تتجاذب الأطراف اللبنانية مسألة تهريب الديزل من مصافي لبنان إلى سوريا، إذ يقول معارضون إن هذا الديزل يسيّر آليات النظام العسكرية، وإن النقل يتم بأذونات موقعة من وزير الطاقة والمياه جبران باسيل، الذي يرد بأن لبنان لا يلتزم العقوبات الدولية على سوريا.


بيروت: تتفاعل قضية تهريب الديزل من لبنان إلى سوريا إنطلاقًا من محورين، الأول كونها تمثّل خرقًا واضحًا للعقوبات الدولية المفروضة على نظام الرئيس بشار الأسد، والمحور الثاني كونها قد تنطوي على تداعيات دولية لن يكون بإمكان لبنان تحملها، لا سيما في ظل اقتصاده الهش الذي لن يتحمّل عقوبات من أي مستوى كانت.

تتجلى أحدث فصول هذه العملية في وصول قافلة من 25 صهريجًا، تحمل لوحات تسجيل من حلب وحماه، إلى منشآت النفط التي تملكها الدولة اللبنانية في الزهراني في الجنوب اللبناني، لتتزود بالديزل والبنزين وتعود أدراجها صوب الأراضي السورية، عابرة النقاط الحدودية حيث يبرز السائقون تصاريح ممهورة من وزير الطاقة والمياه جبران باسيل.

وقال شهود عيان إن الصهاريج كبيرة، تتراوح حمولتها ما بين 35 ألفا و40 ألف ليتر، في حين أكد مسؤولون لبنانيون أن تزويد هذه الصهاريج بمادتي الديزل والبنزين يجري بعلم باسيل وموافقته. ووضع خصوم الحكومة الحالية ما يجري في خانة إمداد النظام السوري بالديزل اللازم لتسيير الدبابات والآليات العسكرية لمساعدته في معركته ضد الشعب السوري.

مليون ليتر يوميًا

تبرز الأرقام ضخامة حجم عمليات تهريب الديزل إلى سوريا. ففي حين تمتنع نقابة أصحاب الصهاريج عن إعطاء أرقام دقيقة، بحجة أن الصهاريج الناقلة صورية، تشير مصادر أخرى إلى أن كل عملية تهريب تنقل 250 الف ليتر من الديزل، وأن الإجمالي اليومي المنقول يصل إلى مليون ليتر يوميًا.

يقول إبراهيم السرعيني، نقيب أصحاب الصهاريج، لـquot;إيلافquot; إن الصهاريج التي تنقل الديزل سورية، quot;والسوريون يستوردون هذه الكميات بشكل شرعي، التي لا نعرف حجمها فعليًا، وهذا يحصل منذ شهرين وليس من اليومquot;.

يضيف: quot;لا تحصل التعبئة من مكان واحد، بل من أربعة أو خمسة مواقع منتشرة من طرابلس إلى الدورة والجية، وصولًا إلى الزهراني، وما يهمنا أن لا صهاريج لبنانية تنقل الوقود إلى سورياquot;، لافتًا إلى أن باسيل هو من يعطي أذون التصدير.

أما بهيج أبو حمزة، رئيس تجمع شركات النفط في لبنان، فينقل عنه قوله إن ما يحصل هو تصدير عادي من السوق المحلية، ويتمُّ بطريقةٍ رسمية، والكميات غير معروفة الحجم، وهي تتم إما عبر المحطات أو عبر تجارٍ، وهذا يسمى إعادة تصدير، وهو نوع من الإفادة خصوصًا أن الديزل ليس مدعومًا من قبل الدولة.

التداعيات الدولية

تنقل صحيفة لبنانية عن مصادر دبلوماسية غربية في بيروت قولها إن خرق الحكومة اللبنانية ووزير الطاقة جبران باسيل قرار العقوبات الأميركية والدولية المفروضة على النظام السوري، دفع الإدارة الأميركية إلى درس كيفية التعامل مع الأمر، مع ترجيح توجيه احتجاج رسمي إلى الحكومة على هذا الخرق.

لكن مصادر quot;إيلافquot; لدى سفارة دولة كبرى تشير إلى أن هذا الأمر لم يتداول حتى الآن، من دون أن تستبعد طلب تفاصيل عن الموضوع قبل البتّ في الخطوات اللاحقة.

يضع محللون تصدير الديزل من لبنان إلى سوريا في خانة quot;الخرق الفاضحquot;، لقرار حظر تصدير المشتقات النفطية إلى نظام الأسد الصادر في 18 آب (أغسطس) من العام الماضي، ويرونه مشاركة في الأعمال الحربية.

والواجب ذكره أيضًا هو أن أهالي منطقة البداوي أوقفوا عددًا من الصهاريج التي تنقل مادة الديزل إلى سوريا، كما دعا الشيخ أحمد الأسير أنصاره إلى التحرك لمنع الصهاريج من تعبئة الديزل من منشآت الزهراني.

رد الوزارة

من جهتها، تنفي وزارة الطاقة اللبنانية تصدير أي كميات إلى سوريا من الخزانات في مصفاتي طرابلس والزهراني، وتشير إلى أن موضوع تصدير كميات من الديزل إلى سوريا هو من ضمن صلاحيات منشآت النفط.

ووفق بيان صادر عن الوزارة، فإن الصهاريج السورية التي تشاهد في منطقة الزهراني تتم تعبئتها من احدى شركات القطاع الخاص وليس من مصفاة نفط الزهراني.

ويضيف بيان الوزارة: quot;إن ما يحكى عن خرق للعقوبات النفطية على سوريا غير صحيح، لأن الحكومة اللبنانية غير ملتزمة العقوبات على سوريا، والدليل على ذلك أرتال الشاحنات الموجودة على الحدود السورية - اللبنانية المحملة بمختلف أنواع البضائعquot;.