزيارته كركوك التي ترى القومية التركية في العراق أنها مدينة تركمانية أصلاً، وترفض تركيا عائديتها لاقليم كردستان الذي لايكف عن مطالبته بها.
وتشهد العلاقات التركية العراقية توتراً منذ أشهر خاصة بعد لجوء نائب رئيس الجمهورية العراقي طارق الهاشمي لتركيا بعد اتهامه بالارهاب ومحاكمته غيابيا ورفض تركيا ترحيله لبغداد. كذلك زادت الازمة السورية العلاقات توتراً مع مواقف الجانبين من اطراف النزاع فيها.