كشف تقرير نشر في لندن الأربعاء عن احتمال عقد جلسة استماع سرّية في قضية تعذيب عبد الحكيم الخويلدي بلحاج، المنشق الليبي السابق، والقائد العسكري لمنطقة طرابلس حاليًا.
نصر المجالي: كان بلحاج رفع شكوى قضائية ضد وزير الخارجية البريطاني (العمالي) السابق جاك سترو، وقالت صحيفة quot;الغارديانquot; اللندنية إنه قد يتم عقد جلسة استماع سرّية بخصوصها طبقًا للقوانين البريطانية الجديدة.
يذكر أن عبدالحكيم بلحاج ظهر في شكل بارز أمام العالم كقائد لعملية quot;فجر عروس البحرquot;، التي قادتها قوات الناتو، وفي موقعة باب العزيزية أثناء ثورة 17 فبراير/شباط.
وكان بلحاج، الذي اشتهر باسم quot;عبدالله الصادقquot; خلال الجهاد في أفغانستان، وزوجته قد اعتقلا من قبل عناصر تابعة لأجهزة المخابرات الأميركية في مطار بانكوك عام 2004 عندما كان يتزعم الجماعة الليبية الإسلامية المقاتلة، المناوئة لنظام القذافي، قبل أن يتم شحنهما بشكل مهين إلى أحد سجون القذافي.
تسريب معلومات
ويتهم بلحاج (47 عامًا) الوزير البريطاني السابق جاك سترو والسير مارك الين مدير وحدة مكافحة الإرهاب السابق في الاستخبارات البريطانية (إم آي 6)، إضافة إلى الحكومة البريطانية بشكل عام، بتسريب معلومات حول موقعه لمدير الاستخبارات الليبية السابق في نظام القذافي موسى كوسا.
وينتقد محامو القيادي الإسلامي الليبي، علاوة على حقوقيين بريطانيين، أداء الحكومة البريطانية وتعاملها مع الملف، معتبرين أن الحكومة حاولت التستر على أخطائها أمام البرلمان، وليس حماية مصالح استخباراتية مع جهات أجنبية، كما ادعت سابقًا لعدم الإفصاح عن معلومات في هذه القضية.
ونقلت الصحيفة عن محامي بلحاج وزوجته أن جلسة الاستماع سوف تشهد في الغالب نقاشًا حاميًا بين الجانبين حول وقائع القضية، وهو ما قد يدفع بالمحكمة إلى عقد جلسة سرّية للاستماع إلى أقوال الطرفين.
قبول تسوية مالية
يشير المحامون إلى أن المتهمين على استعداد لتسوية القضية، والتوصل إلى دفع تعويض مقابل إنهاء القضية. وكان القيادي الليبي أعلن في وقت سابق استعداده للقبول بتسوية مقابل الحصول على مليون إسترليني من كل متهم على سبيل التعويض، إضافة إلى اعتذار رسمي منهم، وإقرار بالذنب في حقه وحق أسرته وخصوصًا زوجته.
وأشارت وثائق ليبية رسمية، عثر عليها عقب سقوط نظام القذافي، إلى أن عملية اعتقاله تمّت بعد إخبار جاء من السلطات البريطانية.
يشار إلى أن هيئة الإذاعة البريطانية quot;بي بي سيquot; كانت نشرت في وقت سابق تقريرًا سرّيًا كشف عن معلومات تفيد بأن الحكومة البريطانية وافقت عام 2004 على تسليم نظام القذافي عبد الحكيم بلحاج، الذي يشغل حاليًا منصب قائد المجلس العسكري في طرابلس، والذي كان مشتبهًا فيه في قضايا تتعلق بالإرهاب.
وتلفت رسالة من المخابرات البريطانية إلى تسليم بلحاج إلى ليبيا، وتهنّئ الليبيين quot;بالوصول الآمنquot; لما قالت إنه quot;الشحنة الجويةquot;.
لندن تنفي
وقد نفت حكومات بريطانية متعاقبة الضلوع في الترحيل أو التعذيب. ولكن الخطاب يشير إلى ضلوع المخابرات البريطانية، وعلم وقتها أن التصريح بترحيله جاء من حكومة حزب العمال برئاسة توني بلير.
وكان عُثر على الخطاب الموجّه من سير مارك آلين أحد كبار قادة المخابرات البريطانية إلى موسى كوسا رئيس المخابرات الليبية في عهد نظام القذافي في حطام مكتب كوسا إثر هجوم من قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو).
دعوى ضد سترو
وقرر بلحاج إقامة دعوى قضائية بهذا المعنى ضد الحكومة البريطانية ووزير الخارجية السابق جاك سترو ومارك ألين، الذي كان يشغل موقع مدير شعبة مكافحة الإرهاب في جهاز المخابرات الخارجية البريطاني MI6.
لكن مؤيّدي بلحاج في جماعة Reprieve لحقوق الإنسان كشفوا في مارس/ آذار الماضي أنه كتب للجهات الثلاث عارضًا عليها التخلي عن دعواه مقابل تعويض رمزي واعتذار واعتراف بالمسؤولية.
جاء في الرسالة التي وجّهها بلحاج إلى رئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون وسترو وآلين quot;هذا عرض لتسوية الدعوى القضائية. زوجتي وأنا مستعدان لإنهاء دعوانا المقامة ضد الحكومة البريطانية والسيدين سترو وآلين مقابل تعويض رمزي يبلغ جنيهًا إسترلينيًا واحدًا من كل منهم وكذلك اعتذار رسمي واعتراف بالمسؤولية بما جرى لناquot;.
ونفى بلحاج في رسالته أن يكون التربح هو الدافع وراء الدعوى، وقال quot;أريد أن أنهي سوء الفهم هذا، فبينما عانينا أنا وزوجتي الكثير جراء اختطافنا واحتجازنا في ليبيا، أقمنا دعوانا في بريطانيا لإيماننا بعدالة القضاء البريطانيquot;.
يذكر أن عبدالحكيم بلحاج كان قضى سبع سنوات خلف قضبان السجن الانفرادي، منها ثلاث لم يسمح له فيها بالاستحمام، وواحدة لم ير فيها الشمس.
وكانت قيادات إسلامية توسّطت للإفراج عنه لدى العقيد الراحل معمّر القذافي، وعلى رأسهم الشيخ الدكتور علي الصلابي، أحد قيادات الإخوان المسلمين في ليبيا، والشيخ يوسف القرضاوي، وذلك بعد مراجعات فكرية أجروها معه.
وقد أفرج عنه مع 214 من سجناء بوسليم، في بادرة غير مسبوقة في تاريخ القذافي، وبعد الإفراج عنه، ألَّف كتاب quot;دراسات تصحيحية في مفاهيم الجهاد والحسبة والحكم على الناسquot;، ويقع في 414 صفحة، وفيه يؤسّس لمنهج إسلامي معتدل، ونال تزكية كبار العلماء، مثل الشيخ القرضاوي والشيخ الددو وأحمد الريسوني وآخرين.
التعليقات