غاز السارين فتك اليوم بألف سوري، وترك أكثر من ثلاثة آلاف بين الموت والحياة، فالإصابة سهلة لكن العلاج منه قد لا يتوافر سريعًا، ما يؤدي إلى الموت السريع.


بيروت: أكثر من ألف قتيل وثلاثة آلاف مصاب حصيلة سقوط صواريخ محملة رؤوسًا كيميائية، تحتوي غاز السارين، على مدن وبلدات في ريف دمشق، في الغوطتين الشرقية والغربية. هذا العدد مرشح للارتفاع في كل لحظة، لأن المستشفيات والمستوصفات الميدانية التي استحدثها الثوار السوريون لا تستطيع تحمل هذا العدد الكبير من المصابين بغاز الأعصاب في آن واحد.

ما هو سارين؟

غاز السارين هو غاز بلا لون وبلا رائحة، ويعتبر من غازات الأعصاب شديدة السمية. فهو يشبه في تركيبته مبيدات الحشرات، بحسب ما يفيد به المركز الأميركي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها.

والتعرض لهذا الغاز يؤدي إلى تكون غشاوة في البصر، وصعوبة في التنفس، واختلاج في العضلات، والتعرق، والتقيؤ، والإسهال، والغيبوبة، وتوقف الرئتين، فالموت. وهذه هي الأعراض التي شاهدها العالم منذ الصباح على أشرطة فيديو بثها الناشطون السوريون على مواقع التواصل الاجتماعي.

وتظهر الأعراض بعد ثوان معدودة من التعرض للغاز حين يكون في صورة بخار، وبين دقائق معدودة إلى 18 ساعة بعد التعرض له حين يكون في صورة سائلة. والتعرض لغاز السارين الفتاك بطرق عدة، إستنشاقًا إلى الرئتين أو ترشحًا عبر الجلد. وبما أن السارين يمتزج بالماء بسهولة، يمكن أيضا استخدامه لتسميم المياه.

تدابير سريعة

الشفاء من التعرض لغاز السارين ممكن بالعلاج، شريطة الاسراع في استخدام المضادات الحيوية لتكون فعالة. وينصح العلماء بتجنب التعرض للغاز، بمغادرة المنطقة المسمومة، والانتقال إلى مكان أعلى لأن سارين أثقل من الهواء، وبالتالي يستقر في المناطق الخفيضة.

وإذا تم ابتلاع غاز السارين، يجب عدم تحريض القيء أو إعطاء سوائل للشرب، بل تلقي العناية الطبية على الفور. وإذا أعتقد الناس أنهم تعرضوا للغاز، عليهم خلع ملابسهم، وغسل كامل الجسم بسرعة بالماء والصابون، وغسل العينين بالماء لمدة 10 إلى 15 دقيقة إذا كانت العيون تحرق، أو إذا كانت الرؤية غير واضحة اثر التعرض للمواد الكيميائية، وطلب الرعاية الطبية في أسرع وقت ممكن.

والأطباء يصرون على التخلص الفوري من الملابس، وقص الملابس التي تلبس عن طريق فتحة الرأس، ووضعها في كيسين بلاستيكيين متتاليين، وإبقائها بعيدًا عن متناول اليد، حتى تتسلمها السلطات المختصة.

سلاح حربي

يعود أول استخدام هذا الغاز في الحروب إلى أيام ألمانيا النازية، التي خططت لإنتاجه على نطاق واسع خلال الحرب العالمية الثانية، من دون أن تكمل.

وفي الحرب الباردة، أنتجت دول معسكري وارسو والناتو غاز السارين بهدف استخدامه في الحروب، إلا أن التقارير الأولى حول لجوء الجيوش إليه بشكل كثيف في حرب نظامية فتعود إلى الحرب بين العراق وإيران، إذ تشير إلى أن الجيش العراقي استخدم هذا الغاز في عملية عسكرية نفذها في العام 1988 ضد مدينة حلبجة الكردية، وأدى ذلك إلى مقتل الآلاف. وتم ذلك تحت إشراف علي الكيماوي، أحد أركان نظام صدام حسين.

وفي العام 1994، أطلقت جماعة أوم شينريكو الدينية اليابانية كميات من هذا الغاز في مترو الأنفاق في العاصمة طوكيو، فقتل 13 شخصًا، وذلك بعد عام واحد من توقيع 162 دولة معاهدة الحد من انتشار الأسلحة الكيميائية، أشرفت عليها الأمم المتحدة، تحظر إنتاج وتخزين واستخدام غاز سارين.

كميات ضئيلة

تقول مصادر في أجهزة المخابرات الغربية إن سوريا تملك مخزونًا كبيرًا من هذا الغاز، إلى جانب أسلحة كيميائية أخرى. ولم تنف دمشق هذا الاتهام يومًا، بل اكتفت بالتأكيد أنها لن تستخدم هذه الأسلحة، إن وجدت، ضد شعبها، وفقًا لبيانات متكررة من وزارة الخارجية السورية.

ويقول خبراء في هذا المجال إن النظام السوري قد يستخدم نسبا ضئيلة من هذا الغاز الفتاك، لوقف تقدم المعارضة حيث تتقدم، ولإجبارها على التراجع متى وجد نفسه مرتبكًا. كما أن استخدام قنابل صغيرة تحتوي على هذا الغاز لا يترك آثارًا كبيرة يمكن أن تستخدم دليلًا على الاستخدام، كما حدث في خان العسل، وفي بعض مناطق حمص، التي توجه فيها سوريا وروسيا أصابع الاتهام إلى المعارضة. ويعد ما حصل فجر اليوم الأربعاء أكبر استخدام لغاز سارين في سوريا.