أظهرت استطلاعات رأي أجريت في مصر أخيرًا أن هناك تضاربًا كبيرًا بينها في نتائجها، ويتبيّن من خلال قراءتها أنها توظف في الصراع السياسي المحتدم بين جماعة الإخوان المسلمين والسلطة الموقتة، التي تدير البلاد بعد إسقاط مرسي.


صبري عبد الحفيظ من القاهرة: قال خبراء إن استطلاعات الرأي لا تعتمد على المعايير المتعارف عليها دوليًا، وتجري بشكل ينطوي على العشوائية، بما يخدم مصالح أطراف سياسية دون غيرها.

57 % يحملون الإخوان مسؤولية العنف
كشف استطلاعان للرأي أجريا في مصر أخيرًا أن ثمة تضارباً في نتائج استطلاعات الرأي. وأظهرت نتائج استطلاع رأي أجراه المركز المصري لبحوث الرأي العام quot;بصيرةquot; أن quot;57 % من المصريين يحمّلون جماعة الإخوان المسلمين المسؤولية الكاملة عن أحداث العنف، التي رافقت وتلت عملية فضّ اعتصامي أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي في ميداني رابعة العدوية ونهضة مصرquot;.

أضاف الاستطلاع، الذي أجري في الفترة من 19 إلى 21 أغسطس/ آب الجاري على عيّنة من 1395 مصريًا على مستوى الجمهورية، تبدأ أعمارهم من 18 سنة، أن 29% من المصريين يرون أن الإخوان مسؤولون بشكل جزئي عن هذه الأحداث، فيما قال 5% إن الجماعة غير مسؤولة عن أي شكل من العنف في مصر، وأفاد 6% من العينة أنهم لا يستطيعون تحديد المسؤول عن العنف.

69 % يرفضون الإخوان سياسيًا
وحسب نتائج استطلاع quot;بصيرةquot;، فإن quot;69% من المصريين يرفضون استمرار جماعة الإخوان المسلمين في الحياة السياسية، بينما وافق 13% على استمرارها، شريطة أن تكون جماعة دعوية، ولا تعمل في السياسة، وتبتعد عن العنف، وتراجع مواقفها.

وفي ما يخص مدى الرضا عن حكم الإخوان، أظهر الاستطلاع أن quot;78% من الأفراد المشمولين في العيّنة يعتقدون أن حكم الإخوان كان أسوأ مما كانوا يتوقعون، بينما قال 3% إنه كان أفضل من المتوقع. وأعرب 12% عن رأيهم في أن حكم الإخوان جاء كما توقعوا، سواء كان جيدًا أو سيئًا، وأشار 7% إلى أنهم لا يستطيعون الحكمquot;.

73 % يتهمون السيسي بارتكاب مذابح
وبينما حمّلت نتائج استطلاع رأي مركز quot;بصيرةquot; الإخوان المسؤولية عن العنف وسقوط ضحايا، أظهرت نتائج دراسة أخرى أجراها مركز دراسات الإعلام والرأي العام quot;تكامل مصرquot;، أن 73% من المصريين يحمّلون عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع المسؤولية عمّا وصفه المركز بـquot;مذابحquot;، وحمّل 19% من المصريين جماعة الإخوان المسلمين المسؤولية.

أضاف المركز أن 79% من العيّنة، التي شاركت في الاستطلاع، وصفت عملية فضّ اعتصام أنصار مرسي في ميدان رابعة العدوية بأنها quot;جريمة ضد الإنسانيةquot;، في حين قال 19% من المصريين إن ما حدث هو فرض لهيبة الدولة. وأعرب 6% من المصريين عن إعتقادهم بأن جميع القوى السياسية مسؤولة عن الأحداث، بينما قال 2% من المصريين إنهم لا يستطيعون إصدار حكم في هذا الشأن.

توظيف سياسي
يتضح من خلال الاستطلاعين أن ثمة تضارباً واضحاً في النتائج، مما يشير إلى توظيف سياسي لاستطلاعات الرأي. وقال الدكتور خالد خيرت، أستاذ الرأي العام في جامعة الأزهر، لـquot;إيلافquot;، إن استطلاعات الرأي في مصر تفتقد للمعايير الدولية المتعارف عليها، مشيرًا إلى أنها عادة ما تجري بطريقة عشوائية، وتجري على عينات معروفة توجهاتها مسبقًا.

وأوضح أن أي مركز تابع لجماعة الإخوان لو أراد إجراء دراسة أو استطلاع رأي يخدم توجهاته السياسية، فسوف يعتمد على عينة من أنصاره، الذين يتركزون في مناطق معينة، سواء في الريف أو الحضر أو المناطق الفقيرة أو الأحياء الراقية، ونبّه إلى أن الكلام نفسه ينطبق على الطرف الآخر في الأزمة السياسية الراهنة.

ولفت إلى أن مصر بعد إسقاط الرئيس السابق حسني مبارك، وعند دخولها تجربة الديمقراطية، يتم توظيف استطلاعات الرأي فيها بما يخدم أطرافاً سياسية بعينها، وضرب مثالًا بتجربة الانتخابات الرئاسية. وأوضح أن المراكز البحثية التابعة للإخوان كانت تظهر تقدم محمد مرسي على جميع منافسيه الثلاثة عشر، وتظهر شفيق في المؤخرة، في حين أن مراكز أخرى رسمية كانت تظهر عمرو موسى أو شفيق في المقدمة، ومرسي في المؤخرة.

ونبّه إلى أن القوات المسلحة إضطرت إلى إلغاء استطلاع للرأي، كانت تجريه حول المرشحين، بعد إختراقه من قبل أنصار عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية السابق، والذي كان أحد المرشحين وقتها.

وتعتبر الدراسات واستطلاعات الرأي العام أحد أهم أدوات التأثير في الجماهير. وقال الدكتور سامح علي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، إن المراكز البحثية في مصر وغالبية دول العالم تسير حسب الأهواء السياسية للقائمين عليها.

وأضاف لـquot;إيلافquot; إن الدراسات التي تعتمد على نتائج لا تحتمل التشكيك، كتلك التي تجريها أجهزة المخابرات، والتي لا يتم الإعلان عنها في الغالب، حيث يتم وضع خطط بناء على نتائجها، مشيرًا إلى أن الأزمة السياسية في مصر شائكة ومعقدة، ولن يستطيع أحد الحكم عليها في حينها، بل يكون القول الفصل فيها للتاريخ.