عزز حزب الله احتياطاته الأمنية في الضاحية الجنوبية بعد الانفجار الذي ضرب منطقة الرويس وأودى بحياة 27 شخصاً،وبدأ الحزب ورشة تنظيف وإصلاح للمباني التي تضررت في المكان.
بيروت: تحولت الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله، منذ الانفجار الذي هزّها قبل ايام الى قلعة امنية شدد فيها حزب الله تدابيره عبر اقامة حواجز تفتش السيارات وتدقق في الهويات، بموازاة ورشة تنظيف واصلاح يشرف عليها الحزب النافذ في مكان التفجير.
في ظل التدابير الجديدة، تتقدم السيارات في صفوف طويلة عند مداخل الضاحية وصولا الى الحواجز التي يقف عليها مدنيون او رجال ببزة علقت عليها عبارة quot;اتحاد بلديات الضاحية الجنوبيةquot;، علما ان بلديات المنطقة كافة يسيطر عليها الحزب الشيعي القوي.
الرجال غير مسلحين، يفتشون السيارات، يوقفون الدراجات النارية ويدققون في هويات سائقيها... ما تسبب بزحمة سير خانقة في الشوارع.
ويقول احد عناصر حزب الله رافضا الكشف عن اسمه لوكالة فرانس برس quot;العيون مفتوحة جيدا. والناس يطمئنون لدى رؤيتناquot;.
ويدين اهالي الضاحية الجنوبية المكتظة بالسكان بغالبيتهم بالولاء لحزب الله الذي يملك شبكة واسعة من المدارس والمؤسسات الاجتماعية والاقتصادية والطبية والخدمات التي يفيد منها انصاره، الى جانب ترسانة ضخمة من الاسلحة يطالب خصومه بوضعها تحت تصرف الجيش اللبناني، بينما يتمسك الحزب بها بحجة مقاومة اسرائيل.
ويقول الخصوم ان الحزب المدعوم من ايران والمتحالف مع النظام السوري، يضغط بواسطة سلاحه لفرض ارادته على الحياة السياسية اللبنانية، وانه يقيم quot;دولة ضمن الدولةquot;.
واوقع انفجار سيارة مفخخة في 15 آب/اغسطس في منطقة الرويس في الضاحية الجنوبية 27 قتيلا، وجاء بعد شهر تقريبا من انفجار آخر في منطقة بئر العبد القريبة تسبب باصابة خمسين شخصا بجروح.
وادرج الانفجاران في اطار استهداف الحزب الذي يتعرض لانتقادات وتهديدات واسعة منذ الكشف قبل اشهر عن مشاركته في القتال الى جانب قوات نظام الرئيس بشار الاسد في سوريا.
وتبنت الانفجار الاخير الذي حصد اكبر عدد من القتلى منذ انتهاء الحرب الاهلية في لبنان (1975-1990) مجموعة غير معروفة تطلق على نفسها اسم quot;سرية عائشة ام المؤمنينquot;، مشيرة الى ان العملية رد على تدخل حزب الله العسكري في سوريا. واتهم الامين العام لحزب الله حسن نصرالله من جهته quot;تكفيريينquot; بالتفجير.
في مكان الانفجار، اشرطة صفراء وعوائق معدنية تمنع دخول من لا يملك اذنا من حزب الله، وتقفل بعض الارصفة والطرق الفرعية.
ابنية يغطيها السواد نتيجة الحريق الذي تسبب به الانفجار، شرفات طارت من مكانها، بعض الركام هنا وهناك... الا ان quot;ماكينة حزب اللهquot; بدأت فور الانتهاء من اجلاء الجرحى وسحب الجثث ورفع الادلة، ورشة تنظيف واصلاح.
فقد ردمت الهوة التي احدثها الانفجار في المكان، ونظف الشارع، ونصبت السقالات على واجهتي المبنيين الاكثر تضررا استعدادا لبدء الترميم.
وفي منطقة نادرا ما يشاهد فيها وجود فعال لاجهزة الدولة اللبنانية، يؤكد السكان، رغم شيء من القلق على وجوههم، انهم غير خائفين.
ويقول موسى، وهو صاحب محل تجاري في الشارع quot;كل شيء تغير بعد الانفجار. هذا الشارع كان آمنا جداquot;.
على بعد مئات الامتار من مكان الانفجار، يقع مجمع سيد الشهداء الذي يقيم فيه عادة حزب الله احتفالاته والذي ظهر فيه نصرالله شخصيا خلال شهر رمضان.
ويقول موسى انه quot;نجا باعجوبةquot; من الانفجار، مضيفا quot;لا نشعر بالخوف. حتى الاسرائيليين لم يخيفوناquot;، في اشارة الى حرب تموز/يوليو 2006 بين حزب الله والجيش الاسرائيلي التي استمرت 33 يوما، وتعرضت خلالها الضاحية الجنوبية لدمار هائل نتيجة القصف الجوي الاسرائيلي.
ورفعت لافتة في المكان كتب عليها بالانكليزية quot;هيهات منا الذلة!quot;.
ورغم تحميل البعض في لبنان الحزب مسؤولية الانفجار بسبب تورطه في القتال السوري، ففي الضاحية، لا يسمع الاعلاميون اي نقد للحزب.
على احد الابنية المتضررة، رفعت صورة لحسن نصرالله مع عبارة quot;انها الضاحية ايها الحمقىquot;.
وتعبر زينب، وهي ام لطفلتين، عن املها بعدم حصول تفجير جديد quot;بعون الله والمقاومةquot;، وسط شائعات وتقارير امنية تتناقلها وسائل الاعلام منذ ايام عن مخطط لتنفيذ تفجيرات عدة في مناطق نفوذ حزب الله.
بعيدا عن آلات التصوير، يقول محمد quot;الجميع هنا يتساءل اين سيكون الانفجار الجديد؟ في الاوزاعي؟ في حي السلم؟quot;، وهما حيان آخران من الضاحية.
ويضيف quot;العديد من الشيعة اللبنانيين ذهبوا في رحلات حج الى العراق، وشاهدوا الاعتداءات والحواجز... نتحدث بين بعضنا بوجوب تجنب الاسواق الشعبية، والناس خائفون خصوصا من اقتراب فصل المدارسquot; وازدياد نسبة الزحمة في الطرق.
في مناطق اخرى يتمتع فيها حزب الله بنفوذ قوي مثل بعلبك (شرق)، افاد مراسلون لوكالة فرانس برس عن انتشار حواجز ومسلحين تابعين للحزب في الطرق للتدقيق في السيارات والمارة.
وافاد سكان ان الاكثر عرضة للشبهة هم السوريون الذين يتعرضون لاجراءات تفتيش مشددة.
ويقول شاب مشارك في تنفيذ التدابير الامنية في الضاحية quot;انزلقت الحرب في سوريا الى هنا. وما هذه الا البدايةquot;.
التعليقات