يرفض الرجال في العراق مقولة إن المرأة هي ضحيّة الايحاءات الجنسية وأساليب التحرش المختلفة، ففي جعبتهم روايات كثيرة عن تحرش الفتيات بهم، أو إرسال إيحاءات جنسية في اتجاههم.


بغداد: بينما تؤكد فتيات عراقيات في الجامعات والدوائر الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص تعرّضهن لايحاءات جنسية من زملائهن، أو في الشارع تصل في بعض الاحيان إلى التحرش الجنسي المباشر، فإن الرجال يتهمون النساء العراقيات، لاسيما الفتيات منهن، بالسعي إلى جذبهم عبر المكياج وسلوكيات تعزز هاجس التفكير الجنسي لديهم.

تقول الطالبة الجامعية أحلام حسين، من جامعة الديوانية، إن من حق الفتاة أن ترتدي ما تراه مناسبًا، شرط عدم خروجها على الذوق العام والعادات والتقاليد، quot;والمكياج لم يكن في يوم من الايام عاملًا مساعدًا على الايحاء الجنسي، وكل النساء في العالم يضعن الزينة ومواد الجميل على وجوههن كجزء من شخصيتهنquot;.

شعور بالفخر

لكنّ الجامعيّ رحيم الزبيدي يؤكّد أنّ الكثير من الفتيات يرتدين ملابس مغرية، ما يشجع الرجل على ردّ فعل نحوهنّ، يتمثل في إعجاب يتطور في بعض الأحيان إلى إشارات جنسية.

ويذهب الزبيدي أبعد من ذلك فيقول: quot;بعض الفتيات يشعرن بالفخر والارتياح حين يسمعن هذه الايحاءات، وأنا أؤكد بصورة قاطعة أن الشباب هم الذين يتعرضون لإيحاءات جنسية من قبل الفتياتquot;، مستشهدًا بتجربته الشخصية وبروايات أصدقائه.

وبحسب الزبيدي، يتعرض أكثر من مرة أسبوعيًا لتحرشات جنسية من قبل فتيات، وقصص الآخرين تؤكد أنه ليس وحده من يعيش هذه الحالات.

علاقة عاطفية

يعمل حسام حسن في معمل نسيج في القطاع الخاص، مع عدد من العاملات، يؤكد أن الكثير من الفتيات يسعين إلى اقامة علاقة عاطفية معه، سعيًا إلى المتعة أو إلى الزواج.

لكن حسن ينظر بواقعية إلى ما يحدث، مؤكدًا أن سبب ذلك يعود إلى رغبة الفتاة في البحث عن شريك العمر، إضافة إلى وجود أرامل معه يعملن ويرغبن في الزواج. ويتابع: quot;عُرض عليّ الزواج من قبل زميلة عمل أرملة، لأنها بحسب قولها وجدتني خجولًا في المصارحة بعدما اكتَشَفَت أنني معجب بهاquot;.

وتشير إحصائيات وزارة التخطيط العراقية إلى أن نسبة النساء في المجتمع العراقي تبلغ حوالى 58 بالمئة، فيما تبلغ نسبة الأرامل منهن نحو تسعة بالمئة.

تعريف الايحاءات

تبدو المسألة متناقضة جدًا، حيث إن الفتاة إخلاص أحمد، التي تعمل في تدوير البلاستيك، تقول إن بعض الذين يعملون معها يحاولون التحرش بها جنسيًا، بصورة غير مباشرة عبر الكلام والنظرات.

وترى الناشطة النسوية ايمان عمر أن تجربتها الجامعية والعملية تؤكد ارتفاع نسبة النساء اللاتي يتعرضن إلى إيحاءات جنسية من قبل زملائهن. وتخمن إيمان أن نحو ثلاث نساء من بين عشر من العاملات في القطاعين الخاص والعام يتعرضن إلى الاستفزاز الجنسي.

لكن إيمان تدعو إلى التعريف الدقيق أولًا بالمقصود بالإيحاءات الجنسية. تقول: quot;التحرشات الجنسية قليلة في المجتمع العراقي، مهما كثرت، إذا ما قورنت ببعض الدول الاوروبية والعربية، وسبب ذلك يعود إلى أن المجتمع العراقي محافظ وان الكثير من شباب العراق متديّنquot;.

لكنها، من جهة أخرى، ترى أن البعض يخطئ في تفسير المواقف، quot;فعلى سبيل المثال، لا يمكن اعتبار النظرة الجريئة من قبل الرجل إلى المرأة تحرشًا جنسيًا، في حين يعتبرها البعض كذلك، فهناك تفسيرات متباينة للمواقف والظروف التي تحصل فيها حالات التحرش، والبعض يبالغ في تصوير العلاقة بين المرأة والرجل، لا سيما في الاماكن المختلطةquot;.

ارتداء الحجاب

وتعترف اقبال سعدون، وهي فتاة سافرة، أن ايحاءات جنسية تصدر من قبل شباب عبر النظرات او الاشارات او محاولة الاقتراب منها، وتزداد نسبة هذه التحرشات كلما كانت أزياؤها أقل حشمة، ولهذا السبب قررت ارتداء الحجاب وملابس أكثر محافظة.

وترسم إقبال علاقة طردية بين ارتداء البنطال الضيق والتبرج وبين عدد التحرشات الجنسية، لكنّ الطالبة الجامعية بتول حسين تفند ذلك، فهي محجبة وترتدي ملابس محتشمة، لكنها تتعرض للايحاءات الجنسية في الجامعة وخارجها، تتجسد في تعليقات تخدش الحياء.

الرجل هو ضحية

يفند سعيد الحسيني، صاحب متجر ملابس نسائية، الادعاء القائل بأن المرأة هي الضحية، مشيرًا إلى أنه يتعرض للتحرش الجنسي من قبل عميلاته، يسعين إلى إقامة علاقة جنسية أو عاطفية مقابل الحصول على السلع بالمجان.

ويؤكد الحسيني أن هذه الظاهرة معروفة للجميع، ولا ينكرها أصحاب المتاجر، ويضيف: quot;التحرش الجنسي وفق ذلك عملية متبادلة الاتجاه بين الرجل والمرأة، والقول إن المرأة هي الضحية كلام غير صحيحquot;.

وتشير سميرة لطيف، صاحبة صالون تجميل، إلى أن اغلب عميلاتها موظفات يشتكين من الايحاءات الجنسية، بينما تقل الحالة بين ربات البيوت، بحسب ما تشير اليه القصص النسائية.