اعتبر مرصد عراقي للحريات الصحافية أن العام الماضي كان quot;الأسوأ منذ سقوط صدامquot;، وشهد إجراءات صارمة ضد وسائل الإعلام، حيث استخدمت الحكومة قواها الأمنية والعسكرية لتضييق مساحة العمل الصحافي خصوصًا ضد الصحافيين غير العراقيين الذين حرم معظمهم من دخول العراق، ومنع آخرون من تغطية الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها بعض المدن.


أسامة مهدي: أشار المرصد إلى أن الصحافيين العراقيين والأجانب لم يسلموا من عمليات الإعتقال والاحتجاز بمسوغات مختلفة، تزامنت مع أزمات سياسية طاحنة شهدها العراق، دفعت المؤسسات الإعلامية العراقية أثمانها باعتداءات مباشرة وغير مباشرة، وتهديدات، وتنكيل بالفرق الإعلامية والصحافية.

وقال مرصد الحريات الصحافية العراقي في تقرير له لمناسبة اليوم العلمي لحرية الصحافة، الذي يصادف اليوم، وتسلمت quot;إيلافquot; نسخة منه، إن الحكومة العراقية استهلت العام 2012 بإجراءات صارمة ضد وسائل الإعلام العراقية.

واشار الى ان عام 2012 كان الأول بعد الانسحاب الأميركي من العراق، حيث تحمّلت النخب السياسية والثقافية ومؤسسات الصحافة، آثآرًا سلبية لهذا التطور، عبر انحسار التأثير الدولي على صانعي السياسات في بغداد.

الصحافة تدفع ضريبة أزمة سياسية
وقال إنه منذ الأشهر الأولى من العام الماضي دفعت الحريات الصحافية في العراق ضريبة أزمة سياسية عميقة، وأصبحت تقريبًا بلا غطاء، نتيجة تخلي غالبية الكتل والأطراف السياسية عن التزامها بعدم تسييس الصحافة في صراعاتها على السلطة وحماية الحريات والدفاع عنها وفق ما نص عليه الدستور.

ومر العراق بحالات مثيرة للقلق ومؤشرات مختلفة خطيرة تجاه تقييد حرية الصحافة المستقلة في البلاد، ووثق مرصد الحريات الصحافية الهجمات الشرسة التي تعرّضت لها المؤسسات الإعلامية العراقية والصحافيون المستقلون في البلاد، إضافة إلى عمليات التضييق الرهيبة التي تعرّض لها الصحافيون الميدانيون.

واكد ان السلطات التنفيذية والقوات العسكرية مازالت تضيّق بقوة على حركة الصحافيين وتجوالهم في المدن العراقية، فحركة أي صحافي أو فريق إعلامي تتطلب موافقات تصدرها القيادات العسكرية والأمنية.

وبحسب الكثير من الصحافيين وخبراء الإعلام فإن أسباب تراجع الحريات الصحافية وارتفاع معدلات التضييق على العمل الصحافي يعود بعضها إلى أن الصحافة المستقلة فقدت غطاء الحماية التي كانت توفرها لها المنظمات الدولية، والتي تراجع حضورها في العراق بعد الانسحاب الأميركي نهاية عام 2011.

هجمات تعرّض لها الصحافيون
واشار المرصد الى ان الإعلاميين تعرّضوا خلال الفترة ما بين 3 ايار/مايو 2012 إلى 3 أيار/مايو 2013 الى اعتداءات وانتهاكات وهجمات بالعشرات، حيث تبين بأن هناك تخطيطاً لمساعٍ حقيقية تهدف إلى السيطرة على وسائل الإعلام وحركة الصحافيين وممارسة الضغط عليهم وترهيبهم بشتى الوسائل، لمنعهم من مزاولة عملهم بحرية، ما يؤثر في مصداقية التغطيات الصحافية لوسائل الإعلام، التي باتت عاجزة عن الوصول إلى أرض الحدث ونقل الصورة كما هي بعيداً عن المؤثرات السياسية والدينية والمذهبية.

