عبّرت بريطانيا عن شعورها بالقلق العميق لتردي وضع حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة quot;الضفة وغزةquot;، واستمرار الممارسات الإسرائيلية التعسفية.

قال تقرير لوزارة الخارجية البريطانية إن المملكة المتحدة ما زالت تشعر بقلق شديد حيال حقوق الإنسان بما يتعلق بالاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة، رغم بعض الخطوات الإيجابية في هذه الفترة.
وأضاف التقرير أن بريطانيا رحبت على سبيل المثال بميل إسرائيل نحو تقليل اللجوء للاعتقالات الإدارية، لكن وفقًا للمنظمة الفلسطينية غير الحكومية، الضمير، فإن عدد الفلسطينيين المعتقلين إداريًا حتى آب (أغسطس) 2013 بلغ 134 سجينًا، مقارنة بـ 250 في نفس الشهر من عام 2012.
كما أن بريطانيا رحبت أيضاً بإفراج إسرائيل يوم 14 آب (أغسطس) 2013 عن 26 معتقلاً فلسطينيًا معتقلين منذ ما قبل عام 1993. فكانت تلك خطوة مهمة وصعبة ساعدت في إعادة إطلاق مفاوضات السلام المباشرة.
وحسب التقرير، ما زال القلق ينتاب حكومة لندن من معاملة إسرائيل للأطفال الفلسطينيين في مراكز الاحتجاز العسكرية. وأشار التقرير إلىأن المملكة المتحدة تناقشالمسألة مع إسرائيل، وتواصل حثها على تبني التوصيات الواردة في تقرير مستقل صدر عام 2012 بعنوان ldquo;أطفال رهن الاعتقال العسكريrdquo;.
وحتى آب (أغسطس) 2013 كان هناك 180 طفلاً فلسطينيًا في السجون الإسرائيلية، بينهم 31 تحت سن 16، مقارنة بـ 210 في نفس الشهر عام 2012 (34 تحت سن 16).

الممارسات الإسرائيلية
وينتاب المملكة المتحدة قلق خاص بفعل الموجة الأخيرة من هدم السلطات الإسرائيلية لمبانٍ فلسطينية، وما نتج عن ذلك من تشريد ونشوء حاجة للمساعدات الإنسانية. ففي خربة خلة مكحول مثلاً لم يبقَ أي مبنى في القرية إلا وطاله الهدم، فكان أن تشرد سكان الخربة جميعهم.
كما عبر التقرير عن القلق من إقدام السلطات العسكرية الإسرائيلية على منع أهالي الخربة المتضررين من تلقي مساعدات إنسانية. وقال إن الحكومة البريطانية كانت أوضحت للسلطات الإسرائيلية مراراً وتكراراً، بما في ذلك لمكتب رئيس الوزراء نتنياهو، مشاعر القلق التي تنتابنا إزاء عمليات الهدم هذه، والتي نرى أنها تسبب معاناة غير ضرورية لفلسطينيين عاديين، وتلحق الأذى بعملية السلام، وتتعارض والقانون الإنساني الدولي.
ولفت التقرير إلى تصريح كان أدلى به وزير شؤون الشرق الأوسط آنذاك أليستر بيرت في 18 أيلول (سبتمبر)، أعرب عن ترحيب حار بإعلان الخطوات الإسرائيلية الإيجابية لمساعدة الاقتصاد الفلسطيني، بما في ذلك السماح بدخول مواد بناء للمشاريع الخاصة في غزة، والموافقة على 5,000 تصريح عمل آخر للفلسطينيين للعمل داخل الخط الآخر في إسرائيل.
غير أن المملكة المتحدة ما زالت قلقة من الأضرار التي تلحق بالاقتصاد ومستويات معيشة الفلسطينيين العاديين جراء القيود الإسرائيلية على حركة السلع والناس، وما انفكت تحث إسرائيل على تخفيف هذه القيود.
وتصنف الأمم المتحدة قرابة المليون غزي فلسطيني بأنهم ldquo;غير آمنين غذائياًrdquo;، وقد تفاقمت الأوضاع الاقتصادية في غزة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، وكان لإغلاق السلطات المصرية للأنفاق أثره على نقص الوقود ومواد البناء وسلع أخرى. كما أدى الإغلاق المتكرر لمعبر رفح إلى الحدِّ أكثر فأكثر من قدرة الفلسطينيين وآخرين غيرهم على السفر من وإلى غزة.
الذخيرة الحية
وقال التقرير: وما زال لدى المملكة المتحدة قلق من استخدام إسرائيل للذخيرة الحيَّة. فقد قتل ثمانية فلسطينيين برصاص القوات الإسرائيلية خلال فترة إعداد التقرير. وفي 10 أغسطس (آب) أصيب مواطن غزي أعزل بجراح قاتلة بعد إطلاق القوات الإسرائيلية النار عليه عند الحاجز بين غزة وإسرائيل، وذلك كما قيل أثناء محاولته دخول إسرائيل. كما أصيب فتى فلسطينييبلغ من العمر19عاماً بجراح مميتة أثناء مظاهرة تخللها عنف في بلدة دورا بالضفة الغربية يوم 2 يوليو (تموز).
