أبدى منتدى الفكر العربي حرصه على تجاوز العراق معاناته الحالية، داعيًا العرب إلى مد يد العون لهذا البلد الشقيق، منعًا لعودته إلى مربع التمزق الأول. كما حض العراقيين إلى الاستفادة من تنوعهم الثقافي الغني للخروج بحلول مبتكرة ومتكاملة لكل مشاكلهم.
تزامنًا مع استمرار التظاهرات في مدن عراقية عدة، وفشل السلطات العراقية في الاستجابة لطلبات المحتجين بعد 25 يومًا من الحراك الشعبي، أطلق منتدى الفكر العربي برئاسة الامير الحسن بن طلال نداءً يتطرق للشأن العراقي، عبر بيان خاص وصل لـquot;إيلافquot;، أكد متابعة المنتدى باهتمام وقلق كبيرين التطورات التي تجري في العراق، والتي تضع كل غيور على مصير الأمة أمام مسؤولية التحرك لمنع عودة الأوضاع في هذا البلد الشقيق إلى المربع الأول.
واستذكر النداء الظروف التي مرت على العراق خلال السنوات الماضية، ومعاناة العراقيين مشاكل وأزمات مختلفة، ودفعوا تضحيات جسام من دون أي مُسوّغ، quot;ما يجعلهم يدركون أن الاستمرار في التصعيد على هذا النحو، في جو محاط بالتراكمات ومخلفات الماضي بثقله الرهيب، سيقوض ما سبق أن تم البدء به، حتى وإن لم تتحقق بعد جميع النتائج المرجوة منه، وبالتالي لا بد من البناء على هذا النزر اليسير وتطويرهquot;.
دعوة للسلام
حذر المنتدى القوى الوطنية والسياسية العراقية من مغبة احلال المصالح الفئوية مكان المصالحة الوطنية العراقية. وقال في بيانه: quot;حتى لا نسئ لمفهوم السلام، علينا أن نتمكن من مشاهدته على أرض الواقع، لا بوصفه غياب للحرب فحسب، وإنما أخذه كقوة ديناميكية داخل الفرد والأمة، أمنًا واستقرارًا، واحترامًا متبادلًا بين كل أطياف الشعب، لأنه يضعهم مرة أخرى في اتصال مع العناصر المفقودة من حياتهم والمطلوبة لكمال حياتهمquot;.
أضاف البيان: quot;اليقين لدينا أن الجميع في العراق الحبيب لديهم ميل طبيعي لرؤية السلام والوئام يعمان أرجاء الوطن، ويتطلعون لحل ما يعترض مسيرة العيش المشترك من عقبات، لأن الافتقار للسلام والوئام يمنع التوافق والتوازن ويعطل بالتالي كل تنمية مبتغاةquot;.
تحكيم العقل
دعا المنتدى جميع الاطراف على الساحة العراقية إلى تحكيم العقل، واستذكار الثمن الباهظ الذي دفعه العراق على مختلف الصعد، ما يدعو الجميع إلى البحث عن السبل الكفيلة لحل المشاكل عن طريق الحوار والاحتكام إلى تراثنا ووشائج الأخوة والتاريخ المشترك والتزاماتنا إزاء شعوبنا وخالقنا جل جلاله.
وقال المنتدى: quot;تحقيق الحوار والاحتكام للعقل يستدعي أن ينتقل الشعب العراقي الآن للحصول على إجابات لمشاكله معًا، مثلما كان دائمًا معًا، لأن الأرض التي أنبتت الحضارات، فعلت ذلك بإرادة شعب موحد، كان وما يزال لديه الكثير مما ليعلمه للشعوب الأخرى عن طبيعة السلام والعيش السلمي المشترك، والمصير المشترك الذي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالاحترام الحقيقي، والذي يرتبط بدوره ارتباطًا لا ينفصم مع الكرامة الإنسانيةquot;.
إيجاد الحلول المبتكرة
أكد المنتدى الحاجة إلى نموذج جديد من العلاقات، إذ أن هذه الفترة من تاريخ العراق تتطلب من الجميع إقامة نموذج يستند إلى المشتركات الاجتماعية والقيم الأساسية الإنسانية والروحية للشعب العراقي، التي تعبر عن مستوى جديد من الوعي الذي سيساعد على تحديد ما يجب على الجميع فعله وكيف يجب عليهم أن يفعلوا ذلك لضمان المصالح المشتركة، والتي تتحقق بها الرفاهية المنشودة.
أضاف: quot; يمكن أن يجد أهل العراق الوحدة في هذا التنوع الغني لديهم، وضمن هذا التنوع إيجاد حلول مبتكرة، فالاحتقان اليوم هو حالة عابرة تعكس الوعي الذي يهيمن على عقل الناس، ولم يعد بالإمكان الاستمرار في تفكير التجزئة، لأن الوقت قد حان الآن لبدء توحيد المجتمع بعيدًا عما يفرق، وبعيدًا عن وعي الأنا، ولا بد من تعزيز الترابط العضوي الذي ميز العراقيين عبر التاريخquot;.
دور المفكرين
أوضح المنتدى أن الأمانة الملقاة على عاتقه تدفعه إلى دعوة كل المفكرين العرب للاهتمام بالوضع في العراق، والنظر في ما يمكن أن يساهم في رفد أطراف المعادلة العراقية بتوصيات وأفكار تعينهم على التوصل إلى حلول حقيقية وواقعية، تحفظ وحدة العراق أرضًا وشعبًا بكل مكوناته التي قدمت للعالم قانون حمورابي وباكورة الانجازات الفكرية والعلمية، وبما يعزز القدرات العربية في مواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية.
وانطلاقًا من مسؤولية المنتدى والتزامه بقضايا الأمة، ومساهمة منه في عودة العراق لكي يلعب دوره المطلوب، سبق له أن نظم ندوة عن الشأن العراقي في العام 2009، ثم أعقبها بندوة أُخرى عن التعاون بين المملكة الأردنية الهاشمية والعراق في إطار البحث عن سبل تحقيق التكامل الاقتصادي العربي.
وفي السياق نفسه، يعقد المنتدى خلال الفترة القادمة ندوة أخرى بشأن التعاون الاقتصادي بين مصر والسودان وليبيا، وسيليها ندوة أُخرى بين دول المشرق العربي ودول المغرب العربي، كما ينوي المنتدى عقد ندوة عن تجربة مجلس التعاون الخليجي بأبعادها الاقتصادية والعملية والمستقبلية لتحقيق التكامل العربي.
مهد الحضارات
تفاءل المنتدى بمستقبل العراق، بالرغم من المخاطر التي قد تنجم عن التجاذبات التي تجري على الأرض، فإن بغداد تخرج مجددًا عن صمتها وتنادي العرب لكي يمدوا يد الأخوة إلى أشقائهم لمنع أية تداعيات تعيد البلاد إلى نقطة الصفر.
واستذكر البيان الثروات البشرية والطبيعية والموقع الجغرافي المهم الذي يتمتع به العراق، ما ساعده تاريخيًا على اجتذاب الموجات البشرية من كل الجهات ومن مختلف العصور، والاستيطان على أرضه المعطاءة منذ آلاف السنين، فصارت بلاد الرافدين مهدًا للحضارة البشرية ومهبطًا للأنبياء والأديان ومنبعًا للمذاهب الدينية والمدارس الفكرية المختلفة، وبذلك امتاز شعب العراق بتعددية مكوناته الإثنية والدينية واللغوية والثقافية التي كانت المصدر الأساس لما قدمته حضارة وادي الرافدين إلى الإنسانية.
التعليقات