ولفت الى ان الحكومة العراقية تمكنت من تمرير قانون quot;حقوق الصحافيينquot;، الذي لا يرقى إلى مستوى المعايير الدولية لحرية التعبير، ويرتبط بشكل مباشر بالقوانين العراقية السابقة، ومن بينها قانون العقوبات لسنة 1969 الذي يجرّم التشهير وقضايا النشر، وقانون المطبوعات لسنة 1968 الذي يسمح بسجن الصحافيين لمدة تصل إلى سبع سنوات، إذا ما أدينوا بتهمة إهانة الحكومة.

وحسب دراسة أجراها quot;مرصد الحريات الصحافيةquot; ومجموعة من خبراء التشريعات، فإن القانون الذي يتكون من 19 مادة يتضمن في الغالب تعريفات غامضة، وتعمد بعضها إلى تحجيم الوصف اللائق بالعاملين في وسائل الإعلام، ووضعهم في دائرة الوصف الوظيفي الملزم، وهو ما لا يتيح التعاطي الإيجابي مع أشكال من العمل الصحافي خارج هذا الوصف، خاصة بالنسبة إلى مجموعات تمارس أعمالًا استحدثت في الوقت الحالي، مواكبة لتطورات تقنية متصاعدة، أتاحت لأفراد أن يشتغلوا عبر الانترنت ومن خلال التدوين والإدارة الخاصة بغرف الأخبار. وبالتالي فإن القانون يحرم هؤلاء الناشطين في مجال التدوين من امتيازات طبيعية تمنح لهم في هذا السياق.

ويعامل القانون الصحافيين، في بعض مواده، خاصة المتعلق منها بالحماية، كما لو أنهم أطفال صغار بحاجة إلى دورات تلقيح متكررة على مدار العام، بينما يتيح للسلطات أن تحكم عمل الصحافي وفق المزاج الأمني والسياسي، وهذا توجه خطير، لأنه يقيد حراك الصحافيين، ويحجب عنهم معلومات ومهامًا مفترضة.

تربط فقرات هذا القانون، الصحافيين بقوانين سابقة تبالغ في المعاقبة على ما يسمى بـ quot;جرائم النشرquot;، وتحدد حرية الصحافة بما ينسجم مع نظام القمع والاستبداد والدكتاتورية في النظام السابق، وهو أمر يتقاطع مع أحكام الدستور الحالي جملة وتفصيلاً. ومن بين الأمثلة على تلك القوانين ما ورد في قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 النافذ وقانون المطبوعات رقم 206 لسنة 1968 وقانون وزارة الإعلام (المنحلة) رقم 16 لسنة 2001 وقانون الرقابة على المصنفات والأفلام السينمائية رقم 64 لسنة 1973 وقانون نقابة الصحافيين رقم 178 لسنة 1969 المعدل والنافذ. وتعتبر هذه القوانين في عمومها من مخلفات النظام الديكتاتوري، واستمرار العمل بها يقوّض بشكل كبير حرية الصحافة والتعبير.

على هذا الأساس فإن quot;مرصد الحريات الصحافيةquot; يسعى إلى اتخاذ التدابير والإجراءات الممكنة لتغيير هذه التركة الثقيلة من القوانين التي لم تعد تنتمي إلى روح العصر.

إيقاف وسائل إعلام
لم تقف مساعي السلطات الحكومية للسيطرة على استقلالية وسائل الإعلام عند هذا الحد، فقد كشف quot;مرصد الحريات الصحافيةquot; عن وثيقة رسمية حصل عليها في حزيران/ يونيو من العام الماضي، تنص على وقف عمل 44 وسيلة إعلام، بينها محطات تلفزة وإذاعات بارزة محليًا، وأخرى معروفة على نطاق دولي.

