تبدأ في ليبيا منتصف آب (أغسطس) المقبل موجة كبرى من المحاكمات لأركان نظام العقيد الراحل معمر القذافي بتهم كثيرة من بينها القتل والاغتصاب ونهب الأموال، وفي إطار ذلك سيمثل سيف الإسلام القذافي في مقدمة هؤلاء أمام المحكمة.


عمّان: أصدرت محكمة ليبية الثلاثاء أول حكم ببراءة اثنين من المسؤولين مقربين من القذافي الذي أطيح به وقتل في انتفاضة عام 2011. وتبدأ في ليبيا منتصف آب (اغسطس) المقبل محاكمات أركان النظام السابق.

وجاء في الإعلان أن القضية المرفوعة على نجل الزعيم الليبي السابق العقيد معمر القذافي سيف الإسلام، وعلى غيره من أعضاء النظام السابق البارزين، ستتضمن اتهامات بتشكيل عصابات إجرامية، والتحريض على الاغتصاب، والاحتجاز غير القانوني للأفراد.

وقال رئيس الوزراء الليبي، علي زيدان، إن محاكمة رموز النظام السابق، ومن بينهم سيف الإسلام القذافي، هو أمر سيادي، رغم مطالبة المحكمة الجنائية الدولية لطرابلس بتسليمها سيف الإسلام وعبد الله السنوسي رئيس الاستخبارات في عهد معمر القذافي.

وشدد زيدان في مقابلة مع بي بي سي على أن نجل الزعيم الليبي السابق معمر القذافي واعضاء النظام السابق سيلقون محاكمة عادلة.

ويحرص الحكام الجدد في ليبيا على محاكمة افراد عائلة القذافي والموالين له لوضع نهاية لدكتاتوريته التي استمرت 42 عامًا لكن ناشطي حقوق الانسان يشعرون بالقلق من ان وجود حكومة مركزية ضعيفة وسيادة قانون مهتزة يعني ان الاجراءات القانونية لن تفي بالمعايير الدولية.

ويحتجز سيف الإسلام حاليا في مدينة الزنتان الواقعة في غرب ليبيا بعد أن قبض عليه بعض رجال الميليشيات في نهاية 2011. وكان سيف الإسلام يعد أكثر من يحتمل توليه السلطة خلفا للعقيد القذافي قبل اندلاع الانتفاضة التي أدت إلى الإطاحة بوالده قبل عامين.

وقد ظهر سيف الإسلام في كانون الثاني (يناير) في محكمة بالزنتان في قضية أخرى منفصلة يتهم فيها بالاتجار بمعلومات تهدد الأمن القومي الليبي. ثم أجلت المحاكمة بعد تلك الجلسة.

مطالب الجنائية الدولية

وقد قاومت ليبيا طلبات المحكمة الجنائية الدولية لترحيل سيف الإسلام لمحاكمته في لاهاي. وتريد المحكمة الدولية محاكمته لارتكابه جرائم حرب، لكن طرابلس تصر على محاكمته داخل ليبيا، حيث يمكن أن يعاقب بالإعدام.

ومن بين الشخصيات الأخرى التي من المتوقع مثولها للمحاكمة أيضا في آب (أغسطس) رئيس استخبارات العقيد القذافي عبدالله السنوسي، ورئيس الوزراء السابق البغدادي المحمودي.

وكانت المحكمة الجنائية الدولية في خطوة لحسم خلافاتها وتوتراتها المستمرة مع الدولة الليبية لمرحلة ما بعد القذافي، حول محاكمة مسؤولين كبار من بينهم سيف الإسلام نجل العقيد الراحل ورئيس استخباراته القوي، اجازت الاسبوع الماضي لليبيا ابقاء الرئيس السابق للاستخبارات الليبية، عبد الله السنوسي، على اراضيها إلى حين صدور قرار بشأن النزاع بين الطرفين حول احقية محاكمة المسؤول السابق المشتبه في ارتكابه جرائم ضد الإنسانية.

تبرئة العبيدي والزوي

وإلى ذلك، برأت محكمة ساحة اثنين من كبار المسؤولين في عهد الدكتاتور الليبي الراحل معمر القذافي يوم الاثنين في اتهامات باهدار المال العام لكنهما بقيا في السجن في اطار تحقيق أكبر يشمل رئيس جهاز المخابرات وأحد ابناء القذافي.

وكان عبد العاطي العبيدي وزير الخارجية الأسبق ومحمد أبو القاسم الزوي أمين مؤتمر الشعب العام (البرلمان) سابقا في ليبيا قد اتهما بإهدار المال العام بتسهيل دفع تعويضات بلغت 2.7 مليار دولار لأسر ضحايا تفجير لوكربي عام 1988.

وقال القاضي دون ان يخوض في تفاصيل إن المحكمة برأت ساحة المتهمين من كل الاتهامات التي نسبت اليهما. ووقف العبيدي والزوي صامتين في قفص الاتهام أثناء تلاوة الحكم ببراءتهما بينما هتف أقاربهما مكبرين.

لكن الصادق السور وهو مسؤول في مكتب المدعي العام الليبي قال في مؤتمر صحافي في وقت لاحق إن العبيدي والزوي سيظلان محبوسين على ذمة تحقيقات جارية في جرائم اخرى اتهم فيها مسؤولون آخرون في نظام القذافي.

وقال ان هذه قضية جانبية وانهما سيعتقلان في تحقيق يتعلق بقضية أكبر مشيرا الى تحقيق في جرائم حرب وانتهاكات مزعومة اخرى من جانب مسؤولين بينهم سيف الاسلام ابن القذافي ورئيس المخابرات عبد الله السنوسي.

محاكمات كبيرة

وقال السور إن المحاكمة التي تضم سيف الاسلام والسنوسي وآخرين ستبدأ في النصف الاول من اغسطس اب. وأضاف انها ستكون محاكمة كبيرة تجمع كل المتهمين معا وان محاكمتهم منفردين ستضعف القضية.

وكان الرجلان اعتقلا قبل سنتين وبدأت محاكمتهما في سبتمبر أيلول. ووجه اليهما الاتهام بالترتيب لدفع تعويضات لاسر الضحايا الذين قتلوا في تفجير لوكربي لمحاولة حملهم على اسقاط الدعاوى المرفوعة ضد ليبيا.

وكان 270 شخصا لاقوا حتفهم في تفجير طائرة ركاب أميركية فوق بلدة لوكربي في اسكتلندا عام 1988، وأدين الليبي عبد الباسط المقرحي بتفجير الطائرة رغم إصراره على نفي أي صلة له بالواقعة. وأفرج عن المقرحي عام 2009 لأسباب صحية ثم توفي العام الماضي بعد صراع مع مرض السرطان.

ودفعت ليبيا معظم التعويضات مشترطة إلغاء عقوبات الأمم المتحدة والعقوبات التجارية الأميركية التي كانت مفروضة عليها.

وفي الأخير، قالت حنان صلاح الباحثة في شؤون ليبيا في منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بحقوق الانسان quot;لكي تتقدم ليبيا في سعيها لفرض سيادة القانون يتعين محاسبة المسؤولين عن جرائم الماضي ومعاقبتهم. وبينما تبدو عجلة العدالة تتحرك فانها تدور ببطء وقضايا العبيدي والزوي تظهر ذلكquot;.