أكد صحافيون في جريدة quot;العالمquot; العراقية المستقلة أنهم تفاجأوا بقرار احتجاب الصحيفة بعد ثلاث سنوات من إصدارها. وقالت أسرة التحرير في بيان لها إن وزارات ومؤسسات حكومية منعت الإعلانات عن الصحيفة وعملت على محاربتها بسبب كشفها عن ملفات فساد.
بغداد: أعلن في بغداد عن احتجاب جريدة quot;العالمquot; اليومية السياسية المستقلة، بعد ثلاث سنوات من الصدور المتواصل حيث حققت نجاحات عديدة على مستوى الشارع والاعلام العراقي، حيث عبرت أسرة تحرير الجريدة عن حزنهابسبب التوقف عن الصدور، واستغرابها للطريقة التي تم التعامل بها معهم من قبل رئيس مجلس الادارة وصاحب الامتياز.
حرمانها من الاعلانات
وأكد مجموعة من العاملين في الجريدة في مؤتمر صحافي في مبنى (الثقافة للجميع) في بغداد أنهم فوجئوا بالامر على الرغم من أنهم يعلمون أن الضغوط المالية والسياسية وراء ذلك وأنهم كانوا يريدون أن يتابعوا إصدار الجريدة مهما كانت الظروف، مشيرين إلى أنّ وراء هذا الاحتجاب ضغوطات سياسية أدت إلى أنّ يعلن رئيس مجلس الادارة بشكل مفاجئ غلقها واحتجابها وتسريح العاملين فيها.
وقرأ رئيس تحريرها فراس سعدون بيانًا شرح فيه ملابسات إغلاقها وحمل توقيع عدد من العاملين فيها هم: فراس سعدون (رئيس التحرير)، منتظر ناصر (مدير التحرير)، علي الحسيني (سكرتير التحرير)، وهيئة التحرير: صفاء خلف، قاسم السنجري، أحمد الموسوي. وليث محمد رضا، محرر الصفحة الاقتصادية، وأثير جواد جبار، مصمم.: عشية اليوم العالمي لحرية الصحافة.
وجاء في البيان: أن إغلاق جريدة العالم، التي تعد من أشهر الصحف المستقلة بعد 2003، يأتي في وقت تحظى المؤسسات الصحفية المستقلة في العالم المتقدم بضمانات تكفل استمرارها ادراكًا لدورها الأساس في حماية الحريات والحقوق المدنية، فيما تواجه نظيراتها في العراق تضييق الخناق عليها وحرمانها من أبسط الالتزامات، كحجب الاعلانات التي تعد المورد الرئيس لأداء دورها المهني، وهو ما تتعرض له quot;العالمquot; منذ سنة، حتى ازدادت وتيرته في الأشهر الاخيرة، حيث حرمت الجريدة من إعلانات 25 مؤسسة حكومية، بضمنها 16 وزارة، فيما حظر بعضها تداول الجريدة داخل اداراتها، بسبب كشفها عن ملفات فساد خطيرة.
علامات استفهام
وأضافت أسرة التحرير في بيانها موضحة أنه في التاسعة من مساء الأربعاء الأول من أيار (مايو)، حين كانت صفحات الجريدة على وشك الاتمام، أبلغ رئيس مجلس الادارة مهدي الهاشمي، أسرة التحرير بقراره، غير المسبق بإشعار، اغلاق الجريدة لـquot;إفلاسهquot;، واعتبار عدد الخميس الاصدار الأخير (الذي حجب لاحقًا).
وأشارت إلى أنّه على الرغم من وقع الصدمة، أظهر أفراد الأسرة تعاطفهم الكبير مع رئيس مجلس الادارة لتحمله نفقات الجريدة طيلة السنوات الثلاث الماضية، مبدين استعدادهم للعمل طوعًا، وتكفلهم إصدارها على نفقتهم الخاصة لمدة شهر يتم البحث فيه عن مال غير سياسي، وبلا شروط، أو تحويلها إلى الكترونية من أجل ضمان استمرارها، وفق المعايير المهنية التي تعتمدها وترفض المساومة عليها، غير أن الهاشمي، أصر على موقفه من إغلاق الصحيفة، ووجد أن حديث الأسرة معه عاطفي لا يمكن أن يغيّر من الواقع شيئًا.
وأضافت أسرة quot;العالمquot; انها اذ تضع علامات استفهام ازاء هذا السلوك، فانها لا تستبعد أسبابًا خفية، من ضمنها الرضوخ لضغوط سياسية أو مالية. وفيما اعتبرت أسرة التحرير ايقاف quot;العالمquot; اغتيالاً للكلمة الحرة، وكتمًا للصوت المستقل، واجهازًا على تجربة رسخت تقاليد جديدة لم تعرفها الصحافة العراقية، فإنها تعتذر لقرّائها وكتابها الذين آزروها في أحلك الظروف واقساها عن توقفها القسري.
تمسك بصحافة حرة مستقلة
وقدمت أسرة تحرير العالم عدة مطالب هي:
أولا: أن يسلم رئيس مجلس الإدارة موقع جريدة العالم إلى هيئة التحرير لضمان استمرارها بدلاً من وأدها وهي في أوج نشاطها.
