آخر تحديث: الأحد 16 سبتمبر الساعة: 17:12 ت. غ

توج البابا بنديكتوس السادس عشر الأحد زيارته الى لبنان بقداس احتفالي اقامه عند الواجهة البحرية لبيروت، بحضور عشرات آلاف الأشخاص قدموا للاستماع إلى رسالة السلام التي يحملها للبنانيين ولكل الشرق الأوسط.


بيروت: غادر البابا بنديكتوس السادس عشر بيروت مساء الاحد بعد زيارة استغرقت ثلاثة ايام شدد خلالها على اهمية احلال السلام في المنطقة وعلى ضرورة تعزيز التعايش الاسلامي المسيحي.

واقلعت الطائرة التابعة لشركة طيران الشرق الاوسط اللبنانية الوطنية والتي ستقل البابا الى روما من مطار رفيق الحريري الدولي قبيل الساعة 19,25 (16,25 ت غ)، بعد وداع رسمي.

والتفت البابا قبل دخوله الطائرة للمرة الاخيرة نحو مودعيه، فصرخ عشرات الشبان والشابات والاطفال الذي اختيروا لتمثيل جيل الشباب في الوداع quot;بنديكتوس، بنديكتوسquot; ولوحوا باعلام الفاتيكان التي كانوا يحملونها.

ثم رفعوا لافتة كتب عليها بخط كبير quot;سلامي اعطيكمquot;، وهو الشعار الذي اتخذه البابا لزيارته التي استغرقت ثلاثة ايام.

وكان هؤلاء انشدوا في انتظار وصول البابا ترانيم دينية واغاني وطنية، ورددوا مرارا quot;بنديكتوس، منحبكquot;.

وشارك في الوداع رئيس الجمهورية ميشال سليمان وزوجته ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي وزوجته ورسميون وممثلون عن كل الطوائف المسيحية والاسلامية.

ودعا البابا بنديكتوس السادس عشر في آخر رسالة له الى اللبنانيين قبل مغادرة بيروت الاحد، اللبنانيين الى مقاومة كل ما يمكن ان يدمر بلدهم او يقوضه.

وقال البابا في كلمة القاها خلال الحفل الوداعي الرسمي الذي اقيم له في مطار رفيق الحريري الدولي quot;اصلي من اجل لبنان لكي بعيش بسلام ويتصدى بشجاعة لكل ما يمكن ان يدمره او يقوضهquot;.

واضاف quot;اتمنى للبنان ان يواصل السماح بتعددية الاديان وعدم الاصغاء لصوت الذين يريدون منعهاquot;.

كما عبر عن امله في ان quot;يعزز لبنان الشراكة بين جميع سكانه، مهما كانت طائفتهم او دينهم، وان يرفضوا باصرار ما يمكن ان يؤدي الى انقسامهم وان يختاروا الاخوة في ما بينهمquot;.

وقال البابا الذي شدد خلال ايام زيارته الثلاثة الى لبنان على اهمية ان يكون التعايش بين الطوائف المختلفة نموذجا لمنطقة الشرق الاوسط، quot;لقد شهد العالم العربي والعالم باسره في هذه الاوقات المضطربة مسيحيين ومسلمين مجتمعين من اجل الاحتفال بالسلامquot;، في اشارة الى مشاركة مسلمين في الاحتفالات خلال زيارته الى لبنان التي ادرجها تحت شعار السلام.

وقال البابا quot;اشكر بشكل خاص كل الشعب اللبناني الذي يشكل فسيفساء غنية وجميلة والذي عرف كيف يظهر لخليفة بطرس حماسته عبر المساهمة المتعددة الاشكال والخاصة بكل مجموعة. اشكر خصوصا ممثلي الطوائف المسلمة وخلال زيارتي لاحظت الى اي حد ساهم وجودكم في انجاح زيارتيquot;.

