اتهم خطباء جمعة سنة عراقيون المالكي بالتعامل بازدواجية طائفية مع العراقيين، من خلال دعم الشيعة ومطالبهم، ومحاربة السنة واحتجاجاتهم، في وقت حذر السيستاني من مخاطر استمرار العنف المذهبي في البلاد.. بينما رفضت الرئاسة العراقية اتهامها بتعطيل تنفيذ أحكام الإعدام بحق الإرهابيين، معتبرة ذلك مزايدات سياسية.


أسامة مهدي: شهدت المحافظات العراقية الست المحتجة اليوم الجمعة صلوات موحدة وإعلانًا باستمرار الاعتصامات حتى تنفيذ مطالب المتظاهرين. وقالت اللجان الشعبية للحراك الشعبي المستمر منذ تسعة أشهر في محافظات الأنبار وصلاح الدين ونينوى وديالى وكركوك ومناطق من بغداد إن احتجاجات اليوم جرت تحت شعار quot;ازدواجيتكم أكدت طائفيتكمquot; لرفض ازدواجية التعامل الطائفي، الذي يمارسه رئيس الوزراء نوري المالكي مع مطالب العراقيين في جنوب البلاد الشيعي، ووقوفه ضد مطالبهم في محافظات غربها.

معايير استنسابية
وقال خطيب جمعة ساحة الاعتصام في مدينة الرمادي عاصمة محافظة الأنبار (110 كم غرب العراق) الشيخ حسين الدليمي إن المالكي يتعامل بازدواجية طائفية واضحة مع العراقيين، مشيرًا إلى أنه في الوقت الذي يصف فيه تظاهرات محافظات الجنوب المطالبة بإلغاء رواتب البرلمانيين وامتيازات كبار المسؤولين بأنها مشروعة ومنضبطة، فإنه يصف احتجاجات المحافظات الغربية بأنها quot;نتنةquot;. كما إنه في الوقت الذي يشكل لجانًا للتحقيق في اعتداءات قوات الأمن على متظاهري الجنوب، فإنه يأمر تلك القوات بالاعتداء على المعتصمين في المحافظات الغربية والشمالية، وارتكاب مذابح بحقهم، مثلما حصل في الفلوجة والحويجة.

وتساءل قائلًا quot;أي ازدواجية هذه التي يتعامل بها المالكي الذي تسلط على رقاب العراقيين؟quot;. وحذر من أن تعامل المالكي بهذه الطائفية سيجعل البلد مفككًا، وقد يقوده إلى التقسيم. وقال إن الحكومة تتغاضى عن تفجير الميليشيات المفخخات وقتلها الشعب، وفي الوقت عينه تنكّل بسكان حزام بغداد عبر اعتقالات وتعذيب لأسباب طائفية.

وشدد الخطيب على ضرورة اتفاق أهل السنة في العراق على مشروع موحد ينقذهم مما أسماها بالمظالم، التي يتعرّضون لها، ويحفظ لهم عزتهم وكرامتهم. وحذر بالقول quot;وإلا فإن هذا الحاكم المالكي، الذي يتعامل بهذه النظرة الطائفية الازدواجية، لا يرجى منه الخيرquot;، بحسب قوله.

ودعا محافظ الأنبار الجديد إلى مكافحة الفساد والمفسدين، إلى أن يبدأ بعمليات تغيير حقيقية في القطاعات الأمنية والخدمية والإدارية والصحية، ورفع الظلم عن المعتقلين الأبرياء، وإطلاق سراحهم من السجون، التي قال إنها ملئت بهم بسبب مواقفهم الرافضة لسياسات الحكومة.

وفي محافظة ديالى (65 كم شمال شرق بغداد) فقد طالب خطباء الجمعة الحكومة بالكفّ عن سياسة التهميش والإقصاء، مطالبين بتغيير مسار العملية السياسية بشكل يخدم المصلحة العامة، ودعوا إلى إخراج الأبرياء من السجون وتحقيق التوازن الوطني وإلغاء قانون المساءلة والعدالة لاجتثاث البعث وقانون مكافحة الإرهاب.

