نيروبي: هزت افريقيا هذا العام موجة من الهجمات الاسلامية، بدءا من مجمع غازي في الجزائر وصولا الى مركز تجاري كبير في كينيا، خلفت مئات الضحايا المدنيين ذنبهم انهم كانوا quot;في المكان والزمان غير المناسبينquot; على ما قالت ناجية كينية تدعى فيث وامبوا.
ففي مركز وستغيت التجاري في نيروبي الذي اقتحمته مجموعة اسلامية صومالية في ايلول/سبتمبر الماضي، تظاهرت وامبوا بانها ميتة بدون حراك طوال اربع ساعات لتنجو بحياتها وحياة طفليها -- ابنة في التاسعة من عمرها وصبي لا يتجاوز ال21 شهرا -- اللذين كانت تصطحبتهما للتسوق.
وروت هذه الناجية لوكالة فرانس برس quot;لم افعل ذلك سوى لحماية طفلي. كنت اقول لهما بان يبقيا هادئين صامتين. وفي وقت من الاوقات شممت رائحة البارود (...) فعلى مسافة مترين منا سقطت امرأة قتيلةquot;.
وفي نهاية المطاف خرجت وامبوا وطفلاها سالمين جسديا بعد ان انجدتهم الشرطة من المركز التجاري، لكن اثر الصدمة النفسية لم يفارقهم.
وتبنت حصار مجمع وستغيت لاربعة ايام حركة الشباب الاسلامية الصومالية التابعة لتنظيم القاعدة التي تبدو مصممة على اظهار قوتها في الداخل وايضا في خارج الصومال رغم خسارتها مواقع على الارض في مواجهة قوة تابعة للاتحاد الافريقي.
فمجزرة نيروبي التي حصدت ما لا يقل عن 67 قتيلا وقعت في عام تميز بمسلسل من اعمال العنف الاسلامية في ارجاء افريقيا.
بدأ العام 2013 بهجوم على المجمع الغازي في تقنتورين في الجنوب الجزائري تبناه quot;الموقعون بالدمquot;. وقد انشأ هذه المجموعة الجزائر مختار بلمختار بعد انسحابه من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي الذي كان من ابرز قادته في مالي.
وهنا ايضا انتهى حصار لاربعة ايام اضطر رهائن اثناءه لحمل متفجرات فيما تم اعدام اخرين، في حمام من الدم مع سقوط 38 قتيلا.
كذلك الحرب في مالي تركت نصيبها من الضحايا المدنيين. فرغم خسارة الجماعات المرتبطة بالقاعدة قواعدها على اثر التدخل العسكري الفرنسي، لا تزال وحدات صغيرة ناشطة وتقوم بهجمات خاطفة في غاو وتمبكتو وكيدال.
وقال عيسى سيسي (21 عاما) وهو سائق سابق قطع الاسلاميون احدى يديه في منطقة غاو (شمال) لاتهامه بسرقة اسلحة ومال، quot;لن اسامحهم ابدا، لانهم دمروا حياتيquot;. وتابع quot;اخذوا حياتي (...) هنا في افريقيا عندما لا يستطيع رجل القيام بعمل ما فهو ليس رجلا. اعيش في حالة خزي لانني لم اعد استطيع العملquot;.
وفي شمال نيجيريا وبالرغم من تأكيدات الحكومة، ما زالت جماعة بوكو حرام تحتفظ بقدرتها على التحرك. وقد تبنى زعيم هذه الجماعة الاسلامية ابو بكر شيكاو لتوه هجوما واسع النطاق استهدف مطلع كانون الاول/ديسمبر منشآت عسكرية في مايدغوري.
وفي هذا الصدد قال كمال بوساري (42 عاما) الذي فقد صديقا مقربا في هجوم بالقنبلة في كانو هذا العام quot;ان عنف بوكو حرام اثار الكثير من مشاعر الضغينة والتشكيك بين المسلمين والمسيحيينquot;.
لكن من الواضح بالنسبة له ان بوكو حرام quot;عدو الديانتين، فلا احد في منأى من شرهاquot;.
واستطرد قائلا quot;فهم اضروا كثيرا بالاقتصاد النيجيري اذ لم يعد اي اجنبي يريد المجيء والاستثمار في البلاد وخاصة في الشمالquot;.
وتقاتل بوكو حرام التي تعتبرها الولايات المتحدة رسميا quot;منظمة ارهابيةquot; منذ تشرين الثاني/نوفمبر، من اجل قيام دولة اسلامية في شمال نيجيريا. وسقط الاف الاشخاص قتلى منذ بدء تمردها في 2009 وقمعها بشكل شديد.
ويرى المحللون ان هذه الجماعات الاسلامية التي تدور في فلك القاعدة تنشط بقوة في افريقيا وستستمر في نسج خيوط الشبكة، فيما تبدو منظمات تؤكد انتماءها للشبكة الاسلامية نفسها اكثر في موقع دفاعي في باكستان وافغانستان وفي اليمن.
واعتبر ج. بيتر فام من quot;اتلانتيك كاونسلquot; ان تفسخ الدول الافريقية وهشاشة الحدود بين بلدانها تسهل بروز مثل هذه المجموعات.
وقال quot;ان غياب مقاربة مشتركة ومتكاملة للتصدي لمختلف هذه المجموعاتquot; يسمح للجهاديين بالتنقل بسهولة عندما يمنون بهزيمة في مكان ما.
واشار هذا الخبير الى افريقيا الوسطى الغارقة في حالة من الفوضى كبؤرة توتر مقبلة محتملة، حيث ارسلت فرنسا لتوها قوات لوضع حد لاعمال العنف بين ميليشيات سيليكا السابقة ذات الغالبية الاسلامية ومجموعات مسيحية مسلحة.
وان كانت المجموعات الاسلامية الافريقية لا تزال عاجزة حتى الان على قلب دول فانها تهدد على الاقل تطورها.
واعتبر فام quot;يمكن القول ان الحملات ضد التمرد هي عمليات باهظة الكلفة تستقطب الموارد على حساب البنى التحتية التعليمية والصحيةquot;.