خلصت دراسة مستقلة لبرنامج الولايات المتحدة في ملاحقة من تشتبه بأنهم ارهابيون عقب هجمات 11 ايلول (سبتمبر) إلى أن quot;لا مكان لنفي حقيقة إقدام اميركا على تعذيب المعتقلين، وتحمل قادتها المسؤولية عن ذلكquot;.


لندن: توصلت دراسة جديدة، أجرتها مؤسسة مشروع الدستور Constitution Project للأبحاث في واشنطن، ونشرت نتائجها في تقرير يقع في 580 صفحة، إلى أن برنامج الولايات المتحدة في ملاحقة من تشتبه بأنه إرهابي لم يكن مبررًا بل أتى مردوده عكسيًا وأضر بسمعة البلاد، وعرّض افراد القوات المسلحة الاميركية لخطر التعذيب إذا وقعوا في قبضة جماعات مسلحة تعذب الولايات المتحدة عناصرها.

إرضاء القذافي
جاء في التقرير أن برنامج نقل المشتبه بهم إلى سجون دول أخرى لاقى تعاونًا دوليًا واسعًا، وأن بريطانيا وكندا وايطاليا والمانيا والسويد كانت من ابرز الدول الداعمة للبرنامج، إلى جانب مصر وسوريا والمغرب والاردن.
وقال التقرير إن العمليات التي نُفذت في اطار البرنامج اسفرت عن خطف اثنين من المعارضين الليبيين ونقلهما إلى طرابلس مع عائلتيهما في العام 2004، وإن الهدف من هذه العمليات لم يكن مكافحة الارهاب بل إرضاء نظام القذافي. واضاف: quot;كنا والحكومة البريطانية نعتقد بأننا نكسب رضا استخبارات القذافيquot;.
كما اكتشف التقرير أن وكالة المخابرات المركزية كانت تدير سجونًا في ثلاث دول أوروبية، هي بولندا وليتوانيا اللتان اعترفتا بوجودها، ورومانيا التي ما زالت تنفي.

حسم السجال
استند التقرير إلى مقابلات مع عشرات المسؤولين الاميركيين والأجانب السابقين، فضلًا عن سجناء سابقين. وقالت صحيفة نيويورك تايمز إن التقرير هو أكمل مجهود حتى الآن يتناول معاملة المعتقلين في غوانتانامو وافغانستان والعراق، وفي السجون السرية لوكالة المخابرات المركزية، وإن المسؤولين الاميركيين الذين وافقوا على استخدام الأساليب الوحشية، مثل نائب الرئيس السابق دك تشيني، سيواصلون الدفاع عن استخدامها، لكن من المتعذر على الاميركيين الذين يريدون أن يعرفوا ما ارتُكب باسمهم أن يتجاهلوا تقريرًا يقول إن الولايات المتحدة كانت تمارس التعذيب.
وأكد التقرير أن هذه الأساليب تنتهك القانون الدولي من دون دليل مقنع على انها انتجت معلومات مفيدة كان من المتعذر الحصول عليها بوسائل أخرى. ولاحظت نيويورك تايمز أن هذه اللغة الصريحة تساهم في حسم السجال حول هذا الموضوع، لا سيما أن استمرار السجال يبقى امكانية أن تمارس الولايات المتحدة التعذيب مرة أخرى مستمرة.

أدانتها سابقًا
تابع التقرير أن استخدام طريقة الايهام بالغرق وتقاذف المعتقل بين الجدران وتقييده في وضع مؤلم طيلة ساعات، لم يكن مبررًا وأضر بسمعة الولايات المتحدة، التي انتهكت التزاماتها القانونية الدولية بتخطيط عمليات التغييب القسري والمعتقلات السرية.
وتضمن التقرير ملحقًا من 22 صفحة، يسوق فيه عشرات القضايا القانونية التي قاضت فيها الولايات المتحدة مسؤولين عن مثل هذه المعاملة أو ادانتها بوصفها تعذيبًا عندما كانت تحدث في دول اخرى.
كما يتناول التقرير بالتفصيل المواقف اللااخلاقية لمحامي الحكومة في حكم جورج بوش، الذين كانوا يقدمون استشارات قانونية بهلوانية على حد وصف التقرير، لتبرير أساليب التحقيق الوحشية، وكذلك مواقف المهنيين الطبيين الذين ساعدوا في الاشراف عليها. ولم يوفر التقرير ادارة اوباما ايضًا، التي قال إنها تذرعت بدواعي السرية للتستر على تفاصيل التعذيب والسجون السرية.

إلى الأمام
يعيد نشر هذا التقرير بعد كل هذه السنوات التذكير بالفرصة التي ضيعها اوباما لمعالجة الوضع، عندما رفض أن يدعم تشكيل لجنة وطنية للتحقيق في برنامج الاعتقالات والسجون السرية، بحسب صحيفة نيويورك تايمز.
واشارت الصحيفة إلى أن اوباما اعلن في حينه انه يريد التطلع إلى الأمام وليس النظر إلى الوراء، لكن رفع الغطاء عن أخطاء الماضي من اجل تفاديها ضروري للتطلع إلى الأمام، ودراسة مؤسسة quot;مشروع الدستورquot; للأبحاث خطوة ايجابية في هذا الاتجاه.
غير أن صورة ما حدث ما زالت ناقصة، ويجب رفع الحظر عن نشر تقرير منفصل يقع في 6000 صفحة أعدته لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، مستندة إلى تقارير وكالة المخابرات المركزية.
وترى نيويورك تايمز أن الخطوة التالية يجب أن تكون نشر هذا التقرير، ولا عذر لمزيد من التأخير في اعلانه للرأي العام.