هيبة الحكومة سقطت
أما في مدينة الفلوجة في محافظة الأنبار، فقد اعتبر خطيب الجمعة أن هيبة الحكومة في العراق سقطت بنظر المعتصمين وأبناء البلاد بسبب ازدواجية وطائفية رئيسها المالكي. وهاجم استمرار حكومة بغداد بما أسماه النفاق والمماطلة في تحقيق مطالب المحتجين في المحافظات الست.

وتشهد محافظات بغداد والأنبار وصلاح الدين وديالى وكركوك ونينوى منذ 23 كانون الأول (ديسمبر) الماضي تظاهرات احتجاج واعتصامات تطالب بإطلاق سراح المعتقلات والمعتقلين الأبرياء ومقاضاة quot;منتهكي أعراضquot; السجينات، فضلًا عن تغيير مسار الحكومة وإلغاء المادة 4 إرهاب وقانوني المساءلة والعدالة والمخبر السري وإصدار عفو عام وإلغاء الإقصاء والتهميش لمكونات عراقية.

السيستاني: لإلغاء امتيازات الكبار
وحذّرت المرجعية الشيعية العليا من مخاطر استمرار أعمال العنف الطائفية في بعض مناطق البلاد من دون أن يكون هناك تحرك سريع لمنع تكرارها، مجددة رفضها استخدام القائمة المغلقة والدائرة الانتخابية الواحدة في الانتخابات المقبلة، ومعتبرة في الوقت نفسه أن قرار المحكمة الاتحادية العليا باستبدال أكثر من 40 عضوا من أعضاء مجالس المحافظات بأعضاء آخرين جاء متأخرًا وسيؤدي إلى إرباك في عمل بعض المجالس.

وقال الشيخ عبد المهدي الكربلائي معتمد المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني خلال خطبة صلاة الجمعة في مدينة كربلاء (110 كم جنوب بغداد) إن الأسبوع الماضي شهد تفجيرات تذكر بالعمليات الإجرامية ذات الطابع الطائفي في عامي 2006 و2007، وكما حصل في البصرة من استهداف لإمام وخطيب جامع التقوى من الأخوة السنة وقتل أفراد أسرتين بالكامل في منطقة اللطيفية، وهدم المنزلين عليهما، إضافة إلى استمرار مسلسل تفجيرات طوزخورماتو، وكذلك استمرار التفجيرات في بغداد وديالى.

وحذر من عودة الاقتتال الطائفي إلى المناطق المختلطة بعد تكرار العمليات الإرهابية ذات الصبغة الطائفية فيها. وقال إن لهذه الأحداث آثارا وخيمة وتداعيات خطيرة على النسيج الاجتماعي للعراقيين. وأوضح الكربلائي quot;أن هذا النوع من الجرائم في اللطيفية والبصرة ومناطق أخرى له لون طائفي، سواء أكان يصدر من هنا أو هناك، تترتب عليه آثار وخيمة وكارثية، ويعيدنا إلى الأجواء التي حصلت عام 2006 وما بعدها، حيث تشهد المناطق نفسها التي كثرت فيها الاعتداءات ذات الطابع الطائفي أعمالًا إرهابية جديدة بالطابع السابق عينه، ولذلك نحذّر من استمرار هذه الأعمال الإجرامية من دون أن يكون هناك تحرك سريع لمنع تكرارها، وبالتالي تحتاج تركيزًا أكبر من قبل القوات الأمنية، لما لها من تداعيات خطيرة على التعايش السلمي في المناطق المختلطةquot;.

وحول ما يتعلق بقانونين مهمين سيطرحان على مجلس النواب للتصويت، وأحدهما قانون التقاعد الموحد، أوضح أن المرجعية الدينية العليا طالبت قبل أكثر من سنتين باتخاذ قرارات حاسمة لإلغاء الامتيازات غير المقبولة لأعضاء مجالس النواب ومجالس المحافظات وكبار المسؤولين من الوزراء وذوي الدرجات الخاصة والامتناع عن استحداث مناصب حكومية غير ضرورية تكلّف سنويًا مبالغ طائلة من أموال الشعب.. وكذلك اتخاذ خطوات جادة وملموسة في سبيل تحسين الخدمات العامة، ولا سيما الطاقة الكهربائية.

