في وقت تسري شائعات عن وجود مخططات لاغتيال الرئيس المعزول محمد مرسي، يتوقع خبراء قانونيون أن يواجه مرسي احكاماً قضائية قاسية تصل إلى المؤبد أو الإعدام شنقاً.

القاهرة:وسط أجواء سياسية وأمنية متوترة، تبدأ محاكمة الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، وهو ثاني رئيس مصري تجري محاكمته بتهمة قتل المتظاهرين، بعد محاكمة حسني مبارك.
وترى جماعة الإخوان المسلمين أن المحاكمة باطلة، مشيرة إلى أن مرسي الرئيس الشرعي لمصر، وأنه مختطف، فيما قال خبراء قانونيون إن مرسي يواجه أحكاماً قضائية قاسية في تهمة قتل المتظاهرين تصل إلى المؤبد أو الإعدام شنقاً. فيما أعربت جماعة الإخوان عن مخاوفها من تعرضه للإغتيال.
عام واحد
وتحظى محاكمة مرسي بإجراءات أمنية مكثفة ومشددة، لاسيما في ظل تواتر أنباء عن عزم جماعة الإخوان المسلمين تنظيم مظاهرات حاشدة أمام مقر المحاكمة، فضلاً عن تواتر أنباء تزعم وضع الجماعة خطة لتهريب مرسي، أو تعرضه للإغتيال.
حكم الرئيس المعزول محمد مرسي مصر لمدة سنة واحدة، بدأت في 30 يونيو/ حزيران 2012، عقب إنتخابه رئيساً للجمهورية، وتدخل الجيش لعزله، في 3 يوليو تموز 2013؛ تلبية لمطالب ملايين المتظاهرين الذين خرجوا ضده في ميدان التحرير وعدة ميادين أخرى في أنحاء الجمهورية.
ومنذ تعرض مرسي للإقالة على يد الفريق أول عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع، لم يظهر للعلن مطلقاً، لاسيما أن مكان إحتجازه ما زال مجهولاً، وإن كانت quot;إيلافquot; كشفت في وقت سابق أنه محتجز في معسكر للقوات المسلحة بالقرب من القاهرة.
ويرفض مرسي الإعتراف بأية إجراءات بدأت في 3 يوليو/ تموز الماضي، ويصر على أنه مازال الرئيسي الشرعي للبلاد، وكذلك جماعة الإخوان المسلمين والتحالف الوطني لدعم الشرعية، الذي يضم أحزاباً وحركات إسلامية.
وتصر الجماعة على رفض جميع المبادرات والمفاوضات مع السلطة الموقتة في مصر، إلا بعد عودة مرسي للحكم، وإعادة العمل بدستور 2012، الذي يجري تعديله حالياً من قبل ما تعرف بـquot;لجنة الخمسينquot; برئاسة عمرو موسى، الأمين العام للجامعة العربية السابق.
مخاوف من تعرض مرسي للإغتيال
وتنظر الجماعة والأذرع الحقوقية أو الإعلامية التابعة لها لمحاكمة مرسي على أنها quot;باطلةquot;، ووصف ائتلاف quot;مراقبون لحماية الثورةquot;، وهو إئتلاف حقوقي محسوب على الإخوان، محاكمة مرسي بأنها quot;باطلةquot;. وأضاف أن مرسي quot;الرئيس الشرعي للبلادquot;، ووصفه بـquot;المختطف اختطافًا قسريًا مسلحًا من قبل السلطات الانقلابيةquot;.
وأعرب الإئتلاف عن قلقه من احتمالية تعرض مرسي للإغتيال، وقال إن السلطات الإنقلابية تتحمل مسؤولية حمايته في ظل الشائعات الكثيرة المتداولة خلال الايام الماضية عن نية قنصه وتلفيق التهمة للإخوان المسلمين وتحالف دعم الشرعية.quot;
مرسي ومبارك
وعقد الإئتلاف مقارنة بين مرسي ومبارك في المعاملة، وقال quot;المفارقة المفجعة أن ما يحدث مع مرسي يختلف تمامًا عما يحدث مع مبارك الذي يتم التعامل معه بشكل خاص وكأنه غير متهم، بل ويحصل على براءات في كل التهم المنسوبة إليه، بينما يتم تجاوز كل القواعد القانونية والدستورية والإنسانية في معاملة الرئيس مرسي المختطف ولا أحد يعرف حتى هذه اللحظة مكان اختطافه ولم يسمح لأسرته ولا لمحاميه بزيارته.quot;
مخالفة للمواثيق الدولية
وأشار الائتلاف إلى أن محاكم مرسي مخالفة لكافة الأعراف والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان، والتي تؤكد على أنه لا يجوز اعتقال أي إنسان أو حجزه أو نفيه بشكل تعسفي، موضحاً أن quot;المادة التاسعة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، تنص على أن (لكل فرد الحق في الحرية وفي الأمان على شخصه، ولا يجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسفًا. كما لا يجوز حرمان أحد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون).
