إسقاط نظام الأسد في سوريا، سيؤدي بشكل شبه مؤكد إلى حكومة سنية، مما سيفسد التوازن في العراق بين السنة والشيعة، ويعمّق الشقاق بينهما، خصوصًا وأن سنة العراق وشيعته يرتبطان بعلاقات أسرية وقبلية مع السوريين. وهو ما قد يجعل من السهل على أي حكومة سنية جديدة في سوريا أن تكسب النفوذ وتثير اضطرابات في العراق.


لميس فرحات من بيروت: بعد سنوات من الحرب والدمار، نجح العراق في الحد من التوترات الطائفية والعنف وإن بنسبة خجولة، وذلك منذ العامين 2006 و2007، حتى اندلعت الحرب في سوريا.

مشاهد العنف الطائفي كانت أمراً معتاداً في العراق في ذروة الحرب الأهلية التي عصفت بالبلاد بين العامين 2006 و2007. وعلى الرغم من أن جراح المجتمع العراقي لم تلتئم وما زالت أرضه ساحات للعنف والاقتتال المذهبي، إلا أن الوضع كان يتجه نحو التحسن حتى اندلاع الحرب الطاحنة في الجوار.

صراع مرير

مع استمرار الحرب الأهلية في سوريا ودخولها عامها الثالث، يخشى العراقيون أن مصيرهم قد يكون مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بجيرانهم. السنة والشيعة في العراق هم أطراف متنافسة في الصراع المرير في البلا، كما أن المتشددين من كلا الطرفين يعبرون الحدود إلى سوريا للقتال نيابة عن حلفائهم، ويقلق العديد من المراقبين من أن quot;اجتياح الأزمة السورية للعراقquot; ليس سوى مسألة وقت.

سنة وشيعة

سكان العراق هم في الغالب من المسلمين، وينقسمون بين السنة والشيعة. وكان السنة يتمتعون بنفوذ ضخم في الحكومة خلال حكم صدام حسين، لكن بعد الغزو الأميركي حصل الشيعة على الحصة الأكبر في الحكومة العراقية.

والآن يتهم كثير من العراقيين رئيس الوزراء نوري المالكي بمحاولة احتكار السلطة مع زملائه الشيعة واستبعاد السنة عن الحكم في البلاد.

واعتبرت صحيفة الـ quot;كريستيان ساينس مونيتورquot; أن السيناريو في سوريا مشابه، لكن مع اختلاف اللاعبين، فالمعارضة تتألف بمعظمها من السنة الذين عانوا من التمييز على يد حكومة الرئيس بشار الأسد العلوية.

وعندما تحولت الانتفاضة إلى اتجاه عنيف، بدأ بعض من السنة في العراق بعبور الحدود للقتال الى جانب الثوار.

أما الشيعة، فوقفوا إلى جانب الأسد وأرسلوا مقاتلين أيضاً.
ويخشى كثير من العراقيين الآن أن المقاتلين الذين انتقلوا إلى سوريا قد يعودون إلى العراق عندما ينتهي الصراع، ويجلبون معهم مشاعر الكراهية والحقد والثأر، مما يهدد ببدء فصول جديدة للحرب الطائفية.

احتضان تنظيم القاعدة

بعيداً عن حركة مرور المقاتلين بين العراق وسوريا، فإن نتائج الحرب السورية تعتبر بمثابة مصدر قلق بالغ للعراقيين.

إسقاط الأسد، سيؤدي بشكل شبه مؤكد إلى حكومة سنية في سوريا، مما سيفسد التوازن في المنطقة بين السنة والشيعة. الشقاق السائد بالفعل بينالسنة والشيعةفي العراق، الذين يرتبط كثير منهم بعلاقات أسرية وقبلية مع السوريين عبر الحدود، قد يجعل من السهل على أي حكومة سنية جديدة في سوريا أن تكسب النفوذ وتثير اضطرابات محتملة في العراق.

quot;السنة يشعرون بالظلم من قبل المالكي مما يجعل مناطقهم مفتوحة لتنظيم القاعدة مرة أخرىquot;، يقول ياسين البكري، أستاذ العلوم السياسية في جامعة النهرين في بغداد، مضيفاً: quot;إذا نجحت الجماعات المرتبطة بالقاعدة في إسقاط نظام الأسد، يخشى المالكي من تشكيل حكومة سنية محافظة التي ستشارك بنشاط مع الأنبار وتفرض تحديات صعبة على العراقquot;.

وسط هذا المناخ ، هناك قلق متزايد بين شيعة العراق من أن التدخل الأميركي - الذي إما أن يضعف أو يزيل الأسد - يمكن أن يعود بنتائج كارثية على العراق.

في حال وصلت حكومة الأسد إلى حافة الانهيار، يقول العراقيون إنهم يشعرون بالقلق من أن ايران - الحليف المقرب من الأسد - ستحاول توجيه المزيد من الموارد من خلال العراق إلى الحكومة السورية. هذا يمكن أن يؤدي الى اشتباكات مع الجماعات السنية.

ويتكهن بعض المحللين بأن التفجيرات الأخيرة التي استهدفت المناطق الشيعية في بغداد يمكن أن تكون انتقاماً من دعم الشيعة لحكومة الأسد.

quot;إذا لم نعزل العراق عمّا يجري في سوريا، فإن العراق سيكون دائمًا في خطر ولن يكون بإمكاننا التنبؤ بما يحمله المستقبلquot;، يقول إحسان الشمري، وهو أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد.

ويضيف: quot;أما إذا تمكنا من النأي بأنفسنا عن الأزمة السورية، فإن العراق سيكون مستقبلاً ذات يوم، لكن الامر سيستغرق عقوداً وعقوداً لتحقيق ذلكquot;.