أطلقت صفحات جديدة على موقع التواصل الاجتماعي quot;فايسبوكquot; تدعو الى اسقاط الأحزاب والميليشيات المسلحة في ليبيا، وسط مخاوف سيطرت على الحزبين المهيمنين على المؤتمر الوطني العام من انتقال عدوى التمرد من مصر الى ليبيا.



طرابلس: مع انطلاق دعوات في ليبيا إلى quot;التمردquot; على غرار هذه الحركة التي تحمل الاسم نفسه في مصر التي ساهمت في الاطاحة بالرئيس محمد مرسي، تخوف الحزبان الرئيسيان في ليبيا اللذان يهيمنان على المؤتمر الوطني العام من انتقال عدوى التمرد من مصر إلى ليبيا وباشرا التحرك لكي لا يكونا هدفاً للمحتجين الليبيين.
وتم إطلاق صفحات جديدة على فيسبوك مثل quot;حركة الرفضquot; الليبية التي كانت جمعت تسعة آلاف عضو حتى الاحد، وquot;حركة تمرد ليبيا الجديدة لاسقاط الاحزابquot; (اكثر من خمسة آلاف عضو)، وهي تطالب بحل الاحزاب والميليشيات المسلحة.
ومن الواضح أنها تقتفي اثر حركة تمرد المصرية التي دعت في الثلاثين من حزيران (يونيو) الماضي إلى النزول إلى الشارع احتجاجًا على سياسة الرئيس مرسي، ما دفع الجيش إلى الاطاحة به.

نزاع بين حزبين متنافسين
ويعتبر هؤلاء الناشطون أن النزاع على السلطة بين الحزبين المتنافسين quot;تحالف القوى الوطنيةquot; الليبرالي، وquot;حزب العدالة والبناءquot; الذراع السياسية لجماعة الاخوان المسلمين، ادى إلى شل اعمال المؤتمر الوطني العام وتأخير صياغة الدستور.
ويتبادل هذان الحزبان التهم باللجوء إلى الميليشيات لتعزيز موقع كل منهما في السلطة.
وكان الليبيون انتخبوا في السابع من تموز (يوليو) 2012 اعضاء المؤتمر الوطني العام الذي بات السلطة العليا في البلاد ومن مهامه إجراء انتخابات عامة خلال 18 شهرًا بعد الانتهاء من صياغة دستور جديد للبلاد لمرحلة ما بعد القذافي.

