قال الرئيس الفرنسي في خطاب له أمام البرلمان المغربي إنّ المغرب يقوم بخطوات حاسمة تجاه الديمقراطية، مشيدا باهتمام الرباط بضمان الوحدة الترابية للبلد على أساس الاعتراف بتنوعه.


الرباط: رحّب الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الخميس بما وصفه بأنه quot;خطوات حاسمةquot; يخطوها المغرب تجاه الديمقراطية، مؤكدا quot;الطابع المستعجلquot; لإيجاد حل متفاوض عليه لنزاع الصحراء الغربية، وذلك في خطاب أمام البرلمان المغربي.
وقال هولاند إن المغرب quot;يقوم كل يوم بخطوات حاسمة تجاه الديمقراطيةquot;، مشيدا باهتمام المغرب بضمان quot;وحدته الترابيةquot; على أساس quot;الاعتراف بتنوعهquot;، مؤكدا أن quot;واجبنا هو مواكبتكم على هذا الطريقquot;.
واعتبر هولاند خلال حديثه عن quot;هذا النزاع الذي ينتظر حله منذ أكثر من ثلاثين سنةquot;، ان quot;أزمة الساحل جعلت إيجاد حل لإنهاء الوضع القائم (في الصحراء) أكثر استعجالاquot;.
وأكد هولاند بخصوص المشروع المغربي quot;أقولها لكم هنا ومرة أخرى، إن مشروع الحكم الذاتي الموسع المقترح من طرف المغرب في 2007 هو قاعدة ومنطلق جدي وذو مصداقية في أفق حل متفاوض عليهquot;، وهي جملة تعالت معها تصفيقات البرلمانيين المغاربة.
أشار هولاند كذلك الى quot;اعتماد دستور جديد في صيف 2011 في خضم الربيع العربي، والذي يضمن حسب الرئيس الفرنسي quot;التسامحquot; وquot;يعترف بالطبيعة المتعددة للهوية المغربيةquot;.
وأضاف مخاطبا البرلمانيين quot;أنا أعرف أيضا، على الرغم من هذا التقدم الحاصل، تطلعات وتوقعات المغاربةquot;، معتبرا ان quot;صبر البعض قد ينفذ (...) لكنني أعرف أنكم تملكون الإرادة لمواجهة التحديات وتحقيق ما وعدتم به المغاربةquot;.
وبالنسبة إلى الرئيس الفرنسي الذي يزور للمرة الأولى المملكة المغربية منذ توليه شؤون الرئاسة في أيار/مايو 2012 فإن quot;المغرب يسيطر على التغيير الذي اختاره، وهذا ليس بالأمر السهلquot;، مشيرا الى سياقات الربيع العربي quot;الواعدة من جهة والحاملة للخطر من جهة ثانيةquot;.
وأضاف quot;لهذا السبب يجب علينا درء جميع التهديداتquot;.
وعن العلاقات الثنائية، تحدث فرنسوا هولاند عن الروابط العديدة بين البلدين وquot;المشاعر العميقةquot; التي يكنها الفرنسيون للمملكة.
واعتبر هولاند انه جاء quot;نيابة عن كل الفرنسيين، لأقول لكم كم انا فخور بعلاقتنا مع المغربquot;.
وتعليقا على مشاركة الجنود المغاربة في الجيش الفرنسي خلال الصراعات الكبرى في القرن الماضي، قال هولاند انه سيعمل على ضمان مشاركة المغرب quot;بشكل وثيق في احتفالاتquot; مرور مئة عام على حرب 14-18 والذكرى السبعينية للحرب العالمية الثانية.
وتتزامن زيارة هولاند مع فضيحة اتهام وزير المالية السابق بالاحتيال الضريبي، على خلفية إخفائه حقيقة امتلاكه حسابا مصرفيا سريا خارج فرنسا منذ ما يقرب من 20 سنة، ما أثار صدمة لدى الطبقة السياسية في باريس، وهز السلطة التنفيذية لهولاند.
وزاد من تعقيد الأمر بالنسبة إلى الحكومة الفرنسية، وإضفاء التوتر على زيارة هولاند للمغرب، كشف صحيفة لوموند الفرنسية عن معلومات تفيد بان مقربا من الرئيس كان مدير مالية حملته الانتخابية للرئاسة، كان مساهما في شركات في المناطق الحرة (اوف شور) لجزر كايمان.