وقررت هيئة الإعلام والاتصالات العراقية في 28-4-2013 تعليق رخص عمل 10 قنوات فضائية لـquot;تبنيها خطاباً طائفياًquot; رافق أحداث الحويجة، وأكدت أن تلك القنوات عملت على quot;تمزيقquot; نسيج العراق الاجتماعي من خلال التحريض على العنف والكراهية الدينية والدعوة إلى ممارسة أنشطة quot;إجرامية انتقاميةquot;، مشددة على ضرورة إدراك أن حرية التعبير عن الرأي quot;ليست حقاً مطلقاًquot;.

هذه القنوات هي (بغداد، والشرقية، والشرقية نيوز، والبابلية، وصلاح الدين، والأنوار2، والتغيير، والفلوجة، والجزيرة، والغربية)، مبينة أن تلك القنوات اعتمدت quot;نهجاً تصعيدياً أقرب إلى التضليل والتهويل والمبالغة منه إلى الموضوعية، يهدد وحدة البلد ويعمل على تمزيق نسيجه الاجتماعيquot; من دون أن تطرح أمثلة وأدلة عن حقيقة quot;التهديدquot; الذي مثلته تغطيات تلك القنوات على quot;النسيج الاجتماعي العراقيquot;.

وأثارت هيئة الاتصالات والإعلام العراقية حفيظة الصحافيين ووسائل الإعلام والمراقبين المحليين والدوليين، من خلال ممارسة اساليب ضغط خارج اطار الشرعية. فلم تستطع هيئة الاتصالات والإعلام التمييز بين التنظيم والتقييد، وذلك يرجع بشكل رئيس إلى غموض لوائحها وغياب الرقابة البرلمانية على أدائها، ما أدى إلى اتخاذ إجراءات مجحفة بحق بعض وسائل الإعلام بدعوى خرق اللوائح.

وقال المرصد إن الهيئة، وبدلًا من تنظيم خدمات البث، صارت تقوّض جهود حرية التعبير، وترمي في أفعالها وقراراتها إلى ترهيب الإعلاميين ووسائل الإعلام المختلفة، خصوصاً تلك التي واجهت قرارات غلق وتهديد وفرض رسومات مالية غير مسبوقة، ما أدى إلى خشية متنامية من دور سياسي تقوم به الهيئة لحساب جهات حكومية وبعيدًا عن نظم البث والقوانين المرعية في هذا الاتجاه، فاتخذت الهيئة قراراً بإغلاق قناة quot;البغداديةquot; الفضائية، إضافة إلى سحب ترخيص البث الدولي لهيئة الإذاعة البريطانية quot;BBCquot; باللغة الإنكليزية.

رقابة على الانترنت
واشار الى ان الفترة الماضية وصفت من قبل عدد كبير من الصحافيين والإعلاميين العراقيين بأنها quot;الأسوأ منذ سقوط صدامquot; والتي لم تخل من محاولات إيجابية قادها برلمانيون في لجنة الثقافة والإعلام في البرلمان العراقي لإلغاء قانون quot;جرائم المعلوماتيةquot; الذي شغل الأوساط الصحافية المحلية والدولية لسنوات عدة، لكونه يفرض رقابة مشددة على مستخدمي شبكة المعلومات الدولية الأنترنت.

ففي 5-2-2013 كشفت لجنة الثقافة والإعلام في مجلس النواب العراقي، بحسب مخاطبات رسمية، حصل عليها quot;مرصد الحريات الصحافيةquot;، عن إلغاء مسودة قانون جرائم المعلوماتية سيء الصيت، معلنة موافقة رئاسة البرلمان على التوقف عن المضي بتشريعه، معللة ذلك بأن القانون بات قديمًا، وأن الوضع الأمني الذي استلزم تشريعه أصبح أكثر إيجابية. وطلبت اللجنة من رئاسة مجلس النواب رفع مسودة القانون من الصفحة الالكترونية للمجلس.