وقتل ستة فلسطينيين في عمليات إسرائيلية في مخيمي جنين وقلنديا للاجئين بالضفة الغربية خلال أغسطس وسبتمبر (آب وأيلول). وكانت هناك وقتئذ مظاهرات عنيفة احتجاجًا على الاقتحام الإسرائيلي للمخيمين.
وقد أثار موظفو السفارة البريطانية مسألة قلق المملكة المتحدة من استخدام الذخيرة الحية مع وزارة الدفاع الإسرائيلية ومكتب رئيس الوزراء نتنياهو.
ودانت المملكة المتحدة أيضاً اغتيال جنديين إسرائيليين قتلهما فلسطينيون بالضفة الغربية في 20 و 22 سبتمبر (أيلول). وكان أحد الجنديين قد اختطف في إسرائيل بينما كان في إجازة ثم قتل بعد ذلك، أما الثاني فقد أطلقت عليه النار في مدينة الخليل أثناء الخدمة.
الاستيطان
وتحدث التقرير البريطاني عن مشاريع الاستيطان الاسرائيلية، وقال إن الأشهر الثلاثة الأخيرة حفلت بعدد ملحوظ من الإعلانات الاستيطانية. فقد قُدِّمت مخططات لبناء 3,171 وحدة سكنية في القدس الشرقية والضفة الغربية منذ 30 يوليو (تموز)، رغم أنه لم تقدم أي خطط كهذه منذ استئناف المحادثات المباشرة في 14 أغسطس (آب). إن لبناء المستوطنات، وهي غير شرعية بموجب القانون الدولي، أثرًا سلبياً شديدًا على حقوق الفلسطينيين الاجتماعية والاقتصادية، إذ تحدّ من حقهم في حرية الحركة والتنقل ومن قدرتهم على كسب قوت يومهم وحقهم في حماية ممتلكاتهم الخاصة.
كما تواصل العنف خلال فترة إعداد التقرير بين الفلسطينيين والمستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية، فقد وقعت بين 1 يوليو (تموز) و23 سبتمبر (أيلول)، وفقاً لتقديرات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، 70 حادثة أسفرت عن إصابات أو تلف ممتلكات في الجانب الفلسطيني، و6 حوادث أسفرت عن إصابات أو تلف ممتلكات في الجانب الإسرائيلي.
معايير حقوق الإنسان
وقال التقرير إن المملكة المتحدة مستمرة في حث السلطة الفلسطينية على الالتزام بمعايير حقوق الإنسان المعترف بها دولياً، وما زالت تشعر بالقلق من عدد من المسائل. فقد قتلت قوات الأمن الفلسطيني، على سبيل المثال، رجلاً في مخيم للاجئين بمنطقة نابلس خلال إغارة اعتقال في 27 أغسطس (آب).
وقد توفي أمجد عوده على الفور بعد أن اطلقت قوات أمن السلطةالفلسطينية النار على رأسه، وفقاً لما قاله مواطنون محليون. وقالت قوات أمن السلطة الفلسطينية إن الضحية قتل أثناء تبادل للنيران. وأثارت المملكة المتحدة مسألة تصرف قوات أمن السلطة الفلسطينية مع مكتب رئيس الوزراء ووزارة الداخلية.
أوضاع غزة
وحسب التقرير أيضاً، ما زالت المملكة المتحدة تشعر بقلق شديد حيال وضع حقوق الإنسان في غزة تحت حكم حماس. ورغم احترام وقف النار الذي اتفق عليه في نوفمبر (تشرين الثاني) 2012 بصورة عامة، إلا أن مجموعات متطرفة في غزة استمرت في إطلاق عشوائي للصواريخ على إسرائيل بين الحين والحين، إذ أطلقت 13 صاروخاً بين يوليو وسبتمبر (تموز وأيلول). والمملكة المتحدة تدين هذه الهجمات.
كما أن سلطات الأمر الواقع من حماس في غزة حكمت على خمسة فلسطينيين بالإعدام بين يوليو وسبتمبر بما يتعارض وقرار الرئيس عباس تعليق عقوبة الإعدام. وكان الوزير بيرت قد دان الإعدامات العلنية المزمعة في تصريح أدلى به في 13 أغسطس (آب). وفي النهاية تم تأجيل تلك الإعدامات.
وختم التقرير بالإشارة إلى أنه في الأول من أيلول (سبتمبر) أعلنت قوات الأمن الإسرائيلية جملة من الاعتقالات في نطاق ما زعم عن وجود خلية نائمة لحماس متمركزة بالضفة الغربية، وقالت إنها كانت في مراحل متقدمة من تخطيط للهجوم على مركز تسوق في القدس الغربية أثناء الأعياد الدينية اليهودية، كما تحدثت قوات الدفاع الإسرائيلية عن اكتشافها، أثناء عمليات الاعتقال، لصواريخ ومواد كيميائية لصنع المتفجرات.