وقال البابا quot;انه لتقليد في الشرق الأوسط ان يستقبل الضيف العابر بانتباه وتقدير، كما فعلتم. أشكركم جميعا. (...) الى جانب الانتباه والتقدير، زدتم شيئا إضافيا يمكن تشبيهه بالتوابل الشهيرة الشرقية التي تثري مذاق الأطباق: إنه حماسكم وقلبكم اللذان يجعلانني أشتهي العودة اليكم ثانية. أشكركم شكرا خاصا. الرب يبارككم على هذاquot;.

وتمنى البابا للبنان quot;ان يعزز الشركة بين جميع سكانه، بغض النظر عن طوائفهم وأديانهم، بالرفض القاطع لكل ما قد يدفع للتفرقة، وباختيار الأخوة بحزمquot;.

ودعا البابا بنديكتوس السادس عشر الاحد في كلمته خلال القداس الاحتفالي على الواجهة البحرية لبيروت الى اعطاء الشرق الاوسط قادة في خدمة السلام والمصالحة quot;ليتمكن الجميع من العيش بهدوء وكرامةquot;. وقال البابا quot;اصلي للرب خصوصًا كي يمنح منطقة الشرق الاوسط خدامًا للسلام والمصالحة فيتمكن الجميع من العيش بهدوء وكرامةquot;.

واضاف: quot;إنها شهادة اساسية على المسيحيين أن يقدموها هنا، بالتعاون مع كل الاشخاص ذوي الارادة الصالحة. ادعوكم جميعًا للعمل من اجل السلام. كل على مستواه وحيث يتواجدquot;. وتابع إن quot;خدمة العدل والسلام في عالم لا يتوقف فيه العنف من بسط ظل الموت والدمار هي حاجة ملحة للالتزام من اجل مجتمع اخوي ولبناء الشراكةquot;.

ودعا الى السلام في سوريا حيث اوقع النزاع اكثر من 27 الف قتيل. وقال في صلاة التبشير الملائكي خلال القداس الاحتفالي على الواجهة البحرية لبيروت quot;فليمنح الله بلادكم وسوريا والشرق الاوسط هبة السلام في القلوب وصمت السلاح ووقف كل اشكال العنفquot;.

واضاف البابا quot;للأسف إن اصوات السلاح لا تزال تسمع وكذلك بكاء الارامل والايتام! العنف والحقد يجتاحان الحياة، والنساء والاطفال هم اول الضحاياquot;. وتساءل quot;لماذا كل هذه الاهوال، ولماذا كل هؤلاء القتلى؟quot;.

ودعا البابا المجموعة الدولية والدول العربية الى quot;اقتراح حلول حيويةquot; من اجل السلام في المنطقة. وقال quot;أدعو المجموعة الدولية والدول العربية لكي يقترحوا حلولاً حيوية تحترم كرامة كل شخص بشري وحقوقه وديانتهquot;. واضاف الحبر الاعظم quot;من يريد بناء السلام يجب أن يتوقف عن رؤية في الاخر شر يجب القضاء عليهquot;.

وقال متوجهاً للمؤمنين الحاضرين الذين قدر عددهم بحوالي 350 الف شخص بحسب المنظمين quot;فلنتضرع الى سيدة لبنان والله من اجلكم وبشكل خاص من اجل سكان سوريا والدول المجاورة التي تتوق الى هبة السلامquot;.

ومنذ الصباح الباكر وتحت شمس حارقة، حضر آلاف الأشخاص للمشاركة في القداس واستقبال البابا بنديكتوس السادس عشر الذي شق طريقه بالسيارة الخاصة quot;بابا-موبيليquot; بين الحشود. ونصب مسرح كبير على شكل ارزة وزرعت عليه اشجار الارز التي هي رمز لبنان والزيتون التي هي رمز السلام. واستخدم القداس جوقة ضخمة مشتركة من عدة جوقات من الكنائس الكاثوليكية.