تعليقا على ذلك، قال رئيس لجنة الثقافة والإعلام البرلمانية علي الشلاه لـ quot;مرصد الحريات الصحافيةquot;، إنه quot;لا يمكن أن تسنّ قوانين كهذه في البلاد، لأنها تقوّض من سلطة الديمقراطيةquot;. وأوضح الشلاه، وهو نائب عن quot;ائتلاف دولة القانونquot;، أن طلبه لنقض المسودة تأخر في رئاسة المجلس أكثر من 6 أشهر، وأن quot;الموافقة على إلغائه ستمنحنا مجالًا أوسع لتعزيز حرية الرأي والتعبيرquot;.

انتعاش لحركة المدوّنين
إلى ذلك فإن الفترة الماضية شهدت إنتعاشاً ملحوظاً لـما بات يعرف بالإعلام الجديد quot;New Mediaquot;، من خلال ظهور جيل جديد من المدونين في مواقع التواصل الاجتماعي، إستطاعت أحياناً توجيه الرأي العام العراقي نحو قضايا اجتماعية وسياسية ودينية لربما كان محرّمًا طرحها للجدل العام.

مؤشرات حرية الصحافة هذا العام قد تختلف نوعيًا عن الأعوام الماضية، فالإعلان الذي صدر من قبل القيادات العسكرية بعدم السماح للصحافيين الأجانب دخول المناطق التي شهدت احتجاجات شعبية يعطينا مؤشرات خطيرة للغاية، حيث قرّرت السلطات الأمنية العراقية منع دخول الصحافيين الأجانب، إلى محافظة الأنبار غرب العراق.

وفي 3 مارس/ آذار من هذا العام صرح قائد عمليات الأنبار الفريق الركن مرضي الدليمي بالقول quot;تلقينا تعليمات من جهات عليا تقضي بمنع أي صحافي غير عراقي من دخول محافظة الأنبارquot;. وفي أبريل/ نيسان 2013 منع الصحافيون من الاقتراب من بلدة الحويجة، التي تجمع فيها محتجون ناقمون على الحكومة حاصرتهم قوات عسكرية وأمنية.

وقد تم اقتحام الساحة التي تجمع فيها المحتجون في الحويجة فجر يوم 23- نيسان/ أبريل من هذا العام، وحصلت اشتباكات دامية، سقط فيها العشرات بين قتلى وجرحى من دون تغطية إعلامية. وتبادلت الحكومة العراقية وخصومها الاتهامات حول من تسبب بإراقة الدماء، فيما أدى غياب الصحافيين إلى فقدان رواية محايدة وتوثيق منهجي لما حصل هناك.

كردستان تلاحق الصحافيين
تقرير مرصد الحريات الصحافية يشمل الانتهاكات التي تعرّض لها الصحافيون في إقليم كردستان، التي تمثلت في الاحتجازات التعسفية والملاحقات القضائية بسبب انتقادهم لسلطات الإقليم.

حيث قامت حكومة كردستان المتمتعة بحكم فدرالي في العراق، بإجراءات تعسفية ضد الصحافيين، وقامت قوات الشرطة والأمن الخاص (الأسايش) باعتقال صحافيين وتحطيم معداتهم، وفي حالات أخرى لنشرهم تقارير صحافية تكشف عن حالات فساد إداري ومالي في الإقليم.

وبحسب مركز مترو، الذي يمثل مرصد الحريات الصحافية في إقليم كردستان، فإن الصحافيين هناك مازالوا يواجهون الاتهامات وفقا لمواد قانون العقوبات العراقي. ويشير تقرير سابق لمنظمة هيومن رايتس ووتش، إلى أن حكومة الإقليم quot;تساهلت مع المضايقات ومحاولات ترهيب الصحافيين وغيرهم من المنتقدين والساعين إلى فضح الفساد الرسمي وغيره من المخالفات، وأتاحت مناخاً للإفلات من العقاب لمن يرتكبون تلك الانتهاكات بحق المعارضين.

