بعد ترؤس لبنان الجامعة العربية، تطرح إشكالية اعتماد لبنان سياسة النأي بالنفس في ظل ضرورة قيامه بدور اللاعب الموفِّق بين مختلف الآراء العربية، فهل يبقى لبنان نائيًا بنفسه عن المشكلة السورية ام يلعب دور المحور الفاعل فيها؟.


بيروت: لبنان اليوم رئيسًا لمجلس الجامعة العربية لمدة ستة اشهر، ووزير خارجية لبنان عدنان منصور هو وزير الخارجية اللبناني الثالث الذي يترأس مثل هذه الدورة الوزارية بعد الوزير السابق محمود حمود بين 2002 و2003، وسبقهما الوزير فارس بويز، فهل يبقى لبنان يعتمد سياسة النأي بالنفس من القضية السورية داخل مجلس الجامعة العربية؟ يرى الكاتب والمحلل السياسي عادل مالك في حديثه لquot;إيلافquot; ان موضوع ترؤس لبنان الجامعة العربية للاشهر الستة المقبلة كان مدار المحادثات المكثفة ما بين أركان الحكم في لبنان، على أساس ان لبنان من ناحية معنوية، مهم ان يترأس الجامعة العربية، في حين يحذر البعض من الموضوع، خصوصًا انه في حال الانقسامات العربية الحاصلة، معروف ان لبنان يتخذ موقفًا مستقلاً في ما يتعلق بالاحداث في سوريا، وهنا الاسئلة مطروحة حول نقطة اساسية، كيف سيتمكن لبنان من ادارة جلسات الجامعة العربية للأشهر الستة المقبلة، وكيفية التصرف اذا ما طُرحت قرارات تزيد من عزلة سوريا اكثر مما هي معزولة، على اعتبار ان سوريا كما نعلم، مجمدة عضويتها في الجامعة العربية.

ويضيف مالك:quot; كيف يمكن للبنان ان يكون مجردًا وعلى مسافة واحدة من كل الاطراف العربية، وبين ما يتحكم بالقرار اللبناني، وهو عدم امكانية لبنان ان يصوت لاي قرار ضد سوريا، وهنا تكمن الاشكالية الكبيرة.

ويتابع:quot; بالامس مع تسلم لبنان الدورة الحالية، استمعنا الى الخطاب التقليدي لوزير خارجية لبنان، كان كلامًا مطاطيًا عامًا، لم يكن فيه اي الزام، اما الاشكالية فستبقى اعتبارًا من هذا اليوم، عندما يقرر مجلس الجامعة العربية الاقتراب اكثر من طرح حلول من الازمة المتصاعدة في سوريا، صحيح ان لبنان اعتمد النأي بالنفس عن سوريا، لكنه لا يستطيع وهو يترأس مجلس الجامعة العربية ان يميز نفسه من بقية الدول العربية.

سيبقى معزولاً عن سائر المواقف العربية، وهنا الاشكالية هل سيجيد لبنان القيام بدور اللاعب الموفق بين الآراء العربية؟ ام ان لبنان سيواجه حرجًا كبيرًا وهذا ما يمنع ويزيد من الخلافات.

ولدى سؤاله اعتماد النأي بالنفس يبقى مستبعدا كون لبنان يترأس الجامعة العربية، اي دور سيكون للبنان لعبه في هذا المجال؟ يجيب مالك:quot; النأي بالنفس تبين مع التجربة انه شعار مطاطي، ويحتمل الكثير من التأويلات، ثم هناك نقطة اساسية، لبنان لوحده لا يستطيع ان ينأى بنفسه عما يحيط به، لانه في نهاية الامر على لبنان ان يلاحظ سائر المواقف العربية، اذا ما كانت هذه الاخيرة quot;تحترمquot; موقف لبنان في النأي بنفسه، والا لبنان وجد نفسه مضطرًا باعتماد الامر الواقع وهو مواجهة اللاجئين من سوريا الى لبنان، هذه قضية إشكالية يحاول لبنان حصرها بناحية انسانية بالتعاون مع بعض المؤسسات الدولية، في القيام بدور انساني يتعلق بعشرات الالوف من اللاجئين السوريين هربًا مما يجري حاليًا في سوريا.

ويتابع:quot; هناك انقسام حاد بين اللبنانيين افقيًا وعموديًا، لا يكفي للبنان الرسمي فقط ان يعلن انه ينأى بنفسه عن الاحداث لتجنّب خضات وتداعيات ما يجري حاليًا في سوريا، بكل الاحوال سيجد لبنان نفسه محرجًا، لا يكفي فقط تجنيب تداعيات ما يجري في سوريا على الارض اللبنانية، لان الامر الواقع يفرض نفسه كما في كل مرة، والموقف أصبح خارج السيطرة، تدفق اللاجئين اكبر بكثير مما توقعه البعض.

وردًا على سؤال هل الجامعة العربية اليوم تقوم بدور فاعل في القضايا العربية وكيف يمكن تفعيل هذا الدور، يجيب مالك:quot; اطلاقًا لا تقوم الجامعة العربية بدورها، وهي في حالة عجز واضح والمأزق السوري زاد في عدم جدوى او فاعلية هذه المؤسسة، بدليل ان مجلس الجامعة العربية رحَّل الازمة في سوريا الى مجلس الامن، لمحاولة ابعاد الكأس المرة عن مجلس الجامعة العربية.

النظام العربي سقط بالضربة القاضية، كل ما يقال وما يعلن شعارات لا تتعدى ذلك، تفعيل دور الجامعة يحتاج الى دور عربي جديد، لكن في الوقت الحالي الجامعة العربية بشكل او بآخر تمعن في التمزيق بين الدول المشاركة، على سبيل المثال من ناحية سياسية، الجامعة العربية في الوقت الحاضر هي التي تنأى بنفسها عن المشكلة الكبيرة التي تواجهها، من هنا العجز العربي غير قادر على مجاراة الوضع القائم، يضاف الى ذلك قول الاخضر الابراهيمي، الوسيط الجديد، الآتي الى المنطقة، فهو يشكك كثيرًا في إمكانية نجاح مهمته، والامر الثاني هناك صيغة جديدة، يعتمد التعبير التالي لكل من الابراهيمي وانان، وهو موفد الجامعة العربية والامم المتحدة، هذا التوصيف جديد لم يسبق استعماله في اي نزاع عربي ان طرح بهذا الشكل.

ويضيف مالك:quot; تكون الجامعة قائمة وجيدة وتقوم بدور فاعل عندما تكون الحالة العربية الى حد ما مستقرة، اما مع الوضع القائم والتشرذم بين مختلف الاطراف العربية، ليس بإمكان مجلس الجامعة أن يقوم بدور فاعل على الاطلاق.