في سابقة من نوعها، تم افتتاح أول كنيسة للملحدين في بريطانيا، وذلك في كنيسة قديمة في لندن، لكن حلت الكوميديا مكان الموعظة على المذبح، والأغاني الصاخبة مكان التراتيل الإلهية، وما ورد ذكر للخالق أبدًا.


لندن: في بداية شباط (فبراير) الحالي، وبحضور نحو 200 من الأتباع، وقف الكوميديان بيبا ايفانس وساندرسون جونس على مذبح أول كنيسة للملحدين في لندن، معلنين انطلاق الحفل الافتتاحي لهذه الكنيسة.

وفي عظته الافتتاحية، قال جونس: quot;من العار أن لا يتمتع المرء بما في الدين من أمور جيدة، كالحياة الإجتماعية الناشطة، بسبب اختلافات لاهوتية، لا تقدم ولا تؤخرquot;. وفي مقابلة صحافية، أعلن جونس أن أتباع هذه الكنيسة سيجتمعون في أول يوم أحد من كل شهر، ليستمعوا إلى متكلم يتحدث في مواضيع شتى، وكان أول المتكلمين المؤلف القصصي أندي ستانسونquot;.

كوميديا المذبح

انقضى أول قداس في هذه الكنيسة الفريدة من نوعها والجريئة جدًا، بحسب تعبير بعض البريطانيين، من دون أي ذكر للخالق، وعلى انغام موسيقى البوب بدلًا من التراتيل الإلهية المعهودة، بموسيقاها القوطية القديمة، وعلى وقع الضحكات المجلجلة يطلقها الحضور إذ يستمعون إلى نكات لا تخلو من البذاءة، يطلقها جونس وإيفانس، بدلًا من الموعظة الدينية المتعارف عليها في الطقوس المسيحية.

وحين تقاطر الملحدون المئتان إلى هذه الكنيسة، كانوا في أبهى حلة، تمامًا كما يحلو للمؤمنين المسيحيين أن يرتدوا إذ يحضرون قداس الأحد. وهم لم يأتوا فقط لتمضية وقت ممتع، مع اثنين من أرباب الكوميديا، إذ وقف قبل الحفل رجل ولد يهوديًا، وامرأة ولدت كاثوليكية، وقدما شهادتين ضمناها مقدارًا كبيرًا من الهزء بالتدين الموجه، وبالكنيسة التقليدية.

بدايات حسنة

انعقد أول قداس احتفالي لهذه الكنيسة تحت شعارات حياتية وجودية لماحة، استخدمها جونس وإيفانس لجذب الأتباع، كأنهما يناديانهم بـ quot;تعالوا نجتمع، ونحول نياتنا الحسنة إلى أفعال حسنةquot;.
وفي هذا الحفل الافتتاحي، كانت quot;البدايات الحسنةquot; هي محور الكلام، وحتى محور الأغنيات التي صدح بها الجمع الغفير، إذ رندحوا أغنية quot;لا تنظر إلى ماضيك بغضبquot; خلف ضيف الشرف المغني أندي ستانتون.

أما الجزء الروحاني الأخطر فكان طلب خادم المذبح من الحضور إغماض العيون، ثم التفكير عميقًا في الحياة نفسها، على وقع خطبة عن ضرورة نبذ الخوف من الفشل في الحياة، على كل صعيد.

ليس منطقيًا

أثار اجتماع أتباع أول كنيسة للملحدين في لندن حفيظة الكنيسة المسيحية. وعلق أحد الكهنة الكاثوليك قائلًا: quot;من المهم تطوير العلاقات الدنيوية مع غير المؤمنين، لكن افتتاحهم مكان اجتماع لهم يشبه الكنيسة أمر مبالغ به، علينا أن نحذر منهquot;.

وتساءل أحد كهنة كنيسة القديسين بطرس وبولس: quot;كيف تكون ملحدًا وتمارس نوعًا من العبادة في كنيسة مسيحية، فهذا ليس منطقيًاquot;.

والاعتراض لم يتوقف عند المؤمنين المسيحيين، فقد اعترض أيضًا بعض الملحدين، إذ أظهروا تخوفهم من أن يصبح الإلحاد ديناً، وهذا ما يرفضونه تمامًا، خصوصًا أن الحفل هذا، وما سيليه من الاحتفالات، يحصل في كنيسة قديمة، وأجندته مشابهة لأجندة القداس الكنسي المسيحي التقليدي، من تراتيل وعظات وشهادات حياة، ولو اختلف التوجه، والمحتوى. وهذا ما نفاه جونس قاطعًا.
حتى أن بعض الملحدين رأى في هذا الحفل وسيلة يتوسلها جونس وإيفانس لتوسيع بيكار شعبيتهما.

بلا مسيحيين

وفي سياق متصل، أفادت دراسة نشرها البرلمان البريطاني في أوائل آذار (مارس) 2012، عنوانها quot;الديانة في بريطانيا العظمىquot;، أنه بحلول العام 2030 ستنقرض الغالبية المسيحية في بريطانيا، بسبب تزايد أعداد غير المؤمنين ومن لا دين لهم خلال العشرين عامًا القادمة.

وبحسب الدراسة، فى حال استمرار المعدلات على ما هي عليه الآن، ستتفوق نسبة الملحدين على نسبة المسيحيين في بريطانيا بحلول العام 2030، إذ تفقد المسيحية أكثر من نصف مليون من أتباعها سنويًا، بينما ترتفع أعداد الملحدين بنحو 750 ألفًا في السنة.

وقد شهدت بريطانيا خلال الأعوام الستة الماضية زيادة أعداد المسلمين بنحو 37 في المئة، والهندوس بزيادة قدرها 43 في المئة، وكذلكزادت اعدادالبوذيينبنحو 74 في المئة، بينما انخفضت أعداد السيخ واليهود بشكل بسيط.