مجمل الانتهاكات التي سجلها مرصد الحريات الصحافية لهذا العام بلغت 293، وصنفت بـ 68 حالة احتجاز واعتقال، و95 حالة منع وتضييق و68 حالة اعتداء بالضرب، و7 هجمات مسلحة، و51 انتهاكاً، و13 حالات إغلاق وتعليق رخصة عمل، في حين سجل هذا العام مقتل صحافيين اثنين، وعادة ما تكون هذه الأرقام مقاربة للانتهاكات التي تسجل سنوياً، إلا أن عملية اعتقال الصحافي الفرنسي نادر دندون واتهامه بالتجسس شكل صدمة كبيرة للأوساط الصحافية المحلية والدولية.

في المحصلة فإن البيئة الأمنية والقانونية للعمل الصحافي لا تزال هشة، ولا توفر الحد الأدنى من quot;السلامة المهنيةquot; في بلد لايزال يعاني آثار العنف والانقسامات.

في هذا السياق تجدر الإشارة إلى ما تعرّضت له 4 صحف عراقية في مطلع نيسان (أبريل) 2013 من هجوم متزامن على يد مسلحين أدى إلى الاعتداء الوحشي بالضرب والطعن بالسكاكين على عدد من الصحافيين وإحراق محتويات بعض مكاتب تلك الصحف.

ورغم مرور نحو شهر على تلك الأحداث، لم تتم ملاحقة المهاجمين، ولم يتم الكشف عن الجهات التي تقف وراء ذلك، على رغم تأكيد وزارة الداخلية العراقية امتلاكها مواد فلمية تمكنها من التعرف إلى المهاجمين.

حالات القتل
واكد مرصد الحريات الصحافية ان العراق لايزال على مدار العقد الماضي يتصدر مؤشرات الإفلات من العقاب وفقا للجنة حماية الصحافيين الدولية، وتعرّض الصحافيون والعاملون معهم لهجمات متتالية منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003، حيث قتل 261 صحافيًا عراقيًا وأجنبيًا من العاملين في المجال الإعلامي، منهم 147 صحافياً قتلوا بسبب عملهم الصحافي، وكذلك 52 فنيًا ومساعداً إعلاميًا، فيما لفّ الغموض العمليات الإجرامية الأخرى، التي استهدفت بطريقة غير مباشرة صحافيين وفنيين لم يأت استهدافهم بسبب العمل الصحافي.

واختطف 64 صحافياً ومساعداً إعلامياً، قتل معظمهم، ومازال 14 منهم في عداد المفقودين، حسب إحصائيات مرصد الحريات الصحافية. إلا أن جميع هذه الجرائم لم يُكشف عن مرتكبيها، ويتجاوز تصنيفها بكثير أي بلد آخر في العالم. وشهدت هذه الفترة مقتل صحافيين عراقيين في هجمات مختلفة.

وفي 30-7-2012 قتل مقدم برامج في قناة quot;سما الموصلquot; بهجوم لمسلحين جنوب شرق الموصل، وأبلغ اكرم توفيق مدير قناة quot;سما الموصلquot;، أن مقدم البرامج الرياضية والترفيهية الصحافي غزوان أنس قتل في هجوم لمسلحين مجهولين على منزله في جنوب شرق مدينة الموصل.

وقال توفيق، إن quot;اربعة مسلحين هاجموا منزله في حي سومر جنوب شرق مدينة الموصل، وقاموا بإطلاق النار عليه، ما أدى إلى مقتله على الفور، واصابة طفله البالغ من العمر اربعة اشهر، كما أصيبت في الحادث زوجته وامهquot;.

وفي 18-11-2012 عثرت القوات الأمنية العراقية على جثة الصحافي سمير الشيخ علي، الذي يعمل رئيساً لتحرير صحيفة quot;الجماهير البغداديةquot;، في منطقة الشيخ عمر وسط العاصمة العراقية بغداد، وهي مصابة بإطلاقات نارية عدة.