وتقول ماريانا روكز (15 سنة) التي لفت رأسها بعصبة كتب عليها بالعربية والفرنسية quot;لانك آت، حسب الوعدquot;، إنها quot;أتت لانه وعد بالمجيء، وكان على الوعدquot;. وتضيف quot;نحن نريد أن نعده بأن نكون مستقبل الكنيسة، سنبقى على محبتنا للسيد المسيحquot;.

من جانبها، تقول عايدة ابراهيم الشدياق انها جاءت من الصباح الباكر مع ابناء رعيتها quot;ليتقدسوا ويتباركوا من الباباquot; مضيفة quot;اطلب من الله أن يقويه لكي يبقى على موقفه، كل شيء يصدر منه جميلquot;. وتضيف أن ابنتها غادرت الى المهجر في بادىء الامر لفترة قصيرة لكنها لا تزال في المهجر قائلة quot;إن رسالته الى اللبنانيين موضع ترحيب وكلامه جوهريquot;.

واحيطت واجهة بيروت البحرية باجراءات امنية مشددة جدًا، حيث سجل تواجد كثيف لعناصر الامن. وحضر وفد كهنة واساقفة من الاراضي المقدسة. كما حضرت جالية كبيرة من العمال الاجانب للمشاركة في القدس الاحتفالي.

وفي اليوم الثالث والاخير لزيارته لبنان وبعد القداس الاحتفالي يعقد البابا بعد الظهر اجتماعاً مسكونيًا مع رؤساء الطوائف المسيحية غير الكاثوليكية. وبعد ذلك يغادر بيروت مساء عائداً الى روما ويقام له وداع رسمي في المطار.

وكان البابا دعا السبت في اليوم الثاني لزيارته لبنان وبعد لقائه المسؤولين السياسيين والدينيين في القصر الجمهوري في بعبدا، الى صنع السلام مشددًا على ضرورة التسامح quot;ونبذ الانتقامquot; وquot;الاعتراف بالاخطاءquot;.

وفي لقاء حاشد مع الشبيبة بعد ظهر السبت دعا البابا شباب لبنان الى عدم الهجرة، مؤكدًا أنه يدرك الصعوبات التي يعانون منها من quot;نقص الاستقرار والامن وصعوبات الحصول على عمل والشعور بالوحدة أو التهميشquot;. وحيّا ايضا quot;شجاعة الشباب السوريquot;، مبديًا تعاطفه مع احزان السوريين.

وقال امام اكثر من 15 الف شاب وشابة تتراوح اعمارهم بين 17 و30 عاماً تجمعوا في باحات مقر البطريركية المارونية في بكركي شمال بيروت quot;علمت أن بينكم شبابًا قدموا من سوريا. اريد ان اقول لهم كم انا معجب بشجاعتهمquot;.

وتابع متوجهًا الى السوريين quot;قولوا لعائلاتكم واصدقائكم أن البابا لا ينساكم. قولوا إن البابا حزين بسبب آلامكم واحزانكم. انه لا ينسى سوريا في صلواته واهتماماته. لا ينسى الشرق اوسطيين الذين يعانونquot;. وسيسلم البابا الاحد الارشاد الرسولي الذي وقعه مساء الجمعة في كنيسة القديس بولس في حريصا (شمال بيروت) الى كل اساقفة المنطقة خلال القداس الاحتفالي.

والارشاد الرسولي الذي يتوجه به البابا لحوالي 15 مليون مسيحي في الشرق الاوسط يعتبر خارطة طريق للحفاظ على التعددية الدينية والثقافية في مجتمعاتهم وحثهم على البقاء في مهد المسيحية رغم كل الصعوبات.

وقد دعا فيه المسيحيين والمسلمين واليهود الى quot;استئصال الاصولية الدينيةquot;، في وقت تشهد المنطقة اضطرابات واحتجاجات على فيلم مسيء للاسلام انتج في الولايات المتحدة.

وكتب البابا في الارشاد الرسولي الذي يعتبر الهدف الاول لزيارته quot;اوجه دعوة ملحة الى كل المسؤولين الدينيين اليهود والمسيحيين والمسلمين في المنطقة لكي يسعوا، بالمثال والتعليم، الى بذل كل الجهود لاستئصال هذا التهديد الذي يطال بدون تفرقة وبشكل قاتل المؤمنين من كل الاديانquot;.

