لا يناقش المسؤولون الغربيون والإيرانيون الملف السوري مع بدء المحادثات حول برنامج طهران النووي، لكن الجمهورية الاسلامية تلوّح بحزم بالورقة السورية التي باتت تشكّل عامل ضغط على الغرب التائق إلى حلّ يقي المنطقة الفوضى الشاملة، وهو ما لا تعمل من أجله ايران التي تلقي بثقلها لدعم الأسد في معركته الأخيرة.


أشرف أبوجلالة من القاهرة: تسببت واقعة مقتل واحد من كبار قادة الحرس الثوري الإيراني قرب الحدود السورية اللبنانية قبل أيام في إثارة التكهنات من جديد بشأن الأنشطة التي تقوم بها إيران في سوريا، لاسيما علاقاتها بالجماعات المسلحة التي تحارب إلى جانب الحكومة السورية.

دور إيرانيّ

مع نجاح الثوار في فرض سيطرتهم على مساحات كبيرة من الأراضي بشمال وشرق سوريا خلال الأسابيع الأخيرة، وتحذير المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي من تحول سوريا إلى ساحة للحكومات والقوات الإقليمية المتنافسة، بدأت تتسلط الأضواء على نحو غير مسبوق على الطبيعة المحددة للدور الذي تقوم به إيران في الصراع السوري.

ورغم أن المسؤولين الغربيين والإيرانيين لن يتطرقوا إلى الملف السوري عندما يجلسون لإجراء محادثات بشأن برنامج طهران النووي في كازاخستان، إلا أن قدرة إيران على تشكيل ذلك الصراع سوف تتوقف على المفاوضات، ما سيعزز رؤية طهران لموقفها والجهد الذي يبذله الغرب لحرمان إيران من الإفلات من العقوبات الفعلية.

طهران تريدُ استقرارًا

وسبق لإيران أن قالت إنها تسعي لوقف إطلاق النار في سوريا، وقد عرضت مقترحها الخاص بإنهاء العداوات ووقف الصراع من خلال التفاوض، والعمل في الأخير من أجل إجراء استفتاء وطني بشأن الطريقة التي يجب أن تدار من خلالها شؤون البلاد.

وقال في هذا السياق مسؤولون من طهران إن مصلحة إيران تكمن في استعادة الاستقرار، وليس بث مزيد من الفوضى. وفي حديث له مع مجلة التايم الأميركية، قال حسين شيخ الإسلام، سفير إيران السابق لدى سوريا ومستشار السياسة الخارجية لدى رئيس البرلمان الإيراني :quot; السيناريو الأسوأ بالنسبة لنا هو الحرب الأهلية وتمزق سوريا، وسوف نفعل كل ما بوسعنا من أجل الحيلولة دون حدوث ذلكquot;.

حرب مصالح

تلوم واشنطن إيران على تمديدها أمد الحرب الأهلية الدموية في سوريا، مدعيةً أنها تدعم حكومة الرئيس بشار الأسد من خلال تزويدها بالسلاح والأموال بصورة دائمة.

كما أشار مسؤولون أميركيون إلى أن طهران منشغلة أيضاً على الأرض بتكوين شبكة من الوكلاء، بالتنسيق مع حزب الله، يمكنها أن تدعم مصالحها إذا سقط نظام الأسد في الأخير.

وسبق لدافيد كوهين، المسؤول عن شؤون الإرهاب والاستخبارات المالية لدى وزارة الخزانة الأميركية، أن قال لصحيفة واشنطن بوست الأميركية مطلع الأسبوع الماضي، إن تلك الميليشيا التي تعرف بالجيش الشعبي هي مشروع مشترك بين إيران وحزب الله.

وهي الاتهامات التي نفتها إيران، واتهمت واشنطن وحلفائها العرب بتزويد الذخيرة للمعارضة السورية، والعمل على جر البلاد إلى صراع دموي يفتقد لقدر الدعم الداخلي الكافي من أجل الإطاحة بالأسد.

وتابع شيخ الإسلام حديثه بالقول :quot; يرسل الغرب متفجرات يتم استخدامها في الأخير في حوادث السيارات المفخخة التي تحدث وقت الذروة المرورية. ولم تطور إيران الجيش الشعبي على غرار ميليشيا الباسيجquot;.

محافظة إيرانية

تضخمت الروايات المتضاربة بشأن الوجود الإيراني في سوريا خلال الأسبوع الماضي بعد مقتل القائد بالحرس الثوري، حسن الشاطري، والأدوار المتعددة التي نسبت إليه بعد وفاته.

وسبق لرئيس الحرس الثوري أن اعترف في شهر أيلول / سبتمبر الماضي بأن هناك قوات عسكرية تابعة لإيران على الأرض في سوريا يعملون كمستشارين عسكريين.

وقال مهدي طيب، وهو منوط بالدفاع عن إيران ضد ما يطلق عليها مجازاًَ quot;الحرب الناعمةquot;، إن سوريا محافظة تابعة لإيران، وأضاف quot;إن فقدنا سوريا، فلن نحافظ على طهرانquot;.

ورأى محللون في هذا السياق أن مثل هذه التصريحات تعتبر ملائمة بالنسبة لإيران هي الأخرى، من منطلق أنها تؤكد على أن إيران تحظى بأهمية بالنسبة لأي حل.

مضت التايم تشير إلى أن المؤسسة السياسية في طهران، ورغم اتفاقها بشكل كبير على أهمية تحالف إيران الاستراتيجي مع سوريا، تختلف أيضاً في موقفها من الرئيس الأسد.

فبينما يرفض كثير من المسؤولين الإيرانيين انتقاد الرئيس السوري، يتحدث آخرون بصورة أكثر صراحة عن قيادته وعن أن دعم إيران له يتماشى مع الآلية السياسية للمنطقة.

عداء أميركي إيراني

إلى ذلك، تعكس معركة التصورات الخاصة بالدور الذي تلعبه إيران في سوريا، التي شنتها واشنطن وطهران، العداء الكبير بين إيران والولايات المتحدة وعدم قدرتهما على فتح باب الحوار. وهو الجمود الذي يمكن تلمسه في المفاوضات النووية المتوقفة وعلاقة إيران المشحونة بحلفاء أميركا في المنطقة.

وبينما يتحدث المسؤولون الأميركيون بشكل أساسي عن يد إيران الخفية، فإن إيران تتعامل بشفافية وصراحة عن الطريقة التي تنظر من خلالها إلى الأخطار، من منطلق أنها موجودة في المنطقة، وأنها تعي توازن القوى اللازم أن يحدث بهذا الجزء من العالم.