بعد مرور مئة يوم من عمر حكومة بنيامين نتنياهو الثالثة، تبدو إسرائيل مستمرة في قتل مبادرة حل القضية الفلسطينية من منطلق حل الدولتين، الفلسطينية والاسرائيلية، الذي يرفضه اليهود المتعصبون، وعلى رأسهم نتنياهو نفسه.


عمان: في نهاية الأسبوع المقبل، تنهي الحكومة الاسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو المئة يوم الاولى من عمرها، والتي أنجز خلالها نتنياهو أعمالًا سياسية عديدة، بحسب المراقبين، هدفت إلى ترسيخ جمود عملية السلام مع الفلسطينيين، وتدمير آفاق حل الدولتين. ورغم أن نتنياهو يدعو الرئيس الفلسطيني محمود عباس باستمرار إلى العودة لطاولة المفاوضات، إلا أنه يفرغ هذه الدعوات من مضمونها، من خلال تلويحه بضرورة اعتراف الفلسطينيين بيهودية إسرائيل من أجل التوصل إلى التسوية، ناهيك عن رفضه المطلق وقف التوسع الاستيطاني غير المسبوق. كما أنه يرفض تلبية مطلب فلسطيني بسيط بإطلاق سراح أسرى سُجنوا قبل التوقيع على اتفاقيات أوسلو، أي قبل أكثر من 20 عامًا.
ويبدو أن نتنياهو يسير على خطى والده الراحل، البروفسور بنتسيون نتنياهو، الذي كان أعلن مرارًا معارضته المطلقة لإقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، معتبرًا أن لا حق للفلسطينيين في كيان مستقل، وداعيًا الى تعليق الفلسطينيين على أعواد المشانق مثلما فعلت الإمبراطورية العثمانية برواد النهضة القومية العربية في مطلع القرن العشرين.

معارضة الدولة الفلسطينية
أعلن داني دانون، نائب وزير الدفاع الإسرائيلي ورئيس حركة الليكود العالمية وعضو الكنيست، أن حزبه يعارض قيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية. وقال دانون لإذاعة الجيش الإسرائيلي: quot;توجد تيارات داخل الحكومة تقول إنه إذا كانت هناك خطوات لإقامة دولة فلسطينية فإنها ستعارضها، وعلى ما يبدو أنه ليس لطيفًا سماع الحقيقة، لكنني أعتقد أنه إذا قامت دولة فلسطينية في الضفة الغربية فإن هذا سيىء لإسرائيلquot;.
وكان دانون قال سابقًا أن نتنياهو يواصل الدعوة إلى محادثات مع الفلسطينيين لأنه يعلم أن إسرائيل لن تصل إلى اتفاق معهم، موضحًا أنه إذا حدث تحرك في اتجاه الدفع نحو حل الدولتين، فإن قوى كثيرة داخل الحزب والحكومة ستكبح ذلك، رافضًا المطالب الدولية بوقف الاستيطان في القدس الشرقية.
ونفت مصادر مكتب نتنياهو تصريحات دانون، وقالت إنها لا تعكس موقف نتنياهو وحكومة إسرائيل، وإن رئيس الحكومة معنيّ باستئناف المفاوضات من دون شروط مسبقة.

ليس وهمًا
في المقابل، وخلال الاحتفال ببلوغ الرئيس الاسرائيلي شيمون بيريز التسعين من العمر، خاطب بيريز الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون قائلًا: quot;حل الدولتين ليس وهمًا، فقد عملت بحكمة من أجل هدم الأسوار بيننا وبين جيرانناquot;، في إشارة إلى توقيع اتفاقيات أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، وتوقيع اتفاقية السلام بين إسرائيل والأردن. وقال اللواء نيتسان ألون، قائد الجبهة الوسطى في الجيش الإسرائيلي، إن علامات على نفاد صبر الفلسطينيين في الضفة الغربية بدأت تظهر، مشيرًا إلى تزايد العنف المناهض لإسرائيل، مثل إلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة، محذرًا من فشل المحاولة الأميركية للتدخل خلال الاسابيع القادمة، وأثر ذلك على ارتفاع وتيرة المواجهات ميدانيًا مع الفلسطينيين.

ملكٌ لإسرائيل
نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون قوله إن مبادرة السلام العربية هي إملاء، وإن العرب يطلبون أن نتنازل عن الأراضي، quot;وبعد ذلك سيدرسون إقامة علاقات معنا، والفلسطينيون ما زالوا يرفضون الاعتراف بإسرائيل على أنها الدولة القومية للشعب اليهودي، ومن هنا لا يوجد حل فوري للصراع، ويجب العمل على تحسين الوضع الاقتصادي ودفع العملية السلمية من أسفل إلى أعلىquot;.
كما اعلن نفتالي بينيت، وزير الاقتصاد الإسرائيلي ورئيس حزب البيت اليهودي اليميني المتطرف، عن معارضته الشديدة لحل الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني من خلال قيام دولة فلسطينية، واعتبر أن هذا الحل وصل إلى طريق مسدود، quot;وحان الوقت للانتقال من مرحلة البحث عن حل للقضية الفلسطينية إلى مرحلة التعايش مع المشكلة، فأرض إسرائيل ملك لشعب إسرائيل منذ 3000 عامquot;.

مبادرة كسر الجمود
وقالت صحيفة هآرتس الثلاثاء إن رجال الأعمال الاسرائيليين التقوا نتنياهو قبل توجههم إلى منتدى دافوس الاقتصادي العالمي الذي عقد في الأردن الشهر الماضي، من أجل إطلاق مبادرة اقتصادية إسرائيلية - فلسطينية مشتركة، وطلبوا مباركته هذه المبادرة. ونقلت الصحيفة عنهم قلقهم من الجمود، ومن تطورات إقتصادية سلبية إذا لم يتم التقدم في حل الدولتين، وأكدوا أن مستقبل الازدهار الاقتصادي الإسرائيلي في خطر.
وحذر رجال الأعمال من منزلق خطر سيقود إسرائيل نحو دولة ثنائية القومية وغير يهودية أو غير ديمقراطية، وشددوا على أن الاستثمارات الأجنبية لن تأتي إلى دولة كهذه.
ووفقًا للصحيفة، حمّل نتنياهو الفلسطينيين مسؤولية الجمود وقال: quot;ما زالوا يضعون شروطًا مسبقة، وعجزت عن إحضار أبو مازن إلى طاولة المفاوضاتquot;.