والارشاد هو ثمرة اعمال السينودوس من اجل الشرق الاوسط الذي عقد في روما في 2010 قبل اشهر من بدء quot;الربيع العربيquot; في تونس.

البابا يراهن على تحالف مع الاسلام المعتدل من اجل التعددية

قدم البابا بنديكتوس السادس عشر القلق جدا من الاصولية الاسلامية التي تهدد المسيحيين في مهد ديانتهم، التعددية الدينية على الطريقة اللبنانية على انها نموذج ومد يده بشكل لافت الى الاسلام مقترحا تحالفا ضد التعصب العنيف.

وكانت صحيفة quot;اوبسرفاتوري رومانوquot; الناطقة باسم الكرسي الرسولي عكست هذه الاجواء مع عنوانها قبل الرحلة quot;سلام ضمن احترام الاختلافاتquot;.

ودعوات البابا صبت على الدوام في اتجاه quot;مجتمع تعدديquot; يثريه تنوعه وضد مجتمع quot;من لون واحدquot; يسعى اليه بعض الاصوليين في المنطقة.

وتساءل رئيس الكنيسة الكاثوليكية quot;في لبنان، المسيحية والاسلام يتعايشان في نفس المكان منذ قرون. ومن غير النادر رؤية في نفس العائلة ديانتين، فاذا كان الامر ممكنا ضمن العائلة نفسها لماذا لا ينطبق هذا الامر على مستوى المجتمع؟quot;.

وفيما يفر المسيحيون بالالاف من ارضهم المتجذرين فيها منذ الفي سنة، فان البابا الذي استهجنت تصريحاته حول المسلمين عام 2006 حين ربط بشكل غير مباشر بين الاسلام والعنف، حرص على عدم المساس بهم.

وقد حضر رؤساء الطوائف من سنة وشيعة في لبنان الى مختلف محطات الرحلة.

وبالنسبة لسوريا فان البابا اقترح حتى quot;ايام صلوات من اجل المسيحيين والمسلمينquot;.

وفي لفتة غير معتادة توجه يوزف راتسينغر بكلمات الى ممثلي الشبان المسلمين خلال لقائه مع الشبيبة في بكركي مساء السبت في صرح البطريركية المارونية.

وقال quot;انتم مع الشباب المسيحي تشكلون مستقبل هذا البلد الرائع وكل الشرق الاوسطquot;.

واضاف quot;يجب ان يدرك الشرق الاوسط عند النظر اليكم ان مسلمين ومسيحيين يمكنهم العيش معا بدون حقد في اطار احترام المعتقدات لكي نبني معا مجتمعا حرا وانسانياquot;.

وفي quot;الارشاد الرسوليquot; الذي وقعه مساء الجمعة والموجه الى مسيحيي الشرق، يدعو البابا الى تعميق فهم المسلمين.

ويقول ان quot;الكنيسة تنظر الى المسلمين بكل اعتبارquot; مضيفا، quot;المسلمون فيتقاسمون من جانبهم مع المسيحيين القناعة بان الاكراه فيما يتعلق بالدين غير مقبول خصوصا اذا تم بواسطة العنف. ان هذا الاكراه الذي قد يتخذ اشكالا متعددة وخطيرة على الاصعدة الشخصية والاجتماعية والثقافية والادارية والسياسية يتناقض مع مشيئة الله. وهو يستخدم اداة لتحقيق مآرب سياسية-دينية، اداة للتمييز والعنف الذي قد يؤدي للموتquot;.

ويضيف quot;يتقاسم المسيحيون مع المسلمين الحياة اليومية نفسها في الشرق الاوسط حيث وجودهم ليس عرضيا او حديثا انما تاريخيquot;.

