غاز سارين بلا طعم ولا رائحة، يؤلب الجهاز العصبي ضد الانسان، فيقتله بين دقيقة و10 دقائق. ولهذا محرم استخدام هذا الغاز، ويعد استخدامه في سوريا خطًا أحمر دوليًا، لكن القصف العشوائي بالطيران الحربي يقتل كما السارين، أفلا خط أحمر عندها؟

يمتلك جيش النظام السوري مخزونًا كبيرًا من سلاح غاز quot;سارينquot; الكيمياوي. وعلى امتداد ما يربو على عامين، منذ اندلاع الانتفاضة السورية، يتابع العالم بوجل تطورات النزاع، تحسبًا لاطلاق هذا الغاز المميت. وأخيرًا، كشفت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما أن لديها معلومات تشير إلى تعرض سوريين لهذا الغاز السام، رغم أن ما حدث على وجه التحديد ليس معروفًا بصورة مؤكدة حتى الآن.
وأنتج غاز quot;سارينquot; أول مرة في المانيا النازية، واستخدمه صدام حسين لاحقًا ضد المدنيين الأكراد في شمال العراق. لكن ماذا يفعل غاز quot;سارينquot; لمن يتعرض له؟

فقدان السيطرة العصبية
تناول الخبير الصحي الاميركي جيمس هامبلين في مجلة اتلانتيك خواص هذا المركب الكيمياوي وتاريخه، موضحًا بتفاصيل طبية كيف يمكن أن يغير الغاز الجهاز العصبي البشري ليبدأ بالعمل ضد البشر.
ويتفرد غاز quot;سارينquot; بمفعوله القاتل، لكنه لا يتميز بآلية عمله عن اسلحة كيمياوية أخرى، بل هناك سموم ومبيدات تعمل بآلية مماثلة، تسمى مثبطات الكولين استراز cholinesterase inhibitors .
يقول هامبلين: quot;المعروف طبيًا أن اعصابنا تتواصل باطلاق مواد كيمياوية تُسمى ناقلات عصبية neurotransmitters، وهذه توجه الاشارات بين الأعصاب لكي تفعل ما تفعله عادة، ولكن بتواتر متغيرquot;.
وبعد أن يؤدي الناقل العصبي مهمته بإيصال رسالته، يظهر في العادة انزيم لتدميره. لكن أدوات عصبية تتدخل لقطع الطريق على هذه الانزيمات، فتعجز عن تدمير الناقل العصبي، فيبقى هذا ويستمر في إيصال رسالته. وإذا كانت هذه الرسالة تقول مثلا أن تطلق العين بعض الدمع لأنها جافة، فإن تكرار الرسالة يجعل العين تفرز دمعًا من دون أن تتمكن من السيطرة على العملية غير الإرادية.
يضيف: quot;يزداد الموقف ترديًا، ففي غضون ثوان من التعرض لغاز quot;سارينquot;، أو سائل quot;سارينquot; الذي يتبخر بسرعة، تفلت عضلاتنا الرخوة وإفرازاتنا من السيطرة، وتواصل الأعصاب في هذه المناطق إصدار تعليماتها إلى العضلات والافرازات بالعمل من دون توقف، ثم يسيل الأنف وتجف العين ويسيل لعاب الفم، ويبدأ الانسان بالتقيؤ، وتفرغ الامعاء والمثانة محتوياتها لا اراديًاquot;.
القصف العشوائي أسوأ
ولأن quot;سارينquot; غاز عديم الرائحة والطعم، فإن المصاب قد لا يعرف ماذا يحصل له. ينقبض الصدر ويغشى البصر، وإذا كان التعرض للغاز بقدر كاف، فإن الحالة يمكن أن تتطور إلى تشنجات وشلل ثم وفاة في غضون دقيقة إلى 10 دقائق.
وتفسر آثار quot;سارينquot; المريعة سبب موقف المجتمع الدولي الذي لا يهادن بشأن استخدام الأسلحة الكيمياوية، والخط الأحمر الذي رسمه أوباما ضد استخدامها.
فقد ظل تحريم الاسلحة الكيمياوية ساريًا طيلة عقود، ليشكل واحدًا من النجاحات النادرة في درء الحرب. ولأن الأدوات المستخدمة في الحرب الكيمياوية أنسب بكثير للاستخدام ضد أعداد كبيرة من المدنيين منها لهزم عدو مسلح، فانها شكل مختلف نوعيًا من أشكال الحرب.
لكن النزاع في سوريا أوقع عشرات آلاف القتلى في هجمات تستهدف المدنيين، باستخدام قذائف الهاون والغارات الجوية التي تقتل عشوائيًا. فهل القتل على هذا النطاق يعادل استخدام كمية صغيرة من غاز quot;سارينquot;، واستخدام كمية صغيرة منه هو كل ما تشترطه إدارة أوباما لعبور الخط الأحمر؟ أم انه اسوأ حتى من استخدام هذا الغاز؟ الأمر يعتمد على الطريقة التي يُرسم بها الخط الأحمر، بحسب صحيفة واشنطن بوست.