وأشار خطيب كربلاء في خطبته التي نقلتها من المدينة وكالة quot;نونquot; للأنباء إلى أن التأكيد الشديد من المرجعية على إلغاء هذه الامتيازات هو تحقيق لمبدأ العدالة الاجتماعية، إذ إن أشد ما يؤلمها وتحاول أن تتفاداه هو عدم وجود عدالة اجتماعية، لأن لهذه المسألة تأثيرًا كبيرًا على الاستقرار السياسي والاجتماعي والنفسي للمجتمع.

غبن اجتماعي
وقال إنه ليس من الإنصاف أن يكون هناك أناس موظفون يعملون 30 سنة ويخدمون وتذهب أعمارهم في السلك العام للوظيفة، ثم يستلمون راتبا تقاعديًا بسيطًا، في حين أن هناك أشخاصًا خدمتهم سنة واحدة أو سنتان أو أربع سنوات، ويستلمون راتبًا ضخمًا. وأوضح أنه توجد بين الرواتب التقاعدية لملايين الموظفين فوارق فاحشة تشعرهم بالغبن الاجتماعي الكبير.

وحول القانون الثاني المتعلق بالانتخابات العامة فقد أكد الكربلائي رفض المرجعية للقائمة المغلقة والدائرة الانتخابية الواحدة في الانتخابات المقبلة، موضحًا أن القائمة المغلقة تغلق الطريق أمام الناخبين لأن ينتخبوا مَن يريدون أن يصلوا إلى مقاعد مجلس النواب، إذ لا يسع المواطن أن يصوّت لمن يريد ويرغب في أن ينتخبه، بل سيذهب صوته إلى شخص آخر لا يريد أن ينتخبه، وهذا شيء خطير، ولا بد أن يوضع حد له، ولا نريد أن نكرر التجربة السابقة التي أثبتت فشلها.

وحذر من أن الإصرار على القائمة المغلقة سيؤدي إلى عزوف وعدم رغبة المواطنين في المشاركة في الانتخابات. وأشار قائلًا quot; أما الدائرة الانتخابية الواحدة فإنها لا تحقق تمثيلًا متناسبًا لجميع مكونات الشعب العراقي، فحتى يكون هناك تمثيل لجميع المكونات بصورة تتناسب مع حجمها، لا بد من اعتماد الدوائر الانتخابية المتعددة، والدائرة الواحدة لا تحقق هذا الغرض.

وحول ما يتعلق بقرار المحكمة الاتحادية العليا باستبدال أكثر من 40 عضوا من أعضاء مجالس المحافظات بأعضاء آخرين، أكد الشيخ الكربلائي أن هذا القرار جاء متأخرًا، فبعدما صادقت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات على توزيع المقاعد واختيار الأعضاء للمجالس جاء هذا القرار الذي سيؤدي إلى إرباك في عمل بعض المجالس، إضافة إلى أن هذا النمط من التأخير سيضر بالعملية الانتخابية وبثقة المواطن بالمفوضية وبالمحكمة الاتحادية، إذ يفترض بهذه المحكمة أن تصدر توصياتها وتعليماتها قبل مصادقة المفوضية على نتائج تلك الانتخابات التي جرت في نيسان (أبريل) الماضي.

الرئاسة تعتبر اتهامها بتأخير تنفيذ الإعدامات دعاية سياسية
وصف نائب الرئيس العراقي خضير الخزاعي اتهامات النائب الشيعي المستقل حسين الأسدي للرئاسة بالتقصير في المصادقة على أحكام الإعدام بحق الإرهابيين بأنها تجاوزت على ثوابت القانون وآليات عمل المؤسسات الدستورية. وأبدى استغرابه من quot;اتهام رئاسة الجمهورية بالتقصير في المصادقة على تنفيذ الأحكام التي يصدرها القضاء العراقي بحق المدانين بقضايا الإرهابquot;. وقال إن quot;الجهل بالسياقات القانونية الخاصة بالمصادقة على تنفيذ الأحكام الصادرة من القضاء العراقي لا يبرر هذه اللهجة والتعبيرات غير المسؤولة التي يراد منها الدعاية الانتخابية والمكاسب السياسيةquot;.