وفي اتصال هاتفي لمرصد الحريات الصحافية مع هيئة تحرير صحيفة quot;الجماهير البغداديةquot;، قال محرر فيها، إن سمير الشيخ علي رئيس التحرير قتل، عندما كان يقود سيارته في منطقة الشيخ عمر الصناعية وسط بغداد، وأوضح أن علي quot;تعرّض لثلاث إطلاقات نارية استقرت في صدره، وأودت بحياته، من دون أن يتمكن أحد من إسعافهquot;.

الإغلاق والتضييق على المؤسسات الإعلامية
سحبت السلطات العراقية في العام الماضي ترخيص البث الدولي لهيئة الإذاعة البريطانية باللغة الانكليزية (BBC ndash; WorldService)، وقامت السلطات العراقية في حزيران / يوليو من العام الماضي بوقف بث هيئة الإذاعة البريطانية الناطقة باللغة الإنكليزية، وسمحت بالبث فقط للإذاعة باللغة العربية، مدّعية أن هيئة الاتصالات والإعلام لاتملك ترددات كافية.

وفي 2012-12-17 اغلقت السلطات العراقية قناة البغدادية وإذاعة المحبة، وطوّقت قوات أمنية كبيرة مبنى قناة البغدادية وسط العاصمة العراقية بغداد، وطلبت من العاملين فيها ترك المبنى من دون أن تتجاوز على أي موظف، فيما قامت قوة عسكرية باقتحام مبنى إذاعة المحبة في منطقة الوزيرية، وقطعت البث، وأخلت المبنى من العاملين فيه بحجة أن الإذاعة لم تدفع الرسوم المالية المترتبة عليها من قبل هيئة الإعلام والاتصالات.

وأعلنت وزارة الداخلية العراقية عن إغلاق مكاتب قناة quot;البغداديةquot; الفضائية الخاصة في العراق، بناء على أوامر قضائية.

وقف 44 وسيلة اعلام عراقية واجنبية
وقالت الداخلية في بيان لها، إنه quot;إستجابة لأوامر قضائية صادرة من هيئة الإعلام والإتصالات، وبإعتبار الوزارة هي الجهة التنفيذية الواجب عليها تنفيذ أوامر السلطات القضائية، فقد نفّذت الوزارة أمراً بغلق مكاتب قناة البغداديةquot;. وحاولت السلطات العراقية في العام الماضي إيقاف عمل 44 وسيلة إعلام محلية وأجنبية.

وكشفت وثيقة رسمية حصل عليها مرصد الحريات الصحافية 23-6-2012، أن قوات الأمن في العراق تلقت أوامر من السلطات بوقف عمل 44 وسيلة إعلام، بينها محطات تلفزة وإذاعات بارزة محليًا، مثل قناتي البغدادية والشرقية، وأخرى معروفة على نطاق دولي، مثل البي بي سي وراديو مونت كارلو وراديو سوا وإذاعة صوت أميركا.

الوثيقة التي حصل عليها المرصد صادرة من هيئة الإتصالات والإعلام، وموقعة من قبل مديرها بالوكالة صفاء الدين ربيع، الذي قام بتوجيهها إلى وزارة الداخلية، توصيها بمنع 44 مؤسسة إعلامية عراقية وأجنبية بارزة من العمل في مناطق متفرقة من البلاد بما فيها إقليم كردستان.

تضمنت الوثيقة أوامر بمنع عمل مصوري ومراسلي فضائية الديار والبابلية وإذاعة نوا وإذاعة المربد ووسائل إعلام أخرى مختلفة.
وتقول الوثيقة التي وافق على تنفيذها وكيل وزارة الداخلية عدنان الأسدي طالباً من قسم العلاقات والإعلام في الوزارة اتخاذ اللازم، ان quot;سيادته أمر بعدم التعاون الإعلامي معها وتوجيه الشرطة بعدم السماح لهذه القنوات وضرورة إشعار تلك القنوات بمراجعة هيئة الإعلام والإتصالاتquot;.

