أغضب حميد شباط، أمين عام حزب الاستقلال المغربي، جيرانه الجزائريين الرسميين والمعارضين، وذلك بعد مطالبته حكومة بلاده بشنّ حرب من أجل استعادة منطقتين اعتبرهما محتلّتين من طرف الجزائر.


ياسين بودهان من الجزائر: طالب حميد شباط، أمين عام حزب الاستقلال المغربي، بمناسبة تظاهرة quot;جهاد الكرامةquot; التي نظمها حزبه، باسترجاع quot;تندوف وبشارquot; كون هذه المناطق quot;أراضي مغربية محتلة من طرف الجزائرquot;. ودعا الى quot;شن حرب لاستعادتهاquot;، وهو ما خلّف ردود فعل كبيرة بالجزائر.

وفي الوقت الذي عبرت فيه جهات سياسية جزائرية لـquot;إيلافquot; عن تنديدها بهذه التصريحات ووصفتها بــquot;الخطيرةquot; وquot;اللامسؤولةquot;، اعتبرتها جهات أخرى بكونها مجرد quot;فرقعات اعلاميةquot; صادرة عن حزب quot;لا وزن ولا تأثير لهquot;، وهو ما يستوجب تجاهلها وعدم الاهتمام بها.

الجزائر الرسمي: تصريحات غير مسؤولة

تصريحات شباط التي اعتبرها جزائريون quot;مستفزةquot; ، لم تمر مرور الكرام، وجاء رد وزارة الشؤون الخارجية في الجزائر سريعاً، إذ وصف ناطقها الرسمي عمر بلاني تصريحات شباط بـquot;الخطيرة quot; وquot;غير المقبولةquot;، وحذر المغرب من أي quot;محاولة للمساس باستقرار وحدة الحدود الجزائرية تحت أي مسمياتquot;.

خاطب بلاني أمين عام حزب الاستقلال بقوله: quot;على هذا المسؤول التوقف عن اطلاق مثل هذه التصريحات التي تعوّد على الترويج لها في مناسبات ماضية، والتي تعد خرقاً لاتفاقية ترسيم الحدود بين الجزائر والمغرب الموقعة في 15 جوان 1972، والتي تم تضمينها الخرائط الملحقة بهذه الاتفاقية وتم تسجيلها لدى الأمانة العامة للأمم المتحدةquot;.

وكان صراع مسلّح قد نشب بين المغرب والجزائر فى شهر أكتوبر عام 1963 يعرف باسم laquo;حرب الرمالraquo; بسبب الأراضي الواقعة على الحدود بين البلدين وخاصة في ولايتي تندوف وبشار، وقد توقفت المعارك عندما قامت منظمة الوحدة الأفريقية آنذاك بإرساء اتفاقية لوقف نهائي لإطلاق النار في 20 فبراير 1964.

استفزازات مُدانة

يشير جمال بن عبد السلام رئيس جبهة الجزائر الجديدة في تصريحه لـquot;إيلافquot; الى أنّ حزبه quot;يندد بشدة بهذه التصريحات اللامسؤولة من طرف بعض الأشقاء في المغربquot;.

دعا بن عبد السلام quot;الى التوقف عن مثل هذه الاستفزازات، التي لا تخدم العلاقات الأخوية بين البلدين، ولا تساهم نهائيًا في بناء الاتحاد المغاربي، الذي نتطلع اليه جميعًا كمغاربةquot;، على حدّ تعبيره.

أضاف: quot;نذكر هؤلاء الاخوة أن الدم الجزائري هو الذي سال في أراضي تندوف، وفي أراضي بشار، وشهداؤنا يعدون بالآلاف في هذه المناطق، وبالتالي عليهم أن يحترموا مشاعرنا، ويحترموا تضحياتنا، ويحترموا حقوقنا، ويحترموا أيضا المواثيق الدولية، خصوصًا قرار منظمة الاتحاد الأفريقي، التي ينص ميثاقها على ضرورة احترام الدول للحدود الموروثة عن الاستعمارquot;.

لا للأطماع التوسّعية

كما دعا بن عبد السلام الطرف المغربي الى quot;ضرورة الاعتراف بالحدود التاريخية وترسيمهاquot;، وبرأيه فإنّ quot; ترسيم الحدود يشكل مدخلاً أساسيًا لتطبيع العلاقات، ولفتح الحدود، ولبناء فضاء مغاربي حقيقيquot;.