وكان العراق نفذ حكم الإعدام خلال الشهر الماضي بعشرين مدانًا بعد اكتساب أحكامهم القضائية للدرجة القطعية مع المصادقة عليها من رئاسة الجمهورية لثبوت إدانتهم بجرائم إرهابية ضد الشعب العراقي. وأكد الخزاعي في بيان صحافي اليوم الجمعة أن quot;الواجب القانوني والمهام الرسمية والتكليف الشرعي تدفع كلها بمؤسسة الرئاسة إلى توخي منتهى الدقة في التوقيتات وصلاحيات الأحكام، ولا تحتاج من يوجّه عملها، وليس الذين يتحدثون بهذه المجانية أكثر حرصًا من الرئاسة في تطبيق العدالة والاقتصاص من القتلة والمجرمينquot;. ودعا النواب والإعلاميين إلى quot;الالتزام بالمعايير المهنية وعدم التدخل في ما لا يفقهون أو على الأقل وكما تقتضي السياقات القانونية والمهنية النيابية طلب المشورة والسؤال من أية دائرة قانونية أو حتى من رئاسة الجمهورية نفسهاquot;.

وكان النائب الأسدي أعلن أمس عن رفع دعوى قضائية ضد الخزاعي ورئيس ديوان الرئاسة نصير العاني لعدم المصادقة على قرارات الإعدام بحق المدانيين. وقال خلال مؤتمر صحافي إن quot;هناك أدلة ضد المئات من الإرهابيين الكبار ممن صادقت عليهم المحاكم المختصة بالإعدام، إلا أن رئاسة الجمهورية لاتزال تعرقل سير العدالة وتضيع حقوق الأبرياءquot;. وأكد أنه quot;رفع دعوى لدى مجلس القضاء الأعلى ورئاسة الإدعاء العام، الأربعاء، ضد خضير الخزاعي بصفته رئيس الجمهورية بالنيابة ورئيس ديوان الرئاسة نصير العاني، لعدم مصادقتهما على أحكام الإعدام الصادرة بحق المدانينquot;.

وكانت منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون أعربت، في آذار (مارس) الماضي عن قلقها من تنفيذ عقوبة الإعدام في العراق، وأكدت أن الاتحاد الأوروبي quot;يعارض حكم الإعدام، والعراق يدرك ذلكquot;، فيما دعت الحكومة العراقية إلى quot;إلغاء تلك العقوبة نهائيًاquot;. من جانبها اعتبرت منظمة العفو الدولية في آذار/مارس الماضي أن quot;حالات التعذيب في السجون لا تزال مستمرة على الرغم من مرور عشر سنوات على سقوط نظام صدام حسينquot;. ودعت السلطات العراقية إلى quot;وضع حد لهذه الحلقة الفظيعة من الانتهاكات ووقف تنفيذ عمليات الإعدام كخطوة أولى على طريق إلغاء تلك العقوبةquot;.

وكانت السلطات العراقية أعادت العمل بتنفيذ عقوبة الإعدام في عام 2004 بعدما كانت هذه العقوبة معلقة خلال المدة التي أعقبت دخول القوات الأميركية للعراق.. ويسمح القضاء العراقي بعقوبة الإعدام في نحو 50 جريمة، منها الإرهاب، والاختطاف، والقتل، وتتضمن أيضًا جرائم أخرى، مثل الإضرار بالمرافق والممتلكات العامة.

وخوّل رئيس الجمهورية جلال طالباني في 13 حزيران (يونيو) عام نائبه خضير الخزاعي بالتوقيع على أحكام الإعدام، حيث يعارض طالباني التوقيع على أحكام الإعدام بسبب توقيعه على وثيقة دولية تناهض إصدار أحكام الإعدام، الأمر الذي قد يعرضه لانتقادات كثيرة.