أعلنت لجنة النزاهة العراقية أن المواطن العراقي يضطر إلى دفع 4 رشاوى في العام وأن نسبة كبيرة تجد أن الفساد في انتشار مستمر، إذ يرى 54% منهم أن الفساد أكثر انتشارًا اليوم مما كان عليه الحال قبل سنتين. وأوضحت ان هناك تباينا كبيرا بين المحافظات في مدى انتشار الرشاوى وقالت ان أعلى معدلات الرشوة تنتشر بين المواطنين الذين يتعاملون مع الشرطة وموظفي الضرائب و تسجيل الأراضي.
لندن: أطلقت لجنة النزاهة العراقية بدعم من الجهاز المركزي للإحصاء نتائج دراسة أجريت حول الفساد والنزاهة في القطاع العام العراقي. وتقدم هذه الدراسة الفريدة من نوعها أدلة جديدة تعمق الفهم لمدى انتشار الفساد وأنواعه التي تؤثرفي العراق، كما تركز على تجارب محددة مستقاة من الناس بدلاً من الاعتماد على تصورات عامة.
وتضمنت الدراسة مسحًا ضم 31 الفًا من موظفي الخدمة المدنية كما شملت مواضيع تتعلق بظروف العمل والرضى الوظيفي ونزاهة موظفي الخدمة المدنية في العراق وقضايا الرشوة والشفافية.
وأكدت النتائج التي توصلت إليها الدراسة التي اطلعت عليها quot;إيلافquot; أن أكثر من نصف مواطني العراق البالغ عددهم 34 مليون نسمة يرون أن الفساد في ازدياد مستمر كما أن المواطن العراقي يدفع حوالي 4 رشاوى في السنة، ما يجعل لهذه الدراسة أهمية خاصة.
وقالت جاكلين بادكوك، الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي والتي أشرفت على الدراسة quot;مازال الفساد يؤثر في حياة أغلبية العراقيين، لذا لا تسلط هذه الدراسة ضوءاً جديداً على هذه القضية فحسب، بل وتقدم أساسًا لاستجابة الحكومة العراقية ومنظمات الأمم المتحدة.quot; لعمليات مكافحة الفساد.
وتكشف الدراسة أنه على الرغم من اتخاذ خطوات إيجابية للحد من الفساد، إلا أنه قد زاد عدد حالات الفساد من 786 حالة فساد في عام 2004 إلى 12,520 حالة في 2011 تم الإبلاغ عنها، كما لا تزال عملية محاربة الفساد في القطاع العام العراقي تواجه تحديات جمة.
وتبين الدراسة أنه تم توظيف 35% من موظفي الخدمة المدنية دون الخضوع إلى عملية اختيار رسمية بحيث كان هناك العديد من الرشاوى ما أدى إلى زيادة عدم الرضى حول الكثير من الخدمات العامة في العراق.
كما أظهرت الدراسة أن 66.3% من موظفي الخدمة المدنية الذين تمت مقابلتهم لا يفضلون الإبلاغ عن الفساد، كما تم الإبلاغ عن حالات قليلة من حالات الرشوة إلى السلطات الرقابية الصحيحة، بما في ذلك اللجنة العراقية للنزاهة ومكتب المفتشين العامين الخاص بها.
وتعرض الدراسة في ابوابها الرئيسة (الرشوة والفساد والنزاهة) اسباب تفشي الرشوة وطبيعة التعامل بها واساليب الموظفين في ابتزاز المراجعين والفئات الاجتماعية الاكثر عرضة لهذه الممارسة والمواضع الاكثر شهرة بهذا المرض.
كما تشرح واقع النزاهة على المستويين الشخصي والمؤسسي ودور طبيعة توظيف الاشخاص ومستويات خبرتهم والقوانين الضامنة لحقوقهم في شيوع ثقافة النزاهة إلى جانب تدابير الشفافية وإجراءات ضبط الممارسات الفاسدة وتوسيع فرص التدريب وتوفير اجواء العمل المناسبة وضمان مستويات الاجور المناسبة وتضم الدراسة ملاحق عن واقع الكادر الوظيفي في العراق وبيانات عن الكادر الوظيفي للوزارات اعدت في ضوء الكشوف التي اعدتها مؤسسات الدولة.
وقد أجريت الدراسة بشراكة كل من مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة والجهاز المركزي للإحصاء وهيئة إحصاء إقليم كردستان ولجنة النزاهة في العراق.