ويتابع الارشاد الرسولي quot;ان طبيعة الكنيسة ودعوتها الكونية تتطلبان منها اقامة حوار مع اعضاء باقي الديانات الاخرى. يرتكز هذا الحوار في الشرق الاوسط الى علاقات روحية وتاريخية تجمع المسيحيين مع اليهود والمسلمينquot; مضيفا quot;هذا الحوار، الذي لا تفرضه بالاساس اعتبارات براغماتية ذات طابع سياسي او اجتماعي بل يستند قبل كل شيء الى اسس لاهوتية مرتبطة بالايمانquot;.

ويقول quot;يختبر الشرق الاوسط كباقي انحاء العالم واقعين متضاربين: العلمانية باشكالها التي احيانا للتطرف والاصولية العنيفة التي تدعي قيامها على اصول دينيةquot;.

ويتابع quot;ان الغموض الذي يكتنف الاوضاع الاقتصادية والسياسية ومهارة التاثير لدى بعضهم والفهم الناقص للدين هي من بين العوامل التي تشكل تربة خصبة للتطرف الديني. هذا التطرف يصيب كل الجماعات الدينية ويرفض التعايش المدني معا. وغالبا ما يسعى للسلطة بواسطة العنف احيانا، على ضمير كل فرد وعلى الدين من اجل دوافع سياسية. اطلق نداء ملحا لجميع المسؤولين الدينيين اليهود والمسيحيين والمسلمين في المنطقة كي يسعوا من خلال مثالهم وتعاليمهم الى فعل كل ما هو ممكن بهدف استئصال هذا التهديد الذي يستهدف بلا تمييز وبشكل قاتل مؤمني جميع الدياناتquot;.

ويضيف بالنسبة للمسيحيين انه يجب quot;تربية المؤمنين على ان يكونوا شهودا للشركة في جميع مجالات حياتهم. هذه الشركة ليست بالطبع دربا من الفوضى، فالشهادة الاصيلة تتطلب الاعتراف بالاخر واحترامه والانفتاح على الحوار في الحقيقة والصبر كوجه من اوجه المحبة والبساطة والتواضعquot;.

المهاجرون الافارقة والآسيويون بين الحشود

وبين الحشود التي كانت على لقاء مع البابا بنديكتوس السادس عشر اليوم الاحد في بيروت، مئات العاملات والعمال الاجانب من الفيليبين وسريلانكا والكاميرون والسنغال وجنوب السودان، الذين لم يكونوا ليفوتوا هذه الفرصة باي ثمن.

في جو من الفرح والابتهاج بالحدث، كانت مجموعات من العمال الاجانب تنتظر وصول البابا الى واجهة بيروت البحرية على انغام تراتيل بلغات افريقية، وتلويح بالاعلام الفاتيكانية واعلام بلدانهم، ورقص... بعيدا عن مشاكلهم اليومية التي غالبا ما تتجند لحلها منظمات الدفاع عن حقوق الانسان. فلبنان بلد يعاني فيه العمال الاجانب من كثير من التجاوزات في مجال الحقوق الاساسية.

لكن الاحد، استقبلت العاملات الاجنبيات الى جانب الاف العائلات اللبنانية البابا بالحفاوة نفسها والحماس ذاته.

ومثل اللبنانيين وبعض المسيحيين العرب، وضع العمال الاجانب القبعات البيضاء التي صنعت للمناسبة وعليها اما صور البابا واما عبارة quot;سلامي اعطيكمquot;، الشعار الذي اختاره البابا لزيارته الى لبنان التي استغرقت ثلاثة ايام.

ورفع رجل من جنوب السودان بفخر علم دولته الناشئة حديثا، بينما حمل مواطن له وقف الى جانبه لافتة كتب عليها بالانكليزية quot;نأمل في تزوروا بلدنا الجديد، جنوب السودان، ليحصل على بركتكم. بابا، نحن نحبكquot;.

وقالت الفيليبينية ديرلي (30 عاما) quot;انا سعيدة جدا، انها المرة الاولى التي ارى فيها الباباquot;.

واضافت quot;أصلي من اجل عائلتي التي لم ارها منذ سنتينquot;. وبسبب الفقر والحاجة، غالبا ما تمضي العاملات الاجنبيات سنوات طويلة في لبنان من دون ان يلتقين عائلاتهن في دول بعيدة.

واذا كانت عائلات لبنانية كثيرة تعامل مخدوميها بلطف وكرم واحترام، فان العديد من العاملات الآسيويات او الافريقيات يعانين في عائلات اخرى من سوء معاملة يكاد يشبه quot;الاستعبادquot;، بحسب منظمات حقوقية.

وتتعرض نساء كثيرات للضرب والاذلال، واحيانا الاغتصاب، او الحرمان من الطعام والراتب. ونددت منظمات غير حكومية ودولية مرارا بهذا السجل الاسود لسوء معاملة الخادمات الاجنبيات في لبنان، ما اضطر دولا عدة بينها الفيليبين واثيوبيا ومدغشقر، الى منع سفر مواطناتها الى لبنان. الا ان الحاجة تدفع الكثيرات الى تجاوز الحظر والالتفاف على القرار عبر المجيء الى لبنان عن طريق دول اخرى.

وتقول الفيليبينية جوي (43 عاما) مع ابتسامة كبيرة وهي تقف تحت لافتة كتب عليها quot;الفيليبين تحب بنديكتوس السادس عشرquot;، quot;يا ليت عائلتي كانت هنا معي لمشاركتي في هذه اللحظة، لكن الفيليبين بعيدة، وبلادنا فرضت قيودا على سفر مواطنيها الى لبنان بسبب التجاوزاتquot;.

وتقول الفيليبينية ماري المتزوجة من لبناني باندفاع quot;اريد ان احصل على بركة الباباquot;، مضيفة quot;نشعر هنا اننا في شركة مع العالم اجمعquot;.

وتؤكد السنغالية جوزفين (20 عاما) من جهتها quot;هذا الحشد يشعرني بالارتياح. انا سعيدة بمشاركتي مع اللبنانيين في هذا الحدثquot;. وتتابع quot;هم يغنون، نحن نرقص، اشعر بشراكة معينة معهمquot;.

الا انها تضيف quot;كل ما نريده هو ان يقبلوننا كما نحنquot;، في اشارة الى ما يحكى عن تصرفات عنصرية داخل بعض المجتمع اللبناني. فبعض المجمعات السياحية مثلا ترفض دخول عاملات اجنبيات الى برك السباحة، بحجة ان بعض زبائنها قد يشعرون بquot;الحرجquot;.

وخص البابا في الارشاد الرسولي الذي سلمه الى مسؤولي الكنائس الكاثوليكية اليوم الاحد وهو نتاج السينودس حول الشرق الاوسط الذي انعقد في روما في تشرين الاول/اكتوبر 2010، العمال الاجانب بالاهتمام، طالبا حسن معاملتهم.

ودعا الارشاد رعاة الكنيسة في الشرق الاوسط الى quot;ادارة التدفق الجماعي للعمال القادمين من افريقيا والشرق الاقصى وشبه القارة الهنديةquot;.

وقال ان هؤلاء quot;ياتون رجالا ونساء بمفردهم او عائلات بكاملها ويعانون حالة مزدوجة من انعدام الاستقرار (...) كما يواجهون غالبا اوضاعا من التفرقة والظلمquot;.

واعتبر ان هؤلاء الاشخاص quot;معرضون للاستغلالquot;، مشجعا جميع المؤمنين الكاثوليك والكهنة على quot;الشركة الصادقة والتعاون الرعويquot;، وحكام الدول التي تستضيف هؤلاء على quot;احترام حقوقها والدفاع عنها وتمكينها من التعبير الحر عن ايمانهاquot;.

في وسط بيروت، قال ريمون عون، تاجر مسيحي شارك في القداس الذي جمع اكثر من 350 الف شخص، quot;اليوم مع البابا، نحن فئة واحدةquot;.