علماء الأزهر غاضبون من محاولات الإخوان المسلمين والسلفيين الحثيثة للسيطرة على المؤسسة الاسلامية في مصر، وقرروا مواجهتهم، خصوصًا بعد تعيين 40 إخوانيًا في المجلس الأعلى للشؤون الاسلامية، بعضهم لا يفقه في الفقه شيئًا.

القاهرة: تنتاب علماء الأزهر الشريف حالةٌ من الغضب الشديد اعتراضًا على مساعي النظام للسيطرة على المؤسسة الدينية وأخونتها، مثلما حدث في جميع مؤسسات الدولة الأخرى. وجاءت حالة الغضب هذه بعد قرار تعيين 40 إخوانيًا وسلفيًا في المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، والذي يعدّ من المجامع الفقهية الكبيرة في مصر. فقد تم تعيين الدكتور عبد الرحمن البر مفتي جماعة الإخوان، والدكتورة كامليا شحاتة، الى جانب رموز سلفية أبرزها الدكتور محمد عبد المقصود. في المقابل، تم استبعاد رموز أزهرية كبيرة كالمفتي السابق الدكتور علي جمعة، والدكتور أحمد عمر هاشم، والدكتور عبد الفتاح الشيخ، أعضاء هيئة كبار العلماء، إلى جانب الدكتورة آمنة نصير. وقد قال البعض إن هذا القرار أتى ردًا على عدم اختيار الأزهر الدكتور عبد الرحمن البر مفتيًا للجمهورية، الى جانب كون هذه الخطوة استمرارًا لأخونة الأجهزة الحكومية في مصر.
من الوسطية إلى التشدد
تقول الدكتورة آمنة نصير، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية سابقًا وأستاذة الفلسفة والعقيدة في جامعة الأزهر، لـquot;إيلافquot;: quot;الواقع يؤكد أن هناك حرصًا من جانب الرئيس وجماعته على أخونة جميع مؤسسات الدولة، وجاء الآن دور المؤسسة الدينية في مصر، فبدأوا بتعيين وزير سلفي في وزارة الأوقاف، قام بأخونة الوزارة وتعيين العشرات في المناصب القيادية من الإخوان والسلفيين، إلى أن حلت الكارثة الكبرى وهي أخونة أكبر مؤسسة دينية وعلمية وفقهية، بتعيين 40 شخصية إخوانية وسلفية بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وبعضهم لا علاقة له بالفقه والدين، وبعضهم غير مختص، في الوقت الذي تم استبعاد رموز دينية وفقهية كبيرة بالأزهرquot;.
وأشارت نصير إلى خطورة وجود شخصيات سلفية في هذا المجلس الإسلامي، خصوصًا إذا كان مشهوداً لهم بالتشدد في الفتاوى، ما سيترتب عليه تحويل فكر المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية من الوسطية إلى التشدد.
وحذرت نصير من خطوة أخونة مشيخة الأزهر، quot;حتى لا نقضي على أكبر مركز سني للعالم الإسلامي أجمعquot;، متوقعة قرب هذا الأمر على الرغم مما يقوم به الأزهريون للحفاظ على وسطية الأزهر.
مهدد بالاندثار
من جانبه، قال الدكتور جمال قطب، رئيس لجنة الفتوى الأسبق: quot;منذ نجاح الرئيس محمد مرسي ووصول الإخوان للسلطة، هناك سعي دائم لأخونة الأزهر، وقد أكدنا ذلك مسبقًا، فهم يريدون تحويل المؤسسة الدينية في مصر لخدمة مصالحهم وأغراضهم السياسية، كما كان يفعل النظام البائد، وقد توضح لنا ذلك في قانون الصكوك الإسلاميةquot;.
أضاف: quot;هناك إصرار آخر من جانب السلفيين للسيطرة على المؤسسة الدينية في مصر، لنشر تشددهم وفتاويهم التي لا تعبر عن وسطية الإسلام، لذلك شهد الأزهر حروبًا عليه من جانب الإخوان والسلفيين، ووصل الأمر إلى مطالبة بعضهم علماء الأزهر بالتوبة وإعادة النطق بالشهادتينquot;.
وأكد قطب أن البشائر تقول إن أخونة الأزهر قادمة لا محالة، بعد فشل تعيين مفتٍ إخواني، quot;فقد يكون شيخ الأزهر القادم إخوانيًا، لكننا نطالب علماء الأزهر بالتدخل والدفاع عن استقلال هذا المجمع الديني الفقهي الكبير، وإلا اندثر هذا الاسم تمامًاquot;.
وقفات احتجاجية
أوضح الشيخ محمد البسطويسي، عضو نقابة الأئمة، رفض النقابة قيام وزير الأوقاف بأخونة الوزارة، quot;وقد تم إطلاق العديد من الوقفات الاحتجاجية على هذا الأمر، ونحن مستمرون ولن نترك المؤسسة الدينية تُسرق من علمائها مثل بقية مؤسسات الدولة، التي تمت أخونتها في الفترة الماضيةquot;.
وأكد البسطويسي لـquot;إيلافquot; أن النقابة رفضت قرارات وزير الأوقاف تعيين 40 شخصية إخوانية وسلفية بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، والاستغناء عن رموز دينية كبيرة بالأزهر عقابًا لها على عدم اختيار مفتٍ من الإخوان.
أضاف: quot;هناك وقفات أخرى ضد القرار لإجبار الوزير على التراجع، خصوصًا أن هناك شخصيات لا علاقة لها بالفقه وأمور الدين، تولت لجنة الأسرة بالمجلس، ما يشير إلى أن توجهات اللجنة ستنصب على نشر ما يخالف وسطية الدين وتحريم الخلع والختان وتنظيم النسل، وهي الفتاوى التي أجمع على جوازها كبار العلماء بالأزهر الشريفquot;.
حرب جديدة على الأزهر
أبدى الدكتور محمد الشحات الجندي، رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، قلقه الشديد على مستقبل المؤسسة الدينية في مصر، وتحديدًا الأزهر الشريف ومجمع البحوث الإسلامية، الذي يعد من أكبر المجامع الفقهية في العالم الإسلامي والغربي.
وقال الجندي لـquot;إيلافquot;: quot;ينذر الوضع الحالي بكارثة كبيرة، فقد كانت البداية بأخونة المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وتعيين شخصيات سلفية متشددة لها فتاوى كانت موضع استهجان الجميع، وعلى الرغم من ذلك نحن، كعلماء أزهريين، حريصون على التصدي لأي محاولة لأخونة الأزهر مهما كلف الأمر، فالأزهر قاد على مدار القرون الماضية حروبًا كبيرة ضد الحكام والمحتلين، منعًا للسيطرة عليه، وتحويله عن مسار الوسطية التي يتميز بها دائمًاquot;.
أضاف: quot;ثمة حرب جديدة ضد الأزهر، سينتصر فيها العلماء بمساندة الشعب المصري، وشيخ الأزهر حريص على منع سيطرة السلطة، وعلى استقلال المشيخة، كما أن ذلك واضح في المادة الرابعة من الدستور وقانون الأزهر، الذي نتج عنه اختيار أول مفتٍ في مصر بالانتخاب الحر المباشرquot;.