مدريد: وسط ابتسامات جمدتها صيحات الاستهجان، اتخذ ولي العهد الاسباني الامير فيليب وزوجته ليتيسيا مقعدين لهما الخميس في مسرح ليسيو ببرشلونة لحضور اوبرا: فهذه الصورة مع صور غيرها تعكس النقاش الذي بدأ في اسبانيا حول مستقبل الملكية.
وفي هذا البلد الذي كان دائما دعمه للتاج متقلبا، تزايدت التساؤلات التي يطرحها قسم من الاسبان حول شرعية ملكيتهم، جراء تلاحق الفضائح التي تضاف الى الوضع الصحي المهتز للملك خوان كارلوس (75 عاما).
وقال كايبو لارا رئيس تحالف ايزكويردا اونيدا البيئي الشيوعي، quot;حان الوقت حتى نتحدث بجدية عن تنظيم استفتاء شعبي لنعرف هل نريد رئيس دولة الى الابد ام لاquot;.
وعلى وقع هتافات quot;غدا ستكون اسبانيا جمهوريةquot;، تظاهر الاف الاشخاص في مدريد في الذكرى الثانية والثمانين لاعلان الجمهورية الثانية في 14 نيسان/ابريل 1931، والتي اطاحتها قوات فرنشيسكو فرنكو خلال الحرب الاهلية (1936-1939).
واعلن فرمين بوزا استاذ العلوم الاجتماعية في جامعة كومبليتاس بمدريد ان التحقيق حول الفساد الذي يستهدف صهر الملك، ايناكي اوردانغارين، والرحلة الباهظة التكاليف لصيد الفيلة في بوتسوانا والتي صدمت البلاد في نيسان/ابريل 2012، والشكوك المحيطة بالارث الملكي، quot;تفجر نقاشا لم يكن في الواقع موجودا قبل سنوات، وهو النقاش الذي يتمحور حول الجمهوريةquot;.
وقال خوسيه انطونيو زارزاليخوس المدير السابق لصحيفة ايه بي سي المحافظة، ان الملكية التي تتلقى سهام التشكيك من ايزكويردا اونيدا ومن دعاة الاستقلال في كتالونيا وبلاد الباسك، تواجه هذا التشكيك ايضا من quot;اليمين المتشدد الذي يأخذ على الملك تحالفه الوثيق مع اليسارquot;.
وقد جسد خوان كارلوس الذي اختاره فرانكو لخلافته بعد الدكتاتورية (1939-1975)، افضل تجسيد انتقال اسبانيا الى الديموقراطية، فاستأثر بذلك بتعاطف البلاد. لكن الاصغر سنا لم يعرفوا هذه الصفحة التاريخية بعد عقد.
ويقول خوسيه فاريلا اورتيغا رئيس مؤسسة اورتيغا اي غاسيه انه خلافا لبلد مثل بريطانيا، quot;لا يوجد في اسبانيا شعور ملكيquot; راسخ تاريخيا.
واضاف هذا المؤرخ ان quot;اكثرية الاسبان ليسوا ملكيين او جمهوريين. وبطريقة واقعية يعتقدون ان ايا من وسيلتي الحكم هاتين يمكن ان تكون الافضلquot;.
وذكر فرمين بوزا بأن quot;اسبانيا عرفت كثيرا من الملكيات. لكنها لم تكن قريبة جدا من الشعب، لم تكن ملكيات طبيعيةquot;. فمنذ وصول اسرة بوربون الفرنسية في 1700 الى الحكم، دائما ما كان دعمها لملوك اسبانيا منقطع النظير، كما قال خوسيه انطونيو زارزاليخوس.
واضاف ان quot;فرديناند السابع كان ملكا مرغوبا فيه في 1808quot; بعد ابعاد جوزف بونابرت الذي فرضه على عرش اسبانيا شقيقه نابوليون. لكنه اوضح quot;انه انتهى ملكا خائناquot; الغى الدستور الليبرالي الصادر في 1812 وفرض نظاما استبداديا.
وطرح مثال الفونسو الثالث عشر، جد خوان كارلوس الذي خيب آمال البلاد باقدامه على دعم الدكتاتورية العسكرية لميغيل بريمو دو ريفيرا في 1923 quot;بعدماأمن التناوب بين الليبراليين والمحافظينquot; في اطار حكومة طوال سنوات.
وقال بوزا ان quot;انفجار الافكار الجمهورية في المدن كان آنذاك شيئا نراه آتياquot;، وذلك قبل سنوات من اعلان الجمهورية الثانية في 1931.
وحذر بالقول ان quot;ذلك يمكن ان يتكرر في اي لحظةquot;، لان quot;الجمهورية في اسبانيا دائما ما كانت ملتصقة بمطالب اجتماعيةquot;.
وتؤجج الجدال الدائر حول الملكية، عواقب الازمة الاقتصادية التي تغذي الريبة بالمؤسسات. حتى لو ان غياب كبرى الاحزاب السياسية عن هذا النقاش سيحول كما يقول الخبراء دون ان يؤدي الى نتيجة في الوقت الراهن.
واذا كان علم الجمهورية الثانية الاحمر والاصفر والبنفسجي يرفرف دائما في تظاهرات الاحتجاج على سياسة التقشف، يطالب آخرون بتنحي الملك لمصلحة الامير فيليب الذي يحظى في الخامسة والاربعين من عمره بشعبية مريحة على رغم كل شيء.