وفي قرارات سابقة أثارت هيئة الإتصالات والإعلام العراقية حفيظة الصحافيين ووسائل الإعلام والمراقبين المحليين والدوليين، من خلال ممارسة أساليب ضغط خارج إطار الشرعية، وأنها وبدلًا من تنظيم خدمات البث، صارت تقوّض جهود حرية التعبير وترمي في أفعالها وقراراتها إلى ترهيب الإعلاميين ووسائل الإعلام المختلفة، التي واجهت قرارات غلق وتهديد وفرض رسومات مالية غير مسبوقة، ما أدى إلى خشية متنامية من دور سياسي تقوم به الهيئة لحساب جهات حكومية وبعيدا عن نظم البث والقوانين المرعية في هذا الاتجاه.

الوثيقة التي عممتها وزارة الداخلية على قواتها المنتشرة في بغداد في 8 أيار/مايو من العام الماضي، أي بعد 5 أيام من الاحتفالات العالمية بحرّية الصحافة، تفاوتت فيها المناطق التي يمنع فيها عمل المؤسسات الإعلامية المحلية والأجنبية، في حين أبلغت الهيئة وزارة الداخلية أنها علقت رخصة عمل كل من قناة البغدادية وقناة الديار وقناة البابلية وراديو المربد.

ووفقاً للوثيقة فإن قنوات ووسائل إعلام أخرى قالت عنها الهيئة إنها غير مرخصة وطلبت من الداخلية العراقية اتخاذ الإجراءات القانونية تجاهها. وكانت هيئة الإتصالات والإعلام العراقية بدأت في تطبيق لائحة جديدة صادرة قبيل الانتخابات البرلمانية السابقة بحجة إسكات المنافذ الإعلامية التي quot;تشجّع على العنف الطائفيquot;.

ولاحظ الخبراء الدوليون ان اللائحة المذكورة تعاني من ثغرات عدة أدت إلى التضييق على حريات المنافذ الإعلامية العراقية.
وقال الإعلامي سرمد الطائي إن اللائحة تبين أن القيود على المحتوى بدائية ومبهمة وفضفاضة وتسهل إساءة استخدامها. وطالب الطائي بفتح حوار عاجل بين الوسط الإعلامي العراقي وهيئة الإعلام والاتصالات لإعادة النظر جذريًا في العلاقة الغامضة والفضفاضة بين الهيئة والمؤسسات الإعلامية الأهلية.

تنص اللائحة على ما يلي: على المؤسسات الإعلامية quot;الامتناع عن بث أي محتوى يحرّض على العنف أو الطائفيةquot;، وذلك من دون توفير أدلة إرشادية واضحة على ما يشمله تعريف العنف والطائفية. كما تنص اللائحة على أن جميع منافذ البث الإعلامي والصحافيين التماس التصريح من الهيئة قبل العمل في العراق، لكن لا توفر معلومات كافية عن المعايير التي تلجأ إليها الحكومة أثناء منح التصاريح.

اللائحة تمنح الهيئة سلطة إغلاق أو تجميد أو تغريم أو مصادرة المعدات على المخالفات الصغيرة التي تُرتكب للمرة الأولى لشروط الترخيص بالعمل. وفرضت هيئة الاتصالات، مبالغ مالية كبيرة في العام الماضي على المؤسسات الإعلامية العاملة في البلاد، كأجور لاستخدام الطيف الترددي، وتراوحت المبالغ المالية المفروضة في حدها الأعلى، بين مليار و600 مليون دينارعراقي، أي ما يعادل المليون ونصف مليون دولار أميركي، فيما كان المبلغ الأقل هو 180 ألف دولار أميركي.