ثانيًا: تشريعات تحمي حرية التعبير، وتضمن حقوق الصحافيين والعاملين في المؤسسات الاعلامية المنصوص عليها في المواثيق والعهود الدولية، وتعديل قانون حقوق الصحافيين.
ثالثًا: اضطلاع النقابات والاتحادات والجمعيات المهنية بدورها المطلوب في الدفاع عن حقوق الصحافيين، وعدم الاكتفاء ببيانات شكلية.
رابعًا: توجه المنظمات الدولية المختصة لدعم وتمويل المؤسسات الصحافية بعد التثبت من استقلاليتها.
خامسًا: بتخصيص أبواب دعم ثابتة للمؤسسات الصحافية المستقلة في الموازنات العامة، بوصفها ركيزة أساسية في بنية الأنظمة الديمقراطية.
سادسًا: التوزيع العادل للاعلانات الحكومية، وانهاء احتكارها من قبل مافيات تسيطر على مكاتب الإعلام.
وأكدت أسرة تحرير quot;العالمquot; في الختام على أنه لا خيار لها سوى التمسك بالصحافة الحرة المستقلة، لأنها اللبنة الأساس في التجارب الديمقراطية الهادفة إلى ترسيخ الحريات المدنية، وفي مقدمتها حرية الصحافة.
جهات سياسية ودينية متطرفة وراء الاحتجاب
وأكد رئيس التحرير في تصريح لـ quot;إيلافquot; quot;وجود ايادٍ خفية تعمل منذ وقت ليس بالقصير على حجب الكلمة الحرة عن طريق منع بعض الزملاء الكتّاب من كتابة الاعمدةquot;.
وأضاف quot;حين كنا ننشر مادة لكاتب محترف ينتقد فيها اداء جهة سياسية أو يشير بأصابع التخلف إلى موقف جهة دينية كان هاتفي لا يتوقف عن الرنين، تلقيت اتصالات عديدة شخصياً من احزاب سياسية وشخصيات سياسية حاولت أن تمنعنا من المضي بالنشر للكتاب من مختلف الجهات، وقد أعلنت اثرها أننا صحيفة ننشر للملحد والمتدين وللشيوعي وللاسلامي وللموالين للحكومة، ولجميع الاطياف، نحن لسنا اعداء لأحد ولسنا سياسيين كي نعادي أي طرف، نحن كنا ننشر الخبر الذي يصلنا ونتيح نشر الآراء التي تصلنا ايضًا ولا نستهدف احدًا، وهذه ليست وظيفتنا، تلقيت ضغوطًا عديدة من احزاب كانت تتدخل حين ننشر مقالاً أو رأيًا عكس سياسة ذلك الحزب، لكننا كأسرة تحرير لم نرضخ، كذلك تلقينا تهديدات موثقة لدينا من جهات دينية متطرفة لا يعجبها النمط الذي تعمل به صحيفتنا، لكننا ايضًا كنا نمضي قدمًا حتى ليلة الخميس التي تم ابلاغنا فيها باحتجاب الجريدةquot;.
وأضاف: quot;لا يمكن البوح باسماء الذين تعرضوا للجريدة من السياسيين ولكن الحديث عن الضغوطات التي واجهت الجريدة بدأت من الخبر وانتهت بكاتبها، يعني ليست الضغوطات حصرية على عدد من كتّاب أعمدتها أو بعض كتابات الرأي بل ابتداء من كتابة الخبر، ويمكنني أن اختصر الحديث بالقول: إنهم بعد أن فشلوا في تمرير رسالتهم على اسرة التحرير، ربما لجأوا إلى مكان آخر ليجدوا فيه موطئًا لتمرير الرسالة، اعتقد أن البوح يقلل من بلاغة عدم الافصاحquot;.
تجارة وسلع وليست صحافة
أما سكرتير تحرير الجريدة علي الحسيني فقال: انا في صدمة كبيرة على الرغم من انني اعلم أن الصحيفة تقترب رويدًا رويدًا من اعلان توقفها بسبب محاصرتها من قبل وزارات ومؤسسات حكومية منعت الاعلانات عنها وعملت على محاربتها بشتى الوسائل، بيد انها رفضت المال السياسي من اجل الحفاظ على سجلها الابيض طوال السنوات الثلاث الماضية الاخيرة والوفاء لجمهورها ومتابعيها.
وأضاف: أن ما ازعجنا ليس أن تتعرض الجريدة إلى ضغوطات فيقرر صاحبها احتجابها، ولكن ما يحز بالنفس هي طريقة التعامل معنا والسلوك الخاطئ بمبدأ التجارة وكأننا سلعة تباع وتشترى، نحن صحافيون محترمون ونرفض أن نعامل بهذه الطريقة، فلو أنه شرح لنا أو ابلغنا بطريقة حضارية لما ازعجنا، ثم اننا ابلغناه أن بامكاننا العمل دون مقابل لمدة شهر لكنه رفض.
التعليقات