نتائج رئيسة
ومن النتائج الرئيسة التي توصلت اليها الدراسة انه بشكل عام، يضطر العراقيون إلى دفع حوالى أربع رشاوى في السنة كما ان نسبة كبيرة من العراقيين تجد أن الفساد في انتشار مستمر، إذ يرى 54% منهم أن الفساد أكثر انتشاراً اليوم مما كان عليه الحال قبل سنتين. وهناك تباين كبير بين الأقاليم في العراق في مدى انتشار الرشاوى ففي بغداد: 29.3٪ والمحافظات الأخرى: 10.2٪، إقليم كردستان: 3.7٪.
ويضطر 45.8٪ من دافعي الرشاوى إلى اللجوء إلى الرشوة لتسريع الإجراءات الإدارية، ويضطر أكثر من الربع 26.6٪ إلى دفع رشاوى للحصول على معاملة أو خدمة أفضل. وتظهر الدراسة ان أعلى معدلات الرشوة تنتشر بين المواطنين الذين يتعاملون مع الشرطة وموظفي تسجيل الأراضي وموظفي الضرائب والعائدات.
ومن النتائج ايضا تعرض موظفي الخدمة المدنية في بغداد (5.2%) للرشوة أكثر من موظفي الخدمة المدنية في المحافظات الأخرى فيما يتعرض حوالى 60% من موظفي الخدمة المدنية للرشوة.. حيث قامت نسبة ضئيلة من بين أولئك الذين لجأوا إلى دفع رشاوى (4.5%) بالإبلاغ عن ذلك للسلطات المعنية كالشرطة والمدعين العامين ولجنة النزاهة.
وتؤكد الدراسة ان ثلثي موظفي الخدمة المدنية (66.3%) يخشون الإبلاغ عن حالات الفساد للوزارات التي يعملون بها. كما عبر حوالى ربع موظفي الخدمة المدنية (22.7%) عن رغبتهم في معرفة المزيد عن النزاهة وكيفية مكافحة الفساد في أماكن عملهم، ولكن 6.7% منهم فقط قاموا بحضور دورات تدريبية حول مواضيع من هذا القبيل.
وقد عقدت هيئة النزاهة والجهاز المركزي للاحصاء ندوة موسعة في بغداد أطلقا خلالها تقريرهما المشترك quot;الفساد وتحديات النزاهة في القطاع العام في العراقquot; حيث أشار رئيس المجلس المشترك لمكافحة الفساد علي العلاق إلى اهمية التقرير كثمرة من الاستنتاجات المهمة التي تعين الدولة والمؤسسات والاطراف الاخرى الساندة على مواجهة آفة الفساد والتصدي لظاهرة تعاطي الرشوة في مفاصل الدولة ودعا إلى استكمال هذا الجهد بخطوات لاحقة تتناول مشكلة الفساد وظاهرة الرشوة من خلال مستويات اخرى لها صلة بها او متضررة منها.
ووصف رئيس هيئة النزاهة القاضي علاء جواد حميد التقرير بانه توجه ايجابي لخلق قاعدة بيانات عريضة عن ظاهرة الفساد وقال إن مصادره الرئيسة كانت التقارير السنوية لهيئة النزاهة ومسح شبكة معرفة العراق ومسح نزاهة موظفي الخدمة المدنية والاحصاءات والبيانات المتعلقة بإقليم كردستان والتي يمتاز جميعها بسعة العينات وشمولها لعموم البلاد واعتمادها السياق العلمي في الاحصاء والتحليل.
وأوضح ان الوصول إلى نتائج علمية يمكن الركون اليها يتطلب تأشير الفترة الزمنية التي غطتها الدراسة كي تكون تقويماً لتلك المرحلة السابقة لعام 2012 وقال إن الدراسة تتطلب دراسة اخرى مماثلة لها لتقويم بيئة العمل ونزاهة الوظيفة العامة في العراق للفترة التي تلتها مباشرة لغرض توفير شروط ومتطلبات المقارنة وتأشير ما تحقق من معالجات.
الفساد اكبر التحديات العراقية إلى جانب الأمن
وتأتي هذه الدراسة بعد ثلاثة اشهر من اصدار منظمة الشفافية الدولية التي تعنى بمكافحة الفساد في العالمتقريرها السنوي لمؤشر مدركات الفساد لعام 2012 حيث تضمن الجدول المرفق به 176 دولة كان ترتيب العراق فيه 169.
