موضوع المخطوفين اللبنانيين وعشيرة آل المقداد وغيرها من المواضيع شكَّلت مادة دسمة للمجلس الوطني للإعلام من أجل ضبط أداء بعض القنوات، معتبرًا أنها تفلتت من الأصول المهنية، فهل حرية الإعلام في خطر اليوم في لبنان؟.
بيروت: يجتمع وزير الإعلام وليد الداعوق والمجلس الوطني للإعلام اليوم مع ممثلي المحطات التلفزيونية والاذاعية للبحث في كيفية ضبط الأداء الإعلامي لاسيما بعد الأخطاء المهنية التي وقعت في بعض المحطات خلال نقلها أولاً خبرًا عن مقتل المخطوفين اللبنانيين في غارة للطيران الحربي السوري على بلدة أعزاز ما دفع بأهالي المخطوفين الى قطع طريق المطار، وثانيًا فتح الهواء مباشرة لإطلالات عشيرة آل المقداد وجناحها العسكري وما أطلقته من تهديدات عبرها بتنفيذ اعمال خطف ضد الاتراك والسعوديين والرعايا العرب ما تسبب بالضرر على سمعة لبنان ودفع دول الخليج الى اصدار بيانات تحذر رعاياها من المجيء الى لبنان.
يقول الكاتب والاعلامي عادل مالك لـquot;إيلافquot; إن موضوع الاعلام في لبنان دقيق، ويجب رسم خيط ولو رفيعاً ما بين حرية الاعلام التي عاش فيها لبنان لسنوات طويلة، وبين الاعلام التأجيجي الذي يسهم في اثارة المزيد من التوتر وحالات الاحتقان، ويضيف مالك :quot; في الآونة الاخيرة بصراحة، ربما لسبب تحقيق الكسب الإعلامي أو الخبر السريع ووضعه برسم المشاهد أو المستمع، حصلت بعض الاخطاء وقد تكون غير مقصودة، وإنما نتائجها كانت زيادة اجواء التوتر بين الجماهير اللبنانية والعربية، بخاصة أن الموضوع يتعلق بحرية ومصير عدد من الاشخاص، لكن اليوم الامور تتجدد بخطورة أكبر، يجب أن نحدد أننا مع حرية الإعلام، مع إبلاغ الجمهور أو المتلقي أي معلومات واضحة، وإنما مع مراعاة أمرين أساسيين، اولاً الدقة في الخبر، وثانيًا عدم ادماج التحليل والتعليق مع الخبر، هنا دور الاعلام يأتي من ضمن نقطتين اساسيتين، هناك اعلام يدمِّر وهناك اعلام يعمِّر، والاعلام المعمِّر يجب ألا يتجاهل ما يحصل على الساحة انما هنالك أسلوب يجب ألا يوتر اعصاب الناس اكثر مما هي متوترة، لذلك دور الاعلام بالغ الخطورة، التخلي عن السبق الصحافي في سبيل أي مردود آخر، هذا غير مقبول على الإطلاق، مع حرية الصحافة وتمتعنا بها على مدى سنوات طويلة. اليوم الإعلام إما أنه يشارك اللبنانيين والعرب في تقديم المادة الإخبارية بحد أدنى من الهدوء أو بوضع الناس بحالة من المزيد من الاستنفار عن طريق رواية الخبر بشكل مثير أكثر مما هو في واقع الحال.
حرية ...في خطر؟
ولدى سؤاله أن المجلس الوطني للاعلام يتحرك لمحاكمة بعض القنوات، هل حرية الاعلام في لبنان في خطر اليوم؟ يجيب مالك:quot; حرية الاعلام تحت الرقابة اكثر من أي وقت مضى، لكن بصريح العبارة جرت محاولات عدة، لقمع الحريات الاعلامية في لبنان، أو لجعلها ضمن ضوابط معينة، لكن فشلت هذه المساعي كلها، اليوم الوضع بالغ الخطورة، على المسؤولين عن المؤسسات الإعلامية أن يقرروا أي دور يجب أن يتخذوه، هل هو دور السبق الصحافي الذي لا يأخذفي الاعتبار الا تسجيل نقاط، وإما المساهمة بشكل من الاشكال في تهدئة الاجواء الصاخبة، وهذا ما أميل اليه لكن طبعًا ليس على حساب حرية الاعلام، وانما على حساب الوضع الدقيق الذي يجتازه لبنان في هذه الفترة.
كصحافي واعلامي مخضرم، ما هي القواعد التي يجب أن تتبعها القنوات التلفزيونية لتنأى بنفسها عن الغوغائية وتقييد الحرية؟ يجيب مالك:quot; اعلنت بعض محطات التلفزيون التخلي عن سياسة النقل المباشر باعتبار ما يحمله من مفاجآت قد لا يكون سارّاً، انما على ما يبدو هذه التجربة لم يتم الالتزام بها باعتبار أن عنصر التنافس يدخل هنا بين المحطات، وتم اعتبار أن من لا يخبر الناس وكأنه مقصر، مما اعاد الامور الى طبيعتها، الاعلام في دائرة الضوء هو اليوم الخبر وليس ناقل الخبر، وموضوع حرية الاعلام أمر بالغ الدقة والخطورة، مع الاخذفي الاعتبار ما يجتاح لبنان في هذا الظرف الدقيق من مخاطر، الاعلام عليه أن يختار بين أن يهدّىء من مشاعر المشاهدين أو القرّاء أو المستمعين، وإما ان يكون اعلامًا ملتزمًا مبشرًا بافكار عقائدية معينة، وهنا يأتي الخيار بين إعلام هادف ومسؤول وبين اعلام مثير يهدف الى تسجيل النقاط.
هل الاعلام اليوم بخطر في لبنان؟ يجيب مالك:quot; لا اتصور ذلك لكن ما حكي عن الصلاحيات التي تعطى للمجلس الوطني للإعلام فقد انتهت مدته منذ سنوات طويلة، وليس قائمًا بشكل شرعي إنما يحاول أن يقوم بدوره، وسمعت من بعض المسؤولين في المجلس الوطني للاعلام أن هنالك اتجاهاً لاحتواء التوتر الناتج من خلال توجيه بعض الاجراءات نظرًا لخطورة تأثير التلفزيون على المشاهدين، البعض يفكر استجابة لضغوط معينة باقفال المحطة أو تلك التي تُعتبر أنها خرجت عن الإطار العام، ولكن الاعلام اللبناني موضوع رقابة اكثر من أي وقت مضى، ولكن لا يمكن اعتبار أن حرية الإعلام مشوشة الى درجة أن تحرم مؤسسسات اعلامية من نقل المعلومات الى مستمعيها أو قرّائها أو مشاهديها.
التعليقات