وتجنب رئيس الجمهورية منذ وصوله الى المغرب عشية الأربعاء التطرق الى فضيحة quot;كاهوزاكquot;، حيث اكتفى في كلمة أمام الجالية الفرنسية بإطلاق بعض النكات والتعليقات حول حالة الطقس الماطرة الأربعاء، مكررا جملة quot;ان تحكم يعني ان تهطل الأمطارquot;، التي قالها الماريشال ليوتي المقيم العام الفرنسي في عهد الحماية الفرنسية.
لكن هولاند لن يتمكن من تجنب الحديث عن هذه الفضيحة التي تهز فرنسا عندما سيعقد المؤتمر الصحافي الكبير المقرر مساء الخميس امام مختلف وسائل الإعلام مع انتهاء زيارة الدولة الى المغرب.
وواجه رئيس الوزراء جان مارك ايرولت الاربعاء خلال اجتماع الجمعية العامة سيلا من الأسئلة والانتقادات من جانب المعارضة التي طالبت بمحاسبة الرئيس.
وحاول رئيس الجمهورية قبل مغادرته باريس، استباق تأثيرات قضية كاهوزاك بإعلانه في تصريح تلفزيوني مسجل اجراءات عديدة لضمان quot;النزاهة التامةquot; للمسؤولين العموميين.
واكد هولاند ان جيروم كاهوزاك quot;لم يحظ باي حماية من الدولةquot;.
لكن شكوكا قوية تحوم لدى الطبقة السياسية الفرنسية ومعها الصحافة، حول علم السلطة التنفيذية المسبق بوجود حساب سري لكاهوزاك خارج فرنسا، وهو ما نفته الحكومة.
ومن المقرر بعد انتهاء خطابه امام البرلمان المغربي ان يتباحث هولاند مع عبد الإله بن كيران رئيس الحكومة المغربية، قبل ان يحضر ملتقى لرجال الاعمال الفرنسيين والمغاربة، إضافة إلى لقاء طلبة الجامعة الدولية للرباط وشخصيات من المجتمع المدني، ليختتم زيارته بندوة صحافية.
وبعد توقيع حوالى ثلاثين اتفاقية بين الطرفين الاربعاء بلغت قيمتها 300 مليون يورو خاصة في مجال النقل، سيعمل هولاند على حث رجال الاعمال الفرنسيين على الاستثمار اكثر في المغرب بينما فقدت فرنسا صدارتها لصالح إسبانيا التي صارت أول مصدر للمغرب.
وسيعرض هولاند أمام مديري الشركات المغربية والفرنسية، فكرة موسعة عن quot;الترحيل المشتركquot; للخدمات التي تجمع بين الشركات المغربية والفرنسية في عدة مجالات، وتساهم في خلق وظائف لفائدة الطرفين.
وسيتم إطلاق منتدى برلماني فرنسي مغربي قبل نهاية السنة، حسبما أعلن الرئيس في خطابه أمام البرلمان.
اما بخصوص لقائه هيئات المجتمع المدني المغربي، فينتظر ان تطرح معه مسألة حقوق الإنسان، خاصة بعد توجيه كل من منظمتي quot;هيومن رايتس ووتشquot; وquot;مراسلون بلا حدودquot; رسالة حول الموضوع لهولاند قبل وصوله الى المغرب.
وحيّا الرئيس الفرنسي الأربعاء في كلمة أمام الجالية الفرنسية quot;الانتقال الديمقراطي الذي يلتزم به المغرب وتسارع مع تبني دستور جديدquot;، معترفا في الوقت نفسه بأنه quot;ما زال هناك كباقي الديمقراطيات، أشياء غير مكتملة، تقدم، وتحسيناتquot; منتظرة.
من جهته، حيا الملك محمد السادس، خلال حفل عشاء أقيم على شرف الرئيس الفرنسي في القصر الملكي في الدار البيضاء quot;العلاقة المثمرةquot; بين البلدين وquot;الالتزام الدائمquot; لفرنسا بجانب المغرب.

وحيا هولاند الملك محمد السادس الأربعاء على دعمه فرنسا في حربها على مالي، كما حياه على نجاحه في quot;استباق الربيع الغربيquot;.