واضاف quot;ندعو اخواننا في المغرب الى أن يتوقفوا عن الأطماع التوسعية في المنطقة، ونقول لهم اذا كنتم فعلاً تريدون استرجاع الاراضي المغربية المغتصبة، فعليكم بسبتة ومليلة، ونحن ندعمكم بكل ما اوتينا من جهد سياسي، واعلامي ودبلوماسي، لاسترجاع هذه الأراضي المغتصبة منذ نحو 500 سنةquot;.

وأشار الى أن quot;تلطيف العلاقات بين البلدين وفتح الحدود، يمر حتمًا عبر ترسيم الحدود بين البلدين، وايقاف تهريب المخدرات من المغرب باتجاه الجزائر بالأطنان، مع وقف تحريك الجماعات الارهابية، سواء في الجنوب الجزائري، أو في منطقة الساحلquot;.

في انتظار ردّ مغربي

بخصوص تقييمه للموقف الرسمي الجزائري تجاه هذه التصريحات، رحّب السياسي بن عبد السلام بتصريحات الحكومة الجزائرية الرسمية وتابع: quot;نحن ننتظر الآن ما يصدر عن الطرف الرسمي المغربي، وندعو حزب الاستقلال الذي عرفناه من خلال نشاطه التحرري الى مراجعة أفكاره، والتخلي عن هذه الفكرة نهائيًا، كما ندعو باقي الأحزاب في المغرب الى التنديد بمثل هذه التصريحاتquot;.

اما اذا كان هناك تواطؤ من السلطات المغربية في هذا الموضوع ــ يقول محدثنا ــ فإن quot;هذا يشكل سابقة خطيرة جدًا، وستكون لها تداعيات وخيمة على المنطقة، وعلى العلاقات الثنائية بين البلدين مستقبلاً، وهذا ما لا نريده ولا نسعى اليه نحن كطرف جزائريquot;.

لا وزن لها

من جانبه، يرى هشــام عبــود الكاتب الصحافي والنقيب السابق بدائرة الأمن والاستعلامات بالجيش الجزائري، أن هذه quot;التصريحات لا وزن ولا تأثير لها، لأنها صادرة عن مسؤول حزب لا نفوذ له في الوسط السياسي بالمملكة المغربية، وهو حزب غير فاعل في السلطةquot;.

ويشير عبود الى أن quot;مثل هذه التصريحات لن تؤثر على مستقبل العلاقات الجزائرية المغربية، وأنا استغرب تداول مثل هذا الخطاب.. ففي الوقت الذي تجد فيه كبرى الدول تتجه نحو التكتل والاندماج يخرج لنا (قـــزم) سياسي، ويتحدث عن أطماع مغربية في الجزائرquot;، على حدّ تعبيره.

لا يمثل الشعب المغربي

حسب عبود، كان من المفروض تجاهل تصريحات امين عام حزب الاستقلال المغربي، وعدم الرد عليها.

واستغرب اهتمام وزارة الخارجية بتلك التصريحات والرد الفوري عليها، يقول: quot; كان على وزارة الخارجية الا تنزل الى هذا المستوى، وترد على هذا الشخص، الذي لا يمثل أي طرف رسمي في المغرب كما أنه لا يمثل الشعب المغربي بأي حال من الأحوالquot;.

يضيف: quot; كان الأولى على أمين عام حزب الاستقلال أو غيره الحديث عن ضرورة فتح الحدود والغاء التأشيرة بين البلدين ليس بين الجزائر والمغرب فقط ، وانما جميع الدول المغاربيةquot;، فنحن نتمنّى أن يدخل المغربي صباحًا الى الجزائر من اجل الدراسة ويعود مساء الى المغرب والعكس صحيح، لا أن نتحدث عن اطماع مغربية في الجزائر أو أطماع جزائرية في المغربquot;.

وحدة ترابية

إلى ذلك، أصدر حزب جبهة التحرير الوطني (الحزب الحاكم في الجزائر) بيانًا حذر فيه من مثل هذه الأطروحات غير المسؤولة من بعض الجهات المغربية، وأكد الحزب على quot;الوحدة الترابية للجزائر التي دفع الشعب quot;ثمنها غاليًاquot; مشددًا على أن هذه الوحدة لن تكون موضع مساومة أو نقاش بأي حال من الأحوالquot;.

كما أوضح الحزب أن quot;محاولة بعض الأحزاب المغربية خلق فرقعات سياسية واعلامية بغرض تحقيق مكاسب داخلية لن يكون على حساب الجزائرquot;، مضيفًا بأن quot;أي محاولة لإيهام الرأي العام المغربي بإمكانية تحقيق مكاسب لا توجد إلا في خيال بعض المرضى و الواهمينquot;، حسب نصّ البيان.