وطالب الائتلاف quot;بضرورة الافراج الفوري عن الرئيس الشرعي للبلاد، ووقف تلك المحاكمة الباطلة التى تسيء لمصر ولثورة الخامس والعشرين من ينايرquot;. كما طالب بـquot;توفير الحماية الكاملة للرئيس المختطف وإتاحة الفرصة له للتمتع بحقوقه، وتوفير كافة سبل الرعاية الصحية له، وعدم تعريضه لأي نوع من أنواع التعذيب المادي أو المعنويquot;.
القضية بيد القاضي
يواجه الرئيس المعزول محمد مرسي، أحكاماً قضائية تتراوح ما بين السجن المؤبد أو الإعدام شنقاً.
وقال المستشار عبد المنعم السحيمي، رئيس نادي قضاة طنطا، لـquot;إيلافquot; إن مصير هذه القضية يحدده القاضي سيحكم فيها، مضيفًا أن تهمة التحريض على القتل يتوقف الحكم فيها على ضمير القاضي، وحسب الادلة المتوافرة امامه ضد المتهم، مشيرًا إلى أنها لو ثبتت على الرئيس السابق فمن الممكن أن تصل عقوبتها الى السجن المؤبد أو الاعدام شنقاً.
مبارك ومرسي والمؤبد والإعدام
وأضاف أن هناك مسؤولية تقع على مرسي في ما يخص قتل المتظاهرين، مشيراً الى أنها المسؤولية السياسية، كما هو الحال مع مبارك، مضيفاً أن مبارك كان لديه علم، ولكنه لم يتخذ الاجراءات الكافية طبقاً لمقتضيات وظيفته لحماية الشعب، وأن ذلك لو حدث مع مرسي فسيكون الحكم عليه هو نفس الحكم على مبارك.
وأوضح أن القضية لها عدة احتمالات، الأول منها هو عدم علم مرسي بما حدث وقتها، والثاني هو أن يكون على علم، ولكنه لم يتدخل لحماية المتظاهرين، والاحتمال الثالث أن يكون هو الضالع الرئيسي في الاحداث، وكان كل شيء يتم تحت علمه، مشيراً إلى أن العقوبة في حالة الإحتمال الثالث تتراوح ما بين المؤبد والإعدام.
وأفاد بأن مبارك في محاكمته كانت لديه ثغرة كبيرة، وهي عدم وجود معلومات مؤكدة، فكانت النيابة العامة تشكو من عدم وجود توثيق وعدم تعاون الأجهزة الامنية والسيادية معها، في حين أن الموقف مع مرسي معكوس، فالأجهزة تقوم بأعلى درجات التعاون، وهجوم أنصاره على المتظاهرين تم أمام كاميرات الإعلام. ولفت إلى أنه من الصعب الحكم على القضية من خلال التسريبات الإعلامية، ولكن الحكم يكون للقاضي وحده، الذي يطلع على الأوراق والأدلة والبراهين، ويقدر موقف المتهم حق تقدير.
لا وجه للمقارنة
وحسب وجهة نظر المستشار بهاء أبو شقة، نائب رئيس حزب الوفد، والمحامي الشهير فإنه يصعب مقارنة قضية مبارك بقضية مرسي، مشيراً إلى أن كل قضية لها ظروفها وملابساتها والوقائع والأدلة الخاصة بها، مشيرًا إلى أن المحاكمة ستكون أمام القضاء الطبيعي، ومن حق الدفاع أن يطلب ما شاء من طلبات وأن يقدم ما لديه من أدلة ومستندات.
وأضاف ابو شقة أنه لا يمكن قياس محاكمة على أخرى، لافتاً إلى أنه لا يوجد من يستطيع أن يتوقع مصير الرئيس المعزول أو الحكم الذى يمكن أن يحصل عليه، وأوضح أن النيابة لديها ما تقدمه من أدلة والدفاع لديه ما يقوله من ردود وأدلة مضادة، مشيرًا إلى أن كل ذلك، متضمناً ما يقدمه كل فريق سواء النيابة أو فريق الدفاع، سيكون مطروحًا على هيئة المحكمة التي توازن بين كل ذلك وتصدر حكمها الذي يمكن الطعن عليه من جانب النيابة أو الدفاع.
المؤبد والإعدام
غير أن أبو شقة، يقول إن الإتهامات الموجهة إلي مرسي سواء القتل أو التحريض على القتل أو التخابر مع جهات أجنبية، يعاقب عليها القانون بالسجن المؤبد أو الإعدام، مشيراً إلى أنه ذلك طبقًا لنصوص المواد 77، 77ب، 77د، 77هـ، 83 أ، 89 مكرر، 234، 235، 236. وأوضح أن المادة 77 من قانون العقوبات تنص على quot;أن يعاقب بالإعدام كل من ارتكب عمداً فعلاً يؤدي إلى المساس باستقلال البلاد أو وحدتها أو سلامة أراضيهاquot;، كما ينزل قانون العقوبات عقوبة السجن مع الأشغال الشاقة المؤبدة أو الإعدام شنقاً بحق من تثبت إدانته بجريمة التحريض على القتل أو القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد.