ظن الغرب أنه حليف استراتيجي للولايات المتحدة حتى فاجأته بمسودة مشروع أممي لتوسيع بعثة الأمم المتحدة في الصحراء الغربية في الجانب الانساني، من دون النظر إلى الانجازات المغربية في ميدان حقوق الانسان.
الرباط: تفاجأ المغرب بعزم الولايات تقديم مسودة مشروع إلى مجلس الأمن بخصوص توسيع مهمة بعثة الأمم المتحدة في الصحراء الغربية quot;مينورسوquot; لتشمل الجانب المتعلق بحقوق الإنسان، فتبعثرت أوراق الرباط في علاقاتها مع واشنطن، التي كان يعتقد أنها تصل إلى حد التحالف الاستراتيجي.
وفيما أتى استدعاء الديوان الملكي زعماء الأحزاب المغربية للاجتماع كأول المسارات المغربية للبحث عن الرد الملائم على الخطوة الأميركية المباغتة، أجمع سياسيون وباحثون على أن مصالح جيو ستراتيجية تحكم الخطوة الأميركية، وهو ما يؤكد أن الولايات المتحدة وفية دائمًا لمبدئها السياسي المبني على المصالح.
تستفيد من بؤر التوتر
لم يخف محمد خاليدي، أمين عام حزب النهضة والفضيلة، أن الموقف الأميركي شكل مفاجأة للجميع، على المستوى الرسمي وعلى المستوى الشعبي، نظرًا للعلاقات التاريخية المتينة التي تربط المغرب وأميركا.
أضاف: quot; كل ما بني على باطل فهو باطل، ولا يمكن الحديث عن توسيع صلاحيات مينورسو، ما دام المغرب انخرط منذ مدة في ورش العمل المتعلقة بحقوق الإنسان، وهو يلتزم ويعمل في هذا الاتجاه، حتى إن كان الحديث عن حقوق الإنسان فيجب أن نلزم الكل، لا المغرب فقط، فالجزائر والبوليساريو معنيتان أيضًاquot;.
وقد شكلت مينورسو في العام 1991 للسهر على اتفاقية إطلاق النار بين المغرب وجبهة بوليساريو، للسهر على الأمن في المنطقة، والذي تنص عليه الوثيقة الأممية في هذا الشأن.
واعتبر خاليدي في تصريحه لـquot;إيلافquot; بأن الخطة الأميركية الحالية تحركها خلفيات سياسية ومصالح. وقال: quot;بدأت الولايات المتحدة تلعب سياسة المصالح، وليس من بين أهدافها حماية الشعوب، إذ تسعى أساسًا إلى الاستفادة من المناطق التي تشكل بؤر توتر وصراع، وموقفها ليس مبنيًا على الدفاع عن حقوق الإنسانquot;.
ودعا خاليدي إلى التصدي للموقف الأميركي، الذي لا ينبني على قاعدة قانونية صلبة في ما يخص العلاقات الدولية، ولم ينف القصور المزدوجا من الحكومة والأحزاب المغربية في التعامل مع ملف الصحراء الغربية، داعيا إلى اعتماد ما وصفه بالديبلوماسية المناضلة لخدمة القضية الوطنية.
معطيات جديدة
من جهة أخرى، يرى الباحث في العلاقات الدولية خالد شيات أن اعتبار الولايات المتحدة الأميركية حليفًا استراتيجيًا للمغرب مسألة لم تكن صحيحة على مدى تاريخ هذه العلاقات. وأضاف لـquot;إيلافquot;: quot;ربما كان المغرب حليفًا مضمونًا للولايات المتحدة في شمال إفريقيا زمن الحرب الباردة، إلا أنه بعد نهاية الحرب الباردة وتغير المنظومة الدولية، تغيرت معطيات عدةquot;.
وتابع: quot;كانت الولايات المتحدة قد اقترحت على دول شمال إفريقيا شراكة استراتيجية في بداية القرن الحالي، لكن تعثر العلاقات المغربية الجزائرية حال دون تحقيق هذا المشروع، موضحًا أن ثمة معطيات جديدة أخرى بالنسبة للعلاقات بين المغرب والجزائر والولايات المتحدة في الجانب المتعلق بالطاقة والتسلح وبالجانب المالي، quot;وهنا نعلم أن الجزائر أحسن وضعًا من المغرب على هذا المستوى، وهذا أثر على علاقات المغرب والولايات المتحدةquot;.
وقال: quot;من الناحية الأكاديمية، بعثة مينورسو حلت لمراقبة وقف إطلاق النار ولتحديد الهوية وتنظيم الاستفتاء في أفق تقرير المصير، وتوسيع مهامها ممكن ما دام الأمر يتعلق بحقوق الإنسان فقطquot;.
مراقبة تشمل الجزائر
أوضح الباحث أن على مينورسو أن تحدد من هم الصحراويون المتواجدون في مخيمات تندوف التابعة للجزائر وأعدادهم ووضعيتهم، مؤكدًا أنه إذا تم توسيع هذه المراقبة لتشمل الجانب الحقوقي، ينبغي أن تشمل المناطق التي تقع تحت السيادة الجزائرية إلى جانب تلك التي تقع تحت السيادة المغربية.
يذكر أن بلاغًا صادرًا عن الديوان الملكي إثر الخطوة الأميركية أشار مجددًا إلى المبادرة المغربية لحل النزاع في الصحراء، التي قوبلت من قبل أطراف النزاع الأخرى بتوظيف قضية حقوق الإنسان بشكل ممنهج، في محاولة لإخراج مسلسل التفاوض عن مساره، واستغلال ذلك كمبرر لعدم الانخراط بشكل جدي وبنية حسنة في البحث عن حل سياسي.
واعتبر وزير الاتصال المغربي محاولة تغيير طبيعة مهمة بعثة مينورسو بشكل منحاز وأحادي من دون تشاور مسبق محاولة غير مفهومة وغير مبررة، متسائلا عن الداعي إلى تغيير طبيعة المهمة بتلك الطريقة المنحازة والأحادية، من دون الالتفات إلى ما راكمه المغرب من إنجازات في مجال حقوق الانسان.
التعليقات