وانتقدت المنظمة في الرابع من اذار مارس الماضي quot;عدم حصول أي تقدمquot; في توفير الخدمات الأساسية للمواطن العراقي على الرغم من مرور عشر سنوات على الغزو الأميركي للبلاد وأكدت أن هذه هي quot;الحقيقة المأسوية لدولة هشة بمؤسسات عرجاء لا تتمكن من توفير أبسط الخدمات الأساس لمواطنيها فضلاً عن استشراء الفساد في مفاصلهاquot;.
وتعد ظاهرة الفساد التحدي الأكبر إلى جانب الأمن الذي تواجهه الحكومات العراقية منذ الحرب الأميركية على العراق عام 2003 حيث بلغت مستويات الفساد في العراق حداً أدى بمنظمات دولية متخصصة إلى وضعه من بين البلدان الأكثر فساداً في العالم إذ حل العراق في العام 2012 المنصرم في المرتبة الثامنة من حيث مستوى الفساد فيه.
وكانت هيئة النزاهة العراقية اعلنت منتصف نيسان (ابريل) الماضي أن مبالغ الفساد المالي في البلاد بلغت العام الماضي 120 مليون دولار، فيما تم تهريب مليار دولار إلى الخارج، وقالت إن عدد المحكومين بتهم فساد هم 6 وزراء و26 مديرًا عامًا. وأوضحت أن عدد مزوري الشهادات الدراسية بلغ 101 مرشح لانتخابات مجلس النواب و349 لمجالس المحافظات، وقالت إن 112 نائباً من ضمنهم الجعفري وعلاوي والمطلك لم يكشفوا حتى الآن عن ذممهم المالية.
وقالت هيئة النزاهة العراقية في تقرير لها عن مستوى الفساد في العراق للعام الماضي 2012 إنها نظرت في 33 الفاً و351 دعوى فساد صدرت وفقها أوامر قبض واستقدام إلى 2667 امرًا منها 9 بحق 9 وزراء أو من بدرجتهم و199 أمرًا بحق 61 مديرًا عاماً أو من بدرجتهم أو اعلى منهم.. وأصدرت 845 امر قبض بقضايا تزوير و367 امرًا بقضايا فساد تم منها انجاز 2024 أمر قبض واستدعاء بنسبة 76 في المئة من اوامر القبض.
وأضافت الهيئة في تقريرها السنوي الذي اطلعت quot;إيلافquot; على نصه أنها احالت العام الماضي 5980 متهمًا على المحاكم عن 4278 دعوى فساد منها ضد 12 وزيراً أو من بدرجتهم و979 مديرًا عامًا فاعلى أو من بدرجتهم بينهم 7 مرشحين لانتخابات مجلس النواب لعام 2010 و119 لانتخابات مجالس المحافظات، حيث بلغت قضايا الفساد فيها 120 مليون دولار.
اما عدد الذين تمت محاكمتهم فقد بلغ 2854 متهمًا افرج عن 1145 منهم وحكم بالادانة والعقوبة على 1709 متهمين أي بنسبة 60 في المئة من مجموع عدد المتهمين. وقالت إن عدد المحكومين هم 6 وزراء أو من بدرجتهم أو اعلى منهم صدرت بحقهم 10 احكام قضائية بالادانة و26 مديرًا عامًا أو من اعلى منهم أو بدرجتهم، حيث صدر بحقهم 32 حكمًا قضائيًا بالادانة صدر بحقهم 32 حكمًا قضائيًا بالادانة وبين المحكومين 9 مرشحين لمجلس النواب و17 لمجالس المحافظات تنوعت جرائمهم بين الرشوة والاختلاس والاضرار بالمال العام والتزوير.
وأشارت الهيئة في تقريرها إلى أنّ أكثر من 565 مسؤولاً حكوميًا ممن قدموا كشوفاتهم المالية قد أدلوا بمعلومات خاطئة عن ذممهم المالية، حيث قدموا معلومات غير مطابقة لاستمارة كشف الذمم المالية للعام الماضي.
وأوضحت أن من بين هؤلاء خمسة قضاة و28 عضو مجلس نواب وعشرة وزراء و30 وكيل وزير ومستشارًا، إضافة إلى ستة مفتشين عموميين و87 من أعضاء مجالس المحافظات وإداراتها أدلوا بمعلومات لا تتطابق واستمارة الذمم المالية. وقالت إن 97 مديراً عامًا و176 ما بين معاون مدير عام ومدير قسم ومسؤول شعبة، إضافة إلى 66 أستاذاً جامعياً وكذلك 25 سفيراً و35 ضابطاً قدموا معلومات خاطئة عن ذممهم المالية للعام الماضي.
التعليقات