القاهرة: حسني مبارك الذي خرج من السجن الخميس ليخضع للاقامة الجبرية، حكم مصر بيد من حديد وبلا منازع لثلاثة عقود، قبل ان تطيح به ثورة شعبية في شباط/فبراير 2011.
ويشكل خروج مبارك من السجن اليوم تحولا كبيرا للاحداث في مصر رغم رمزيته، اذ
اصبح للبلاد رئيسان سابقان يخضعان للاقامة الجبرية، ثانيهما الاسلامي محمد مرسي الذي عزله الجيش في تموز/يوليو الماضي.
وقضت محكمة استئناف في القاهرة الاربعاء باخلاء سبيل مبارك على خلفية قضية quot;هدايا الاهرامquot;، اخر قضية كان يسجن على ذمتها.
غير ان مبارك لا يزال يحاكم في ثلاث قضايا من بينها التواطؤ في مقتل متظاهرين قبيل سقوطه في شباط/فبراير 2011، وهي قضية سبق وان تقرر اخلاء سبيله فيها بسبب انقضاء المدة القانونية لحبسه احتياطيا (24 شهرا)، على ان تستكمل جلساتها الاحد.
وادت محاكمة اولى في حزيران/يونيو 2012 الى الحكم بالسجن المؤبد على الرئيس الاسبق على خلفية هذه القضية، لكن محكمة النقض امرت مجددا باجراء محاكمة جديدة بدات في 11 ايار/مايو.
وقتل نحو 850 متظاهرا ابان الانتفاضة التي اطاحت نظام مبارك. وكان مشهد مبارك داخل القفص لاول مرة عند بدء المحاكمة في الثالث من اب/اغسطس 2011 مشهدا تاريخيا وخصوصا انه اول رئيس عربي يعتقل ويحال على المحاكمة.
وقد مثل الرئيس السابق طوال محاكمته على سرير نقال داخل قفص الاتهام في مشهد يتناقض كثيرا مع صورته السابقة كزعيم قوي مرهوب الجانب.
وعانى مبارك من اكتئاب حاد وصعوبة في التنفس ومشاكل قلبية وارتفاع في ضغط الدم وفقا لمحاميه ولمصادر طبيه، ونقل اكثر من مرة الى المستشفى منذ ايداعه السجن وخصوصا بعد اصابته بجلطة دماغية في نهاية حزيران/يونيو 2012 وسقوطه في الحمام في 19 كانون الاول/ديسمبر من العام ذاته.
وفي 27 كانون الاول/ديسمبر امر النائب العام بنقله الى مستشفى المعادي العسكري لاصابته بارتشاح في الرئة وكسور في الضلوع. ومنذ ذلك الحين لم تصدر اي معلومات عن حالته الصحية.
ويواجه مبارك الذي حكم اكبر دولة عربية من حيث عدد السكان، مع نجليه جمال وعلاء اتهامات بالفساد ايضا.
وفتح الباب امام تولي مبارك الرئاسة عند اغتيال الرئيس الاسبق انور السادات على يد اسلاميين في العام 1981 حيث كان نائبا للرئيس في وقت لم يكن احد يتوقع مستقبلا كبيرا لهذا الرجل الذي يفتقد الى الكاريزما.
عرف عن مبارك انه رجل براغماتي غير انه فقد شيئا فشيئا صلته بالشعب واصبح عنيدا ومتكبرا وقد اعتمد على جهاز امني مخيف وحزب يأتمر بأوامره ليحكم البلاد بشكل فردي طوال ثلاثين عاما.
وكان التزامه رغم كل الانواء والاحتجاجات بمعاهدة السلام التي ابرمها سلفه مع اسرائيل عام 1979 وحرصه على ان يظل ضمن ما عرف بمعسكر الاعتدال في العالم العربي سببين رئيسيين لتأييد الغرب لنظامه، وخصوصا الولايات المتحدة التي ظل حليفا لها على الدوام.
وظل مبارك بشعره الاسود المصبوغ رغم مرور الزمن وبنظرته التي يخفيها في غالب الاحيان خلف نظارات سوداء، وجها مألوفا في الاجتماعات الدولية على مدى سنين حكمه.
ورغم تصديه بقوة للجماعات الاسلامية المتطرفة، لم يتمكن مبارك من وقف تصاعد الاسلام الاصولي الذي تجسده جماعة الاخوان المسلمين وهي تعد اليوم اكثر الحركات السياسية تنظيما على الساحة السياسية.
ولد محمد حسني مبارك في الرابع من ايار/مايو 1928 في عائلة من الطبقة الريفية المتوسطة في دلتا مصر. وصعد سلم الرتب العسكرية في الجيش الى ان اصبح قائدا للقوات الجوية ثم نائبا للرئيس في نيسان/ابريل 1975.
وخلال مسيرته الطويلة، تعرض لست محاولات اغتيال ما جعله يرفض رفع حالة طوارىء في البلاد على مدى توليه الحكم.
وقد غذى صعود نجم نجله الاصغر جمال القريب من اوساط رجال الاعمال، الشكوك بشأن عملية quot;توريثquot; للحكم خلال الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في ايلول/سبتمبر 2011 ما ادى الى احتجاج المعارضة.
في المقابل فان الانفتاح الاقتصادي الذي تسارعت وتيرته في السنوات الاخيرة من عهده اتاح تحقيق طفرة اقتصادية وظهور quot;ابطالquot; مصريين في مجال الاتصالات او الانشاءات.
الا ان نحو اربعين بالمئة من 82 مليون مصري لا يزالون يعيشون باقل من دولارين في اليوم وفقا للتقارير الدولية، في وقت تتهم البلاد بانتظام في قضايا فساد.
ولمبارك الذي خضع في اذار/مارس 2010 لجراحة لاستئصال الحوصلة المرارية في المانيا، ابن اخر هو علاء نجله البكر من زوجته سوزان ثابت التي كان يطلق عليها quot;سيدة مصر الاولىquot; ويقال انه كان لها تاثير كبير على زوجها.
ومن المتوقع ان ينقل مبارك (85 عاما) الممنوع من السفر بمروحية من سجن طرة في القاهرة الى مكان يحدده رئيس وزراء السلطة المؤقتة حازم الببلاوي، سيخضع فيه للاقامة الجبرية.