لم تمضِ ثلاثة ايام على نصيحة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، لرئيس الوزراء، نوري المالكي، بترك الولاية الثالثة لرئاسة الحكومة quot;الى اهلهاquot; حتى تفجرت معركة مبكرة للانتخابات البرلمانية العامة في نيسان المقبل، حيث اصدرت السلطات اوامر باعتقال ثلاثة من النواب الصدريين بتهم سرقات المال العام ودعم مسلحين خارجين على القانون.


تعتقد مصادر عراقية تحدثت مع quot;إيلافquot; أن صدور مذكرتي اعتقال ضد النائبين عن كتلة الاحرار الصدرية وتفعيل مذكرة اعتقال سابقة ضد نائب ثالث الليلة الماضية، هم بهاء الاعرجي، رئيس لجنة النزاهة النيابية، وجواد الشهيلي، عضو اللجنة، والنائب جواد الحسناوي، يدخل ضمن الصراع الانتخابي بين كتلتي الاحرار الصدرية بزعامة مقتدى الصدر وائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي.
وقال مصدر قضائي إن مجلس القضاء طلب من رئاسة مجلس النواب رفع الحصانة عن النائب جواد الحسناوي على خلفية مذكرة اعتقال صادرة بحقه ايام عملية صولة الفرسان العسكرية ضد جيش المهدي التابع للتيار الصدري عام 2007. وعلمت quot;إيلافquot; أن مذكرة إلقاء القبض ضد الحسناوي التي صدرت قبل اكثر من 5 سنوات لم تنفذ في حينها لظروف سياسية عرقلت ذلك.
كما اصدرت محكمة تحقيق النزاهة في بغداد مذكرتي قبض واستقدام بحق رئيس كتلة الاحرار الصدرية النيابية بهاء الاعرجي تتعلق وفق المادة 340 بالاضرار بالمال العام. وقال مصدر في المحكمة إنquot; مذكرة القاء قبض أخرى قد صدرت من قبل قاضي النزاهة بحق النائب عن كتلة الاحرار جواد الشهيلي وفق المادة 316 من قانون العقوبات المعدل والمتعلقة بسرقة اموال الدولةquot;، كما نقلت عنه وكالة كل العراق.
كما طلب مجلس القضاء من مجلس النواب رفع الحصانة عن النائب عن كتلة الاحرار الصدرية جواد الحسناوي على خلفية مذكرة إلقاء قبض صدرت ضده اثناء عملية صولة الفرسان.
تراشق بين زعيمي التيار الصدري وائتلاف دولة القانون
وجاءت اوامر القبض هذه بعد يومين من تأكيد الصدر أن شخصيات كبيرة في إيران أبلغته عدم دعمها للمالكي. وقال ردًا على تساؤل لأحد أتباعه تحدث فيه عن تصورات اعلامية منها توسط المالكي لدى المرجعيات الايرانية لاقناع الصدر بولاية ثالثة له: quot;نعم، إن الوضع الحالي ينبئ بأن وصول المالكي لا يكون إلا بدعم من التيار الصدري، وهذا غير موجود في أجندته (يقصد المالكي)quot;.
وأضاف quot;أن الجمهورية الاسلامية الإيرانية أخبرتني على لسان قياداتها الكبيرة أنها لا تدعم ولاية ثالثة للمالكي، كما أن غالبية المرجعيات لا تتدخل في مثل هذه الامور ولا أظنها تميل لولاية ثالثة للمالكيquot;، بحسب قوله. وقدَّم الصدر في ختام جوابه quot;نصيحة للأخ المالكيquot; جاء فيها quot;دع الولاية القادمة لأهلهاquot;، بحسب تعبيره.
ومن جهة أخرى، نفى الصدر ورود أية رسالة من المرشد الايراني علي خامنئي قيل إنه يحذره فيها من مغبة المواجهة مع المالكي. وعلّق الصدر على تساؤل مقدم من أحد أتباعه يسأله إن كان وردت له رسالة من خامنئي يحذره فيها من عواقب إستمرار المواجهة بينه وبين المالكي، قائلاً :quot; ذلك الخبر كاذب، لم تصل، ولا أظنه (دام ظله) يفعل ذلكquot;.
ومن جهته، قال المالكي في اليوم نفسه وفي اتهام واضح للنواب الصدريين الذين يتحدثون عن انتشار الفساد في مؤسسات الدولة إن quot;أفسد الناس هم الذين يتحدثون عن النزاهة والثروات والفساد والأمن في البلاد وبأنهم غير موجودين فيهquot;، مؤكدًا على أن quot;هؤلاء هم السبب بفقدان عمّا يتحدثون فيه ويطالبون بهquot;، في تلميحات لرئيس لجنة النزاهة البرلمانية النائب الصدري بهاء الاعرجي المعروف باتهاماته لمؤسسات الدولة بالفساد.
وكان تحالف الحكيم والصدر قد نجح في الاستحواذ على المناصب الرئيسة في أغلب الحكومات المحلية في المحافظات التي جرت فيها الانتخابات في نيسان (ابريل) الماضي، وذلك على حساب ائتلاف المالكي الذي فقد منصب محافظي أكبر محافظتين هما العاصمة بغداد والبصرة الجنوبية.
ونجحت قائمة المواطن الممثلة للمجلس الأعلى الإسلامي العراقي برئاسة عمار الحكيم وقائمة الأحرار الممثلة للتيار الصدري بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر في تقاسم المناصب الرئيسة للحكومات المحلية في المحافظات التي فازت فيها بالاغلبية، وهي البصرة والمثنى والكوت والناصرية وبابل وبغداد والديوانية، حيث كان منصب أكبر محافظتين هما بغداد والبصرة من نصيب الصدريين والمجلس الاعلى على التوالي.
واثر ذلك، كشفت مصادر سياسية شيعية رفيعة أن المالكي بدأ يدرك أن استراتيجيته السابقة في استهداف الكرد والسنة باتت مخيبة وغير فاعلة، خصوصًا وهو يعرف أن ايران قد لا تبقى قادرة على الدفاع عنه إذا ما أحسن الحكيم والصدر واحمد الجلبي رئيس المؤتمر الوطني الذي يعد احد مهندسي التحالف بين الصدر والحكيم بناء جبهة متماسكة واستندوا الى تفاهماتهم الطموحة مع رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي واحزاب اقليم كردستان، ما سيجبر طهران وواشنطن لاحقًا على الاعتراف بهذا الثقل السياسي خصوصًا مع قرب الاقتراع البرلماني بعد خمسة أشهر، والذي سيشكل الوجه الحقيقي للدولة ليس فقط في الدورة الانتخابية المقبلة، وانما ايضاً في الدورات التي تتبعها.