تحالف القوى الوطنية
وحل تحالف القوى الوطنية في المرتبة الاولى خلال هذه الانتخابات جامعًا 39 مقعداً من اصل 200 الا أنه فشل في تسلم مراكز اساسية في السلطة. واعلن الخميس أنه يعلق جزئيًا مشاركته في المؤتمر الوطني العام.
وتحالف القوى الوطنية تكتل سياسي يميل إلى الفكر الليبرالي تأسس في فبراير 2012 من مجموعة من الأحزاب والمنظمات والجمعيات المدنية غير الحكومية والشخصيات المستقلة وصوت له غالبية الناخبين في ليبيا ليحصد غالبية المقاعد المخصصة للأحزاب السياسية في الانتخابات العامة للمؤتمر الوطني العام.
وندد الليبراليون في تحالف القوى الوطنية باقرار قانون العزل السياسي الذي طاول المتعاونين السابقين مع نظام القذافي، واعتبروا أن التصويت عليه تم تحت تهديد الميليشيات الاسلامية المسلحة وأن الهدف منه كان اقصاء زعيمهم محمود جبريل الذي تسلم مسؤوليات خلال حكم القذافي.
واعتبر رئيس كتلة تحالف القوى الوطنية في المؤتمر توفيق الشهيبي أن تعليق المشاركة هو خطوة الهدف منها quot;بداية لتصحيح المسارquot;، مشترطًا quot;لاستئناف أعمال كتلته في المؤتمر استحداث خارطة طريق لإنهاء عمل المؤتمرquot;.
وأضاف الشهيبي في تصريح لوكالة فرانس برس أن quot;المؤتمر الوطني العام أضاع الوقت في مناقشة قضايا ثانوية وانصرف عن أهدافه الرئيسةquot;، لافتًا إلى أن هذه الخطوة تعد quot;مصارحة للناخب الذي اختار التحالف ليمثله في المؤتمرquot;.
خطوات اصلاحية
وفي خطوة مماثلة أعلن حزب العدالة والبناء عن استقلال أعضاء كتلتيه النيابية والحكومية في المؤتمر الوطني العام و الحكومة الموقتة، مؤكدًا في بيان تلقت فرانس برس نسخة منه quot;استمرار أعضائه في العمل بالمؤتمر باستقلالية تامة وبمنأى عن سياسات الحزب وبرنامجهquot;.
وحزب العدالة والبناء حزب سياسي دعت إلى تكوينه جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا مع شركائها من خارج الجماعة المتوافقين معها في الآراء والتوجهات، وجاء ثانيًا بعد تحالف القوى الوطنية في نيله لمقاعد الأحزاب السياسية في المؤتمر (البرلمان) المكون من 200 عضو.
وقال الحزب في بيانه إن مشاركته في الحكومة من خلال بعض الوزراء quot;متروكة لرئيس الحكومة إن أراد التعامل معهم مستقلين quot;تكنوقراطquot; وفق ما يحقق الصالح العامquot;.
وتابع أن هذا القرار يأتي quot;حفاظاً على تماسك المؤتمر ونجاحه في أداء دوره كاملاًquot;، وأنه يأتي كذلك لـquot; تعزيز الاستقرارquot;.
وفي هذا السياق، قال رئيس حزب العدالة والبناء محمد صوان لفرانس برس إن الغرض من المبادرة يأتي في إطار quot;نزع احتقان الشارعquot; الذي يرى بحسب تعبيره أن quot;الأحزاب سبب تخبط الأوضاع في ليبياquot;.
وفي اطار تكاثر الدعوات إلى التغيير، اجتمع ممثلو عشرات القبائل السبت في الزنتان الواقعة على بعد 180 كلم جنوب طرابلس واعتبروا في بيان ختامي اصدروه أن quot;هدف الملتقى هو التفكير بصوت وطني مجرد من أية حسابات حزبية أو قبلية في آليات وطرق تساعد في تصحيح مسار المرحلة الانتقالية و تسريع عملية بناء الدستور والقانون والعدل والمواطنةquot;.
وطالب الملتقى بـquot;تجميد عمل المؤتمر الوطني العام والحكومة الموقتة وإيجاد حكومة مصغرة متكونة من خمسة وزراء لإدارة الأزمة والعودة بليبيا لدستور الاستقلال عام 1951 مع تعديل طفيف في شكل حكم الدولة، مع التعجيل بإجراء المصالحة الوطنية الشاملةquot;.
لكن مفتي الديار الليبية الشيخ الصادق الغرياني دعا إلى quot;التمسك بشرعية المؤتمر الوطني العام والالتفاف حولهquot;.
وانتقد الدعوات إلى الاقتداء بما حصل في مصر معتبرًا في بيان حصلت فرانس برس عليه أن quot; quot;فلول النظام في مصر لبسوا لباس المعارضة، يمنون الفقراء البسطاء الباحثين عن لقمة العيش بالرفاهية والنعيم الدائمِ، ويوهمونهم أن الحكومةَ القائمة هي سبب فقرهم، وكأنهم ما أن يسقطوها حتى يختفي الفقر من حياتهمquot;.
وتابع quot;في ليبيا، التحريض له وجه آخر، يعتمد على القَبلية والجهوية والتحالفات، وأموال تُضَخ من أعوان النظامِ السابقِ، ومصالح متقاطعة مع من شملهم العزل السياسي، حوّل أحلامهم في استرداد نفوذهم إلى سراب، وإعلام جاهز للدور، مع انتشار السلاح والمتاجرة فيهquot;.
وتشكل المؤتمر الوطني العام بعد أول انتخابات حرة تشهدها ليبيا منذ نحو 50 عامًا ومدته 18 شهرًا ليقود البلاد إلى الانتخابات بمجرد تحديده شكل النظام السياسي الجديد للبلاد، ومن المرجح أن يمدد المؤتمر ولايته نظرًا لأن البلاد ما زالت بعيدة عن إجراء انتخابات.