تسير الصحافة الورقية الأردنية مسرعة نحو نهاية غير سارة بعد معلومات عن قرار مكتوم داخل إدارة صحيفة ورقية يومية لتوديع ساحة الإعلام الورقي، فتكون ثاني صحيفة يومية ورقية تقفل أبوابها.
عامر الحنتولي: يحبس الاعلاميون في عمّان أنفاسهم وسط حال من التيه والقلق على وقع إشاعات ومعلومات وانطباعات بأن سوق الإعلام الورقي في الأردن دخل في غيبوبة عميقة، إذ إن أكثر الصحف الأردنية الورقية مبيعًا وإنتشارًا تعيش أزمة إيرادات مالية فائقة، ما يعني أن صحفا ورقية يومية تستعد للمغادرة بصمت.
وكان ناشر صحيفة quot;العرب اليومquot; الأردنية أعلن عن توقف طباعة صحيفته، وفق إتفاق مع الحكومة قبل أشهر. وقال إنه سيعيد إصدارها بعدد أقل من العمالة التحريرية والفنية في حزيران (يونيو) الماضي. لكن المدة طالت قبل أن تتردد معلومات تقول إن مجلس إدارة صحيفة يومية أخرى يستعد لقرار من العيار الثقيل بأن يكون آخر يوم في هذا العام هو آخر عدد تطبعه الصحيفة الأردنية.
ضعف وفساد
تعليقًا على هذا الوضع، يقول نقيب الصحافيين الأردنيين طارق المومني لـquot;إيلافquot; إن الأزمة معقدة جدًا وصعبة جدًا، يتطلب الحد منها وضع قاعدة للحلول الواقعية، مؤكدًا أن بعض الحلول ينبغي أن تصدر من جانب إدارات هذه الصحف نفسها، من خلال تنويع خياراتها وخططها، كإنشاء مواقع إلكترونية متميزة وتفاعلية، وإطلاق قنوات إذاعية وتلفزيونية، مع بقاء المطبوعة الورقية على قيد الحياة. ويعتقد المومني أيضًا أنه من المهم أن تبادر المؤسسة العامة للضمان الإجتماعي إلى تحسين نوعية الأعضاء الذين تنتخبهم لعضوية مجالس إدارات الصحف اليومية، عازيًا العديد من القرارات والسياسات لبعض إدارات الصحف الورقية في الأوان الأخير إلى ضعف إدارات هذه الصحف، إضافة إلى وجود بعض شبهات الفساد. لكنه يرى أن لعجز الإعلام الورقي اليوم ظروفًا وأسبابا قديمة، متصلة بالأزمة العالمية في العام 2008، التي تأثر الأردن بها ولا تزال تفاعلاتها وتأثيراتها قائمة.
الإهتزاز عالمي
في استقصاء quot;إيلافquot; لآراء صحافيين ومختصين حول ظاهرة عجز الإعلام الورقي، يقول الصحافي الأردني نضال منصور، رئيس مركز حرية وحماية الصحافيين، وهو مركز دولي مستقل يتابع الإنتهاكات الواقعة في الأردن وخارجه على الحريات الصحافية للمؤسسات والأفراد، إنه يرى أن الإعلام الورقي يعاني بشدة، ليس في الأردن فحسب بل في مناطق كثيرة من العالم، quot;لكن ما يجعل الأزمة في الأردن متفاقمة أكثر هو عدم وجود إعلام ورقي أردني مستقل، بسبب النفوذ السياسي والأمني على هذه الصحفquot;، في إشارة ضمنية إلى مساهمة الحكومة الأردنية في رأسمال العديد من الصحف الورقية عبر ذراعها المالي المتمثل في المؤسسة العامة للضمان الإجتماعي.
ويقول منصور لـquot;إيلافquot; إن كل الإعلام الورقي بدأ يتراجع بقوة، ويُسجّل خسائر كبرى بسبب التقدم والحيز الضخم الذي بدأ الإعلام البديل يشغله على حساب الإعلام الورقي. يضيف: quot;في السنوات الأخيرة، لم يعد القارئ ينتظر الصحيفة الورقية اليومية لتخبره في اليوم التالي عن أخبار الأمس، بل أصبح الإعلام البديل، ولاسيما الإلكتروني منه، إلى جانب وسائل التواصل الإجتماعي، يضع القراء والمتابعين لحظة بلحظة في صورة الأحداث في أي منطقة في العالم، وهو ما راكم أزمات الإعلام الورقي كصناعة مكلفةquot;.
الأمن المعيشي
ويتناول منصور الأمن المعيشي للصحافيين والعاملين في الصحف الورقية، فيقول: quot;إنه سؤال يفتح باب القلق في مناطق كثيرة من العالم، والمخاوف منه لا تقتصر على الأردن، فالعديد من الصحف الورقية حول العالم إستغنت عن النسخة الورقية، واستعاضت منها بموقع إلكتروني ينقل للناس الأخبار أولًا بأول، وهو ما يعني الإستغناء عن أعداد ضخمة من الموظفين، الذين لم يعد لهم أي دور.
ويقول الكاتب الصحافي والمحلل السياسي ماهر أبو طير إن أزمة الصحافة الورقية في الأردن ستتعمق بشكل أكبر في المرحلة المقبلة إذا لم تتدخل الدولة الأردنية المُساهِمة في هذه الصحف عبر المؤسسة العامة للضمان الإجتماعي بحلول عاجلة، quot;لأن الحكومة تخسر أيضا عبر الإستثمار في هذه الصحف من خلال تسجيل الأخيرة لخسائر كبيرة، في ظل تراجع الإعلانات والمبيعاتquot;. يضيف لـquot;إيلافquot;: quot;المعالجات الإقتصادية الحكومة تنقذ الإعلام الورقي من الإنهيار، فالإعلام الورقي بشكل عام، وليس في الأردن فقط، يتجه إلى مزيد من المعاناة والخسائر العميقة التي تؤذي بطبيعة الحال إستثمارات الحكومةquot;.
التعليقات