وصل الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إلى الإمارات في زيارة تدوم يومًا واحدًا، تتركز فيها المباحثات على تعزيز سبل التعاون الإقتصادي، وتحضر فيها مالي وإيران وسوريا.


لندن: في السادسة والنصف من صباح اليوم الثلاثاء، وصل الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إلى الامارات، على رأس وفد وزاري كبير، يرافقه عدد من رؤساء أكبر الشركات الفرنسية، ونيته quot;ترسيخ الشراكة الكاملة التي تربط فرنسا بدولة الاماراتquot;، وفق ما أعلنه دبلوماسي فرنسي، مؤكدًا أن العلاقات بين البلدين تتميز بطابع استثنائي، إذ تستضيف الامارات زهاء 18 ألف فرنسي، يشكلون الجالية الفرنسية الأكبر في دول الخليج العربي.

كما يثمن الفرنسيون غاليًا إقدام الامارات على استضافة ممثلية عن متحف اللوفر، ستفتتح في العام 2015، وممثلية عن جامعة السوربون، في إطار اقتصاد المعرفة، الذي تتبناه هذه الدولة الخليجية.

مباحثات الرئيسين

خلال جلسة المباحثات بين الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الامارات، وبين الرئيس الفرنسي، أكد الطرفان ضرورة تعزيز التفاهم والتعاون الدولي لترسيخ الأمن والاستقرار في منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط والعالم في إطار القرارات الدولية واحترام سيادة الدول وتعزيز السلم العالمي، بحسب ما نقلته وكالة أنباء الامارات.

وقد تناول الرئيسان سبل تدعيم التعاون المشترك في مختلف المجالات، وخصوصًا الاقتصادية، بما يحقق مصالح الشعبين إضافة إلى تبادل الرأي حول آخر التطورات والمستجدات الراهنة على المستويين الاقليمي والدولي وعدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك. وقد أكدا ارتياحهما للنمو الذي تشهده العلاقات الثنائية بهدف تحقيق رؤية مشتركة لتعزيز الشراكة الاقتصادية وتوسيع مجالات الاستثمار بين الإمارات وفرنسا.

من جانبه، أكد هولاند سعي بلاده إلى توسيع آفاق التعاون مع الإمارات في المجالات الاقتصادية والتجارية والتقنية والثقافية، مشيدًا بجهود الامارات في تعزيز التعاون الدولي في مجال الطاقة المتجددة، بما يحقق توفير الطاقة النظيفة لشعوب ودول العالم، وخصوصًا الدول النامية التي تحتاج إلى الطاقة في تعزيز عملية التنمية المستدامة.

كما رحّب هولاند بإقامة مشروعات مشتركة بين رجال الاعمال في الامارات وفرنسا وفتح آفاق جديدة لدعم التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين. ومنح خليفة هولاند وسام زايد، أعلى الأوسمة التي تقدم عادة لرؤساء وزعماء الدول، فيما قدم هولاند لخليفة وسام الشرف الفرنسي.

مسألتان حيويتان

يدل الوفد رفيع المستوى المرافق لهولاند إلى الامارات على أن العناوين العريضة لزيارة هولاند إقتصادية بامتياز. فإلى جانب حلوله ضيفًا على المؤتمر العالمي لطاقات المستقبل، المنعقد في أبو ظبي بمشاركة وحضور لفيف من الشخصيات الدولية الفاعلة في هذا الميدان، ستتألف الزيارة من محطات اقتصادية عدة، تتسم بأهمية كبيرة، إذ ستكون فرصة لهولاند كي يشدد على التزام فرنسا جانب العمل على تطوير سبل الاستفادة من الطاقة المتجددة صديقة البيئة، وكي يخطو خطوات إضافية على طريق تقوية العلاقات الشاملة بين البلدين.

ففي الامارات تعمل أكثر من 500 شركة فرنسية، في مختلف الميادين الاقتصادية. كما تؤكد مصادر قصر الاليزيه لوكالة الصحافة الفرنسية أن الاستثمارات الاماراتية في فرنسا بلغت زهاء أربعة مليارات يورو في العام 2011.

وإذ تنفي المصادر نفسها أن يكون هولاند في صدد عقد صفقات تجارية أو اقتصادية أو استثمارية مع الجانب الاماراتي، إلا أنها تؤكد أن الوفد سيطرح على بساط البحث مسألتين حيويتين بالنسبة إلى فرنسا، تجديد عقد امتياز شركة توتال للتنقيب واستغلال النفط في الامارات مع شركة أبو ظبي للعمليات النفطية البرية- ادكو، الذي ينتهي في العام 2014، وقضية المقاتلة الفرنسية رافال التي تفكر الامارات في شراء نحو 60 منها، أن تمكنت رافال من تجاوز منافسة قوية تبديها يوروفايتر البريطانية. وتوقع مصدر دبلوماسي فرنسي لوكالة فرانس برس أن لا يتم توقيع أي عقد بهذا الشأن خلال الزيارة.

مالي وسوريا وإيران

في الشق السياسي من الزيارة، تتوقع المصادر الفرنسية توافق البلدين على مقاربة موحدة للأزمات المختلفة التي تمر بها المنطقة العربية، وتحديدًا الأزمة السورية التي تشرف على عامها الدموي الثاني، والعلاقة المتشنجة بين دول الخليج وإيران.

وقالت مصادر مواكبة للزيارة إن هولاند سينتهز فرصة وجوده على مقربة جغرافية من إيران ليوجه إلى قيادتها وإلى النظام السوري رسالة واضحة، هي وقوف فرنسا في جانب منع إيران من امتلاك السلاح النووي، وفي جانب انتقال سلس للسلطة السياسية في سوريا مع تنحي الرئيس بشار الأسد، ما يعد توحيدًا في الرؤية السياسية بين الامارات وفرنسا.

إلى هذه الأزمات، نقلت فرانس برس عن مصادر مقربة من هولاند أن التدخل العسكري الفرنسي في مالي سيتصدر جدول مباحثاته خلال الزيارة، تزامنًا مع بدء العملية العسكرية الفرنسية لمحاربة المسلحين الإسلاميين في مالي. فقد دخلت فرنسا في حرب حقيقية إلى جانب الجيش المالي ضد جماعات إرهابية متطرفة تهدد بزعزعة منطقة الساحل المالي.

وسيستغل هولاند فرصة وجوده في الامارات ليطلب من دول الخليج العربي دعم الحملة الفرنسية على الارهاب في أفريقيا، من خلال توفير الدعم المطلوب لقواته هناك، خصوصًا أن الإمارات شاركت فعليًا في الحرب في أفغانستان بإرسالها 1200 جندي إماراتي، وساهمت في إسقاط العقيد معمر القذافي في ليبيا برصدها 12 طائرة مقاتلة وضعتها في تصرف قيادة التحالف الدولي الذي قاد الحملة آنذاك.

إلى ذلك، تشارك الامارات وفرنسا، وفي الصف الأمامي، بمجموعة أصدقاء سوريا، ما يوطد العلاقة التنسيقية في السياسة الخارجية بين البلدين.

وكان هولاند زار القاعدة العسكرية الفرنسية quot;معسكر سلامquot; التي أقيمت في العام 2009 في أبوظبي، في إطار اتفاقية دفاع وقعت بين البلدين في العام 1995. هذه القاعدة تضم حوالي 700 جندي فرنسي وتشخص التعاون العسكري المتين بين فرنسا و الإمارات العربية المتحدة.