عندما اقترحت الأطراف الستة المشاركة في محاولة إثناء إيران عن برنامجها النووي عاصمة غربية للحوار، أصرت طهران على مدينة شرقية. وعندما استقر المقام أخيرا على المآتا في قزخستان، قال المراقبون المحليّون إن الخيار laquo;طبيعيraquo;.

يوم الثلاثاء بدرت عن إيران أول ردة فعل إيجابية ndash; بعد قطع للحوار دام ثمانية أشهر ndash; إزاء الصخب المتزايد الذي يحدثه العالم بشأن برنامجها النووي، وبالطبع فإن طهران تقول إن هذا البرنامج ذو أغراض سلمية بحت، لكن الغرب يصر على أنه مشروع واضح لامتلاكها القنبلة الكبيرة.
وجاءت ردة الفعل الإيرانية في شكل لقاء رفيع المستوى لطهران في المآتا، ثاني أكبر مدن قزخانستان، مع القوى العالمية الرئيسية التي آلت على نفسها الانشغال الدائم بذلك البرنامج النووي وهي: الولايات المتحدة والمانيا وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين.
الواقع المؤسف هو أن لا أحد يتوقع لهذه الأزمة أن تنزاح تماما من قائمة الهموم الكبرى في العالم اليوم نتيجة هذا اللقاء الجديد. وهذا لأنه يأتي في نهاية سلسلة من اللقاءات السابقة التي آلت جميعا الى الفشل التام. لكن ما لا يُختلف عليه هو أن مجرد عودة طهران الى طاولة المفاوضات يعني أنها ربما اكتسبت مرونة جديدة رفضت إبداءها في السابق.
وبالنسبة للمتفائلين، يبشّر الاجتماع أيضا بأن إيران ربما بدأت السير على الطريق العسير نحو حل يرضي سائر الأطراف ويرفع السيف النووي عن عنق الشرق الأوسط على الأقل، رغم أن المقصودة به إسرائيل كما يعلم الجميع. ولكن، حتى وقت كتابة هذا الموضوع كانت الدلائل تشير الى أن اللقاء سيكون كسابقاته.
ووفقا لمراسل شبكة laquo;إن بي سي نيوزraquo; الأميركية فإن السؤال الآني الأكبر الذي ظل متداولا وسط الصحافيين الذين توافدوا على قزخستان لتغطية هذا اللقاء التاريخي ترك جوهر المناسبة جانبا، وصار يتعلق بالمكان نفسه: لماذا المآتا دون بقية مدن العالم؟.. لماذا هذه المدينة المدفونة في أواسط آسيا ولا يعرف معظم الناس الكثير عنها؟
كانت اسطنبول هي المرشحة أكثر من غيرها لهذه المناسبة إذ شهدت اجتماعين مماثلين في سلسلة من لقاءات laquo;خائبةraquo; شهدت بغداد أحدها وهكذا الحال مع وموسكو. لكن الواقع هو أن تركيا انضمت الى صفوف قائمة طويلة من الدول التي ساءت علاقاتها بإيران، رغم الوشائج القوية التي ربطتهما سابقا. وكان السبب في هذا، كما هو معلوم، الدعم الذي ظلت أنقرة تقدمه للثوار السوريين الطامحين الى إقصاء بشار الأسد، وهو الحليف الرئيسي والوحيد لطهران في سائر الدول العربية.
لكن يبدو أن قزخستان صارت هي الخيار الأمثل لذلك اللقاء تبعا لما نقلته الشبكة الإخبارية التلفزيونية الأميركية عن المحللين القزخيين أنفسهم. ويسوق هؤلاء سبيين لهذا الأمر: أحدهما أن بلادهم هي أول دولة سوفياتية سابقة تتخلى عن ترسانتها من السلاح النووي والمعاني الرمزية التي يحملها هذا الأمر في لقاء يهدف الى إثناء دولة عن برنامجها النووي. والثاني هو أن قزخستان laquo;دولة محايدةraquo; كما يقولون ولذا فهي الأمثل لأي اجتماع بين طرفين متنازعين.
وكانت الدول الست المشاركة في اجتماع المآتا قد اقترحت أن يُعقد في مدينة غربية. لكن إيران أصرت أن تكون هذه المدينة شرقية. ولهذا جلس المممثلون والصحافيون في المآتا... ولكن ليس جنبا الى جنب! فقد حظر دخول القاعة على معظم هذه الفئة الأخيرة كما أوردت الأخبار.
لذا فإن الصحافيين يكتفون بالتصريحات الرسمية وبالتكهن حول ما دار ويدور سواء أمام الكواليس أو خلفها. ومما لا شك فيه هو أنهم يعانون الضجر برغم الموائد الدسمة التي أعدتها لهم السلطات القزخية في فندق laquo;ريكسوسraquo; الغاخر الذي يقيمون فيه... على سبيل الدعاية لمدينة مغمورة، ودولة تطمح الى مكان لها على الساحة الدولية.