شددت السلطات السعودية من إجراءاتها على الحدود لمنع عمليات تسلل المهاجرين غير الشرعيين والذين يزاحمون السعوديين في فرص العمل، وتنتشر الدوريات على طول الحدود مع اليمن لمنع المهاجرين من العبور فيما يريد العاهل السعودي تخفيض نسبة البطالة في بلده لأدنى حد ممكن.

من برج حجري جديد يطل على اليمن تسيِّر القوات السعودية دوريات للبحث عن مهاجرين غير شرعيين تستدرجهم فرص العمل في المملكة العربية السعودية بوصفها أكبر الاقتصادات العربية. وشهد العام الماضي بناء العشرات من ابراج المراقبة على امتداد 1760 كلم في منطقة جازان المتاخمة لليمن جنوبي المملكة. وأُنشئ بعض هذه الأبراج على هضاب وبعضها الآخر على بعد امتار من الأراضي التي يرعى فيها اليمنيون ماعزهم بحثا عن العشب بين الرمال.
وقال اللواء مليدان بن حمد بن مليدان المسؤول عن حماية شريط حدودي طوله نحو 84 كلم ان دورياته تلقي القبض على نحو 70 شخصا من اليمن واثيوبيا والصومال وبنغلاديش يحاولون التسلل الى المملكة كل يوم.
ولكن الذين يفلحون في العبور اكثر بكثير مشكلين دفقا متواصلا من الأيدي العاملة الرخيصة التي تزاحم بعض السعوديين على فرص العمل. وتبين الأرقام ان السعوديين لا يمثلون إلا 43 في المئة من عمال السعودية البالغ عددهم 10.6 مليون عامل منهم 6 ملايين أجنبي يعملون في بناء انابيب لنقل النفط وتصليح السيارات وتعبئة بضائع المتسوقين. وقالت شركة quot;إي أف جي هيرمسquot; القابضة نقلا عن ارقام رسمية ان عدد المقيمين في السعودية بصورة غير قانونية قد يشكلون 30 في المئة من القوى العاملة.
وكان العاهل السعودي الملك عبد الله وضع تخفيض البطالة بين المواطنين السعوديين التي تبلغ نسبتها اليوم 12 في المئة ، على رأس اولوياته منذ عام 2011 عندما أعلن خطة رُصد لها 130 مليار دولار لتوسيع حجم القوى العاملة في مؤسسات الدولة وزيادة الرواتب. وقرر الملك عبد الله تخصيص 500 مليون دولار اضافية لبرنامج واسع في مجال الأشغال العامة بهدف إيجاد فرص عمل من خلال بناء مطارات وخطوط سكك جديدة وتوظيف سعوديين فيها.
ويُراد بالاجراءات الأمنية المشددة على الحدود التوثق من تشغيل سعوديين في هذه الوظائف وليس عمالا بلا وثائق اصولية. كما تلاحق الدوريات مهربي المخدرات والمسلحين الذين يحاولون التسلل عبر الحدود لا سيما وان الأراضي السعودية تعرضت في السابق الى انتهاكات عبر الحدود اليمنية وان القوات السعودية قاتلت المتمردين الحوثيين طيلة أشهر في عام 2009 حين تجاوزوا على أراض داخل المملكة. وحاول مسلحو تنظيم القاعدة الذين ينطلقون من اليمن اغتيال الأمير محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية في جدة عام 2009. كما استهدف تنظيم القاعدة منشآت نفطية سعودية. ونقلت مجلة بلومبرغ بيزنز ويك الاقتصادية عن ثيودور كاراسيك مدير الأبحاث في معهد الشرق الأدنى والخليج للتحليلات العسكرية في دبي قوله quot;ان السعوديين يرون المنطقة المحيطة بهم في غليان سياسي وهم يعملون على تحصين وطنهمquot;.
واضاف ان السعوديين quot;يتخذون هذه الاجراءات لحماية المملكة من التأثيرات الخارجية ، سواء أكانت بشرية أو مواد محظورةquot;.
وتمتد منطقة جازان بمحاذاة البحر الأحمر من جهة وعبر أراض صحراوية وجبال وعرة من الجهة الأخرى. وتنصب الجهات السعودية المختصة كاميرات ترصد الحركة ومنظومات تعمل بالأشعة تحت الحمراء وأجهزة تعقب تستخدم النظام العالمي لتحديد المواقع. وقال اللواء مليدان متحدثا من مقر قيادة حرس الحدود في محافظة العارضة ان حراسة المنطقة مهمة شاقة جدا مشيرا الى quot;ان منطقة الحدود منطقة جبلية وستكون المهمة أسهل عندما ننصب المنظومة الجديدةquot;.
وأبلغت دوريات جازان الحدودية في الأشهر الستة الأولى من السنة الهجرية عن القاء القبض على 2930 شخصا كانوا يهربون الحشيش أو القات أو الخمور الى العربية السعودية. كما صادر حرس الحدود 4025 قطعة سلاح بينها مدافع رشاشة. وضُبط في الفترة نفسها 126 الف شخص كانوا يحاولون التسلل الى المملكة بحثا عن فرص عمل ، كما أكد العميد عبد الله بن محفوظ المتحدث باسم حرس الحدود في منطقة جازان. ومن بين المتسللين الذين أُلقي القبض عليهم محمد تشانسل وهو شاب من بنغلاديش في السادسة والعشرين من العمر. وبعد ان وصل تشانسل الى العاصمة اليمنية صنعاء جوا قبل ستة اشهر بتأشيرة سياحية وعمل بصورة غير قانونية مقابل 120 دولارا في الشهر قال انه دفع نحو 3000 ريال أو ما يعادل 800 دولار الى احد المهربين لأخذه عبر الحدود الى العربية السعودية. واضاف تشانسل انه كان يريد العثور على عمل أفضل في العربية السعودية ولكن المآل انتهى به في مركز لحجز المتسللين بانتظار تسفيره.
وتبلغ نسبة البطالة بين السعوديين في سن 20 الى 30 عاما نحو 25 في المئة ، بحسب مجلة بلومبرغ بيزنز ويك. لذا تريد الحكومة إفهام أجانب مثل تشانسل القادم من بنغلاديش ان من الأفضل ان يبقوا في بلدانهم. وأكد العميد بن محفوظ ان العربية السعودية quot;ستُغلق بوجه المتسللينquot; في غضون اربع سنوات حين تُستكمل الاجراءات الأمنية الجديدة على الحدود.