كلمة بابا روما على أرض مطار بيروت، عكست الروح التي سترافق زيارته الى لبنان، وجاء الارشاد الروحي حول الشرق الاوسط الذي وقّعه في حريصا ليؤكد على قيم روحية عميقة، والسؤال هل يطبّق بحذافيره؟


بيروت: انشغل لبنان امس في قراءة وتحليل الارشاد الرسولي حول الشرق الاوسط الذي وقّعه البابا بنديكتوس السادس عشر، الذي يزور لبنان لثلاثة أيام، في بازيليك القديس بولس في حريصا. ويعتبر النائب سليم سلهب في حديثه لquot;إيلافquot; ان الارشاد الرسولي غير موجه فقط للبنان، بل الى جميع المسيحيين في الشرق ونحن من ضمنهم، ويقول :quot;يجب الا ننسى انه خلال زيارة البابا السابق في العام 1997، كان لدينا ارشاد رسولي خاص بلبنان وللاسف لم نعرف أن نستفيد منه، ولم نقم بآلية محددة تطبيقية للاستفادة من الارشاد السابق، والارشاد الرسولي الحالي، يتابع سلهب :quot; مدروس جدًا ويشمل كل الاوضاع في المناطق، ويطلب من المسيحيين التعلق بالارض، والمثابرة والرجاء، وطلب من المسلمين الابتعاد عن التطرف، ولا شك بالمطلق، لا يمكن ان نعيش الا من خلال الاعتدال والتعددية.

ويضيف سلهب:quot; في الشرق يجب التجاوب من قبل المسيحيين، لكن لا يكفي في هذا الخصوص التمني فقط، على الارض يجب ان يتم تسهيل وجود المسيحيين في الشرق ان كان من ناحية المدارس او تأمين العمل او الامان.

وهذا ايضًا يُطبَّق في لبنان، حيث يبقى الوضع افضل من مسيحيي الشرق، ويجب ان نأمل بالمشاركة والتواجد المسيحي والاستفادة من الحد الادنى من الدعم المعنوي والذي يتمثل بالفاتيكان، لكن ذلك لا يكفي اذا لم نتكل على انفسنا، ونرى كم ان المواطنية يجب ان تطغى على مسيحيتنا، وتبقى مواطنيتنا اللبنانية التعددية تطغى على ديننا، ونترك الدين لوقت الحاجة، ونرى كيف نتعلق بالارض ونثابر ونؤمّن العيش الكريم للجميع من اجل عدم الهجرة وترك البلد.

ويرى سلهب ان القيم تقدمت على السياسة في زيارة البابا، لانه ليس برجل سياسي، بل يتكلم من منطلق قناعة دوائر الفاتيكان، التي تأخذفي الاعتبار السياسة، لكن الاولية للروحية.

أما اهمية الزيارة اليوم بالنسبة إلى لبنان فيؤكد سلهب انه يكفي ان يكون هناك جهة تدعمنا وتقول لنا نحن معكم، وكل ما قيل عن مخاطر لمجيء البابا، وحالة امنية رديئة، رغم ذلك جاء الى لبنان، وقال لنا سأبقى معكم 3 ايام، هل يا ترى سنفهم كل هذه المعنويات، لكن علينا ايضًا ان نعرف كيف ندبر شؤوننا الداخلية ونمشيمعا بروحية البابا.

بين الارشاد الرسولي والازهر

يرى النائب السابق مصطفى علوش في حديثه لquot;إيلافquot; ان مسألة توجيهات الارشاد الرسولي اساسية، وعمليًا اذا نظرنا الى ما تم في الازهر من الوثيقة التاريخية التي تتعلق بالحرية وحقوق الناس، يمكن ان نستنتج ان كل تلك الوثائق مشكلتها انها لا تجد طريقها باتجاه العقل الشعبي والعام في البلد، في لبنان وخارجه، وعمليًا نعود الى امر مؤكد اننا بحاجة بالتأكيد الى التوجيهات الروحية، والى منطق مدني ومواطني، وهذا السبيل الوحيد الذي يؤدي الى انشاء مجتمعات مستقرة عبر قاعدة، اما اللقاءات على مستوى القمة معظم الاحيان تؤدي الى حالة روحية موقتة، وتنتهي بعد فترة قصيرة.

ولدى سؤاله بان الارشاد الرسولي منذ 15 عامًا الذي توجه به البابا السابق لم يتم تطبيقه، فهل مصير الارشاد الرسولي اليوم نفسه؟ يجيب علوش:quot; سوف يكون حالة روحية تجعل المواطنين يفكرون بشكل عميق ولكن لفترة محددة، بعدها تعود الامور الى الروتين اليومي، مع الفعل وردات الفعل، لان معظم الناس لا يملكون العمق الفلسفي ولا الانساني كي يقدروا في كل مرة التواجه مع حالة من هذا النوع.

ويرى علوش ان اهمية الزيارة اليوم انها جرت رغم كل الظروف الموجودة في لبنان، حيث الخوف والاحتقان والقلق من المستقبل، بالاضافة الى الوضع القائم في المنطقة، خصوصًا موضوع سوريا وفلسطين وايران، وكلها امور تؤكد ان تلك الزيارة كنا بحاجة اليها ولبركتها، ولكن عمليًا نحتاج ايضًا الى حلول، ويجب ان تكون تلك الحلول عادلة تتطلع الى القضايا المجاورة من حل للقضية الفلسطينية، وكذلك الضغط والتوصل الى ديمقراطيات انسانية تستطيع الحفاظ على كرامة الشعوب، وايضًا الوصول الى قناعات عند المواطنين بعدم التصنيف